بعيد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من سورية بادر& وزير دفاعه جيمس&&ماتيس الى الاستقالة وليتبعه بريت ماكغورك المبعوث الأميركي الخاص للحرب ضد داعش احتجاجا على قرار الانسحاب وما شكله من طعنة في ظهر شركاء واشنطن في الحرب على الاٍرهاب والمتمثلين بالدرجة الأولى في قوات سورية الديمقراطية وعمودها الفقري : وحدات حماية الشعب وهذا بطبيعة الحال شكل دلالة على الانقسام في الادارة الأميركية حيال هذا القرار الملتبس الذي بات واضحا أنه لم يحظى باجماع أركان الادارة نفسها لكنه في النهاية مرر واعتمد وبات أمراً مفعولا.
وبلا ريب فان استقالة الرجلين مؤشر الى مدى عمق احترامهما لنفسهما ولمهامهما والأهم لشركائهما ومن يفترض أنهم حلفاء واشنطن في مقارعة الاٍرهاب فرغم أنهما ليسا صانعي القرار ولا المسؤولين عنه لكنهما رغم ذلك ولكونهما جزء من الادارة وعلى تماس مباشر مع الموضوع بحكم منصبهما بادرا الى الاستقالة وتسجيل موقف مبدئي.
الأمر& الذي نفتقده في ربوعنا ويكاد يكون غائبا تماما في التقاليد والأعراف السياسية من حولنا فحس المسؤولية وثقافة الاعتذار وتحمل النتائج هي عناوين مفقودة بالمرة في ثقافاتنا الإدارية والسياسية وثمة دوما مشاجب نعلق عليها إخفاقاتنا وهزائمنا وأخطائنا بل خطايانا.
فمثلا في روج آفا ( كردستان سورية ) احتلت عفرين وسط صمت أميركا المطبق بل وعقدت الاتفاقات المريبة حول منبج من قبل واشنطن مع أنقرة وها هي الأولى تشرع في الانسحاب وبات أردوغان& على الأبواب متخذا من احتلال عفرين تمرينا على احتلال كامل روج آفا ولا زالت قوات سورية الديمقراطية ويا للمفارقة تتوغل في صحاري دير الزور& في فقدان مبرم للبوصلة ولا زالت التكتلات والوجوه الحاكمة في روج آفا الظاهرة منها والمستترة أو كما يحلو لها التسمية "شمال شرق سورية" هي هي وكأن شيئا لم يكن في حين أنه في البلدان والتجارب السياسية المتحضرة المحكومة بمؤسسات وآليات قانونية وفي ظل أنظمة الحكم الديمقراطية والمنتخبة عندما ينهار جسر& مثلا أو يقع تقصير حكومي محدود حيال كارثة طبيعية ما أو عندما ينتاب الأداء الحكومي العام أدنى خلل ولو بسيط تبادر حكومات ووزارات بأكملها الى الاعتذار وممارسة النقد الذاتي وصولا حتى الى الاستقالة أقله تعبيرا عن الإحساس بالمسؤولية والنزول من علياء السلطة المعصومة والمحصنة من الفشل والإخفاق وتكريس ثقافة المحاسبة والمسائلة والشفافية وتاليا التقويم والتجديد والتطور.