المستهلكون هم أكثر الناس أُمِّيةً في ثقافة التوفير والادخار وهنالك مجتمعات تفقه هذه السياسة المالية فمهما تعددت مصادر دخل الفرد يعيش في حلقة مفرغة ويهرول من أجل أن يأكل متناسيًا حال الغد وماذا سيكون .! وكأنه يقول نحن نعمل من أجل أن نأكل المرتب كله وهكذا تسير الحال .. إن معظم الناس مهووس بالخداع البصري حين يشاهد السلع المنتهية بموديل وبعام جديد فلا شيء يحول حول ملاحقة كل موديل من أجل التبذير فهي بالفعل عادة سيئة وإدمان وتزيد من القوة الشرائية للفرد، فهي تعتمد على مدى حرص الفرد في عملية التوازن بين التوفير والاستهلاك وتقنين المصاريف الدورية والاضطرارية فتأتي دائمًا على الخطة التي يرسمها في التقسيم .

البعض ينتابه شعور بأن الادخار هو حرمان من الاستمتاع بأمواله وهذه نقطة تثير من ترفع له لوحات تأمين الاموال ، التوفير هو ضرورة ملحَّةٌ من ضروريات الحياة التي لا ينبغي أن يغفل عنها وتروج من المؤسسات التي هدفها تنمية المجتمع والحاضنة للأموال حتى تثقف المجتمعات بسياسة التوفير فهو أمر ضرروي يسعى إلى إسعاف أي أمر طارئ لحل الأزمات المالية ، فعندما يخطط الأب حسب متطلباته فيما بعد للحفاظ على معيشة راغدة في المستقبل أو التوفير من أجل بناء منزل شخصي أو شراء سلعة فإننا حققنا الاستدامة في الأموال والحماية من القروض والتمويلات المرهقة للاستقرار والعيش ، فعندما يكون هناك ادخار من المرتب تُرسم من بداية جني الراتب سيكون هناك راحة ووقاية من هذه القروض التي ترهق كما عايشناها مع أغلب الذين يعيشون في منازل يوهمون أنفسهم أنها ملك لهم وهي في الحقيقة رهن منتهي بالتمليك فليما يعيش في وهم ؟! وهو قادر على التوفير أو القيام بعمل إضافي آخر لجني المال فعندما ننظر لشيء نريده ينبغي أن نرسم خطة حتى نجني هذا الشيء بأفضل حلول وليس بأتعسها!

أثبتت الإحصائيات أن أعلى معدل في الادخار هم الألمان بالمقابل هنالك دول أكثر شعوبًا للاستهلاك فهم يعانون من عدم تعبيد طرق الحياة لهم ، هل نحن نعتبر الشعب الأكثر استهلاكًا ؟ لن أستطيع أن أنفي الاستفهامات عن الإجابة فالأغلب يعاني من هوس البرستيج وسلوك المستهلك تصعد نحو البرستيج ونحو مايلفت الأنظار ومن السهل تشخيص سلوك المستهلك السعودي فهو جدًا مستهدف من المتاجر بالرغم من ضعف القوة الشرائية اليوم إلَّا أن المستهلكين في تكاثر وملاحقة لكل موديل ملحق مع عام جديد فهو يرى أن جنيها فخامة وهذا سلوك يستطيع المسوقين دراسته بسهولة ومعرفة نقاط الفرص وأصبحوا تجارًا بفضلهم ، فعندما نعيد دراسة سلوك المستهلك بعد غلاء المعيشة وبعد مضاعفة المقاومة وتوعية المجتمع بعد تطعيمه بأن هدر الأموال قد لايجني لك عيشة رغيدة .

فعلينا فوراً أن نبدأ بتصعيد الأمر من أعلى إلى أن نصل إليهم ; بحيث يكون هنالك برامج لحماية هذه الأموال وتكون مبرمجة شهرياً في عملية الاستقطاع ويكون مبلغًا لا يؤثر عليه عند استقطاعه ويكون إجباريًّا من جهة العمل وينتهي بعد مدة طويلة إما 10 -15سنوات أو بعد التقاعد يستطيع جنيه ليكون مبلغًا يستطيع فيه الموظف ترميم أمور حياته في المستقبل أو بعد التقاعد ويسانده مع مكافاة نهاية الخدمة، فعندما نزرع ثقافة التوفير والادخار في الوطن يعني أننا خلقنا جودة للحياة وهذا ما يتماشى مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030م في تغير سلوك حياة الفرد ليكون مُخطِّطًا ماليًّا جيدًا في محيط حياته لصناعة حياة ماليَّةٍ آمنة .