ربما عدم تشريع الدستوروتطبيقه يعد السبب الاساسي والجوهري في تفاقم الازمات والمشاكل الكبيرة التي اعقبت اقراره عام 2005 من خلال استفتاء وافق 80% من الشعوب العراقية عليه وخاصة الشيعة والكرد واهم مواده الاستراتيجية التي يتوقف عليه مصير العراق المستقبلي المادة 140 الخاصة بمعالجة الاراضي المتنازع عليها بين بعداد واربيل والتي تقضي بعودة المهجرين الكرد الذين طردهم النظام البعثي السابق من خلال&&خلال&عمليات التعريب والتهجير القسرية الى اراضيهم، وكذلك المادة 119 التي تقضي بتشكيل الاقاليم وفقا للنص الذي يقضي على بان العراق دولة اتحادية"فدرالية"، فلو اعتمد "السنة والشيعة" اللذان يكونان غالبية عرب العراق، هذه المادة المهمة كستراتيجية لحكم البلاد وانشأ كل واحد منهما اقليمه الخاص، وعاشا بالاسلوب الذي يرتأيانه، والمبدأ الذي يعتقدانه، لما اتسعت الهوة بينهما وتورطا في حرب اهلية طائفية في عامي 2006 و2007 والتي ذهب ضحيتها مئات الالاف..
لا بد للطرفين من ادراك حقيقة غاية في الاهمية وخاصة بعد ان سالت الدماء بينهما، وهي انهما لا يستطيعان العيش معا ضمن مجتمع واحد وحياة مشتركة واحدة في ظل حكومة مركزية دكتاتورية تهيمن على مقدرات البلاد، بحجة الاكثرية السكانية او الاغلبية السياسية التي مازال يروج لها ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الاسبق "نوري المالكي"وبعض القوى الشيعية الاخرى والتي تكرس الطائفية وتفرضها على البلاد.&
ولكن تعنت الحكومات اللشيعية المتعاقبة واصرارها على عدم تطبيق الدستور واعادة المركزية الطائفية ا الى بغداد ومحاولة اخضاع المحافظات الاخرى غير الشيعية لسلطتها بالقوة، جعل العراق يعيش في ازمة دائمة وصراع مستمر..&
وقد ادرك واضعوا الدستور العراقي طبيعة التناقضات الصارخة بين المكونات الثلاثة الرئيسة في العراق "السنة والشيعة والكرد"، لذلك شددوا على ان يكون النظام السياسي في العراق نظاما اتحاديا فدراليا، وتجاوب الرئيس السابق للمجلس الاعلى الاسلامي" عبدالعزيز الحكيم" ومعه عدة قوى شيعية مع النص الدستوري ودعواالى تشكيل اقليم للشيعة في الجنوب على شاكلة اقليم كردستان، ولكن جوبه طلبهم بالرفض القاطع من قبل الاحزاب السنية التي اعتبرتها محاولة للانفصال وتقسيم البلاد،ولكن عندما خاضت صراع السلطة مع الاحزاب الشيعية الحاكمة وادركت انها لن تستطيع ان تكون شريكا حقيقيا في حكم العراق وفي صياغة قراراته المصيرية وادركت انها تخرج من "المولد بلاحمص" كما يقولون، اخذت تغيّر من لهجتها السياسية وتنادي بالاقليم السني، ولكن بعد فوات الاوان وبعد ان تمكنت السلطة الطائفية من احكام سيطرتها على مفاصل الدولة والانفراد بالحكم، والفضل في ذلك يعود بالدرجة الاساس الى تلك القوى السنية التي ارتكبت اخطاء استراتيجية فادحة في بداية تشكيل الدولة العراقية الجديدة؛ اخطأت عندما لم تشارك في الانتخابات التشريعية عام 2005 واخطأت عندما عارضت الدستور وفكرة انشاء الاقاليم والعملية السياسية برمتها، واخطأت عندما تبنت الخطاب الشوفيني العروبي في تعاملها السياسي مع القوى العراقية وخاصة الكرد ولم تتقرب منهم لتشكيل جبهة سنية قوية في مواجهة التوسع الشيعي..
مهما ادعت الاحزاب الشيعية الوطنية العراقية وعزفت على اوتارها فان تجربتها في الحكم منذ عام 2003 و مسيرتها البائسة في اثارة الازمات والصراعات المستمرة مع السنة والكرد وقيادتها للميليشات الطائفية، والفساد الكبير الذي حولته الى ظاهرة مؤسساتية ووظفت الميزانية المنهوبة من اجل شراء الذمم واستمالة بعض الاحزاب والشخصيات السنية والكردية الموالية لها ممن اطلق عليهم"سنة وكرد المالكي"، ومن اجل امداد مشروعها التوسعي في المنطقة وليس في العراق فقط وكذلك لدعم نظام بشار الاسد الدموي..
مهما عقدت تحالفات واتفاقات سياسية ترقيعية، فلن تستقيم امور العراق، ولن تنتهي مشاكله، مادام الدستور قد ركن جانبا ولم يطبق منه غير ما يوافق اهواء ومصالح حزبية وطائفية وافرغ من محتواه وخاصة المادتان اللتان تتعلقان بحقوق السنة والكرد!