إن مجمل التحليل السياسي في هذا الشأن يميل إلى نتائج تحولات حقيقية فيما يخص العلاقات الأوربية الأمريكية وبريطانيا، وانقسام وجهات النظر حيال إيران.. ونحن اليوم&إذْ&نقوم بهذا الرصد السياسي فإن الحديث عن أوربا تحديدا&ربما&يكونأصعب من غيره. فهل نحن نتحدث عن العلاقات السعودية الأوربية مع أوربا&ككيان&جغرافي&وتاريخي وثقافي؟&أم مع الاتحاد&الأوربي ككيان سياسي واقتصادي يحكمانه البرلمان&الأوربي والمجلسالأوربي؟&أم مع&دول&مركزية في أوربا كألمانيا وتليها فرنسا؟

ولعل التمهيد المناسب لهذا المقال أن نذكر بأن أوربا تعتمد ثقافيا وحضاريا على موروث الديانة المسيحية والحضارة الرومانية والإغريقية. وهي تحصد شرف تصدير الحضارة الحديثة للعالم منذ منتصف القرن الثامن عشر. أما عن أوربا الحديثة فهي تتمثل في&القانون&السياسي والاقتصادي الذي يجمع 28 دولة فيما يعرف بالاتحاد الأوربي.&كما أن لدى&الأوربيين نزعة&اتحاد سياسية&وعرقية تغذيها المخاوف السياسية&المستمرة منذ عام 1951, فهي&جغرافيا في مرمى النار بين القطبين النوويين أمريكا وروسيا.&

وأوربا&اليوم يمكن تعريفها حسب الأهمية كعملاق اقتصادي سياسي&فحضاري. حيث&يتشكل&الاتحاد الأوربي على ركيزتين&هامتين تمثلان&هويته للعالم&الحديث&وهما الاقتصاد&والسياسة.&أما الحديث عن بريطانيا فيجب أن&يكون منفصلا؛&فهي قد دخلت الاتحاد الأوربي باستفتاء وخرجت باستفتاء..

وتاريخيا: فإن أوربا تتقاسم مع المملكة وبعض الدول العربية الموقف المعروف من القضية الفلسطينية. كما أن القضية السورية أوجدت توافقا شاملا خلال الأعوام التي صاحبت جنيف 1 وجنيف 2, مما&يشير لوجود&توافق سياسي&في القضايا&الإنسانية.

وعند الحديث&اليوم عن&علاقات المملكة العربية السعودية&مع الاتحاد الأوربي&فإن ذلك يجب أنتكون&ركيزته الأساسية مبنية على متانة العلاقات مع ألمانيا أولا.&وفي&المجمل، فإن&علاقات المملكة اليوم مع الاتحاد&الأوربي&لا&تتأتى في صورة واضحة&على غرار مثيلاتها في العالم. بمعنى أن مصالح المملكة العربية السعودية السياسية&الحالية&هي في تحجيم النفوذ الإيراني وكبح تصدير الثورة الإسلامية التي أخذت منعطفا عسكريا&مليشياويا&في أكثر من دولة عربية.

نرى ذلك&بوضوح&في العلاقات السعودية الأمريكية ودعم الولايات المتحدة في وقف الصادرات النفطية الإيرانية وحلول المملكة كبديل لها في آسيا. لكن أوربا لا تجد مصلحتها في تحجيم النفوذ الإيراني. بل على العكس&فيبدو أن أوربا&كما الصين وروسيا قد حسموا أمرهم&منذ سنوات بأن مصلحتهم&مع إيران&وتحديدا منذ الاتفاق&النووي في عهد أوباما 2015.&واليوم،&فإن حجم التبادلات التجارية بين أوربا وإيران تصل لـ 22 مليار دولار سنويا.

إذن: يمكن ربط العلاقات السعودية الأوربية بعدة&مؤثرات أهمها الدعم&الأوربي&للموقف&الأمريكي&من عدمه. حيث أحد&أهم روافد&القوة للقرار السياسي السعودي في القضايا الخارجية&هو الموقفالأمريكي المؤيد له كدعمه في عاصفة الحزم وتأييده لضبط الأمن الداخلي في البحرين بدخول الحماية الخليجية في البحرين عام 2011, والأهم من ذلك هو توفير الغطاء اللوجستي في القضايا الأمنية والاستخبارية والعسكرية. وبالتالي: فقد كان هناك أهمية بالغة&لأوربا&في&عهد&الرئيس أوباما والرئيس جورج دبليو بوش لأن القرار الأوربي&كان مربوطابالقرار الأمريكي نوعا ما&لاسيما وأن&بريطانيا كانت&حينها عضوا&في الاتحاد&الأوربي،&أما اليوم&فإن معظم&أوربا تسير&بطريق منفرد عن القرار الأمريكي&حتى وصلت هذه الاختلافات للقضايا التي تهم البيئة كانسحاب&الولايات المتحدة&من&اتفاق&باريس للمناخ عام 2017.

وفي&المجمل،&فإنه&غالبا لا&يوجد كيان موحد في أوربا اليوم يمكن أن يتحمل تكاليف ما تريده المملكة العربية السعودية سياسيا&منها&كما تفعله الولايات المتحدة مع&إيران لقاء شراكتها التامة مع السعودية.ولذلك فمدخل هام لفهم طبيعة العلاقات السعودية الأوربية&هو&في فهم طبيعة العلاقات الإيرانية الأوربية. فإيران الحديثة&اليوم&هي نتاج البنية التحتية التي مولتها أوربا وتحديدا القروض السويسرية في عهد الشاه قبل ثورة 1979. واليوم تجري عمليات كثر لتمويل ونقل العملة الصعبة التي تحتاجها إيران لتغذية نشاطاتها الخارجية من خلال شركات كثر في السوق الأوربية تعود ملكياتها لكيانات تؤمن بالمشروع الإيراني. ولعل الرافد الغربي الوحيد اليوم لإيران يكمن في علاقاتها مع أوربا. الأمر الذي لن يعكس صفاء تاما في العلاقات السعودية&الأوربية.&

كاتب سياسي سعودي