كشفت مذبحة نيوزيلندا عن حجم ما وصل إليه اليمين المتطرف، والعنصرية المتفشية في الغرب من خطر داهم، أصبح &يهدد الأقليات المسلمة في بلاد الغرب .&

لم يكن الحال هكذا قبل سنوات، &لكن استمرار تغذية اليمين المتطرف من قبل إعلاميين وسياسيين أوربيين سمم المناخ الأوربي العام، &وعزز ظاهرة الاسلاموفوبيا حتي أصبحت هاجسا مرعبا للأوربيين، وساهمت في عزل المسلمين والتنكيل بهم& .

تغيرت أوربا مع الإخفاقات السياسية التي مرت بها القارة في السنوات الأخيرة في حل مشاكلها في مجال مكافحة الإرهاب، &ومشكلة اللاجئين الفاريين إلى القارة، وبوادر انفراط العقد الأوروبي وخروج بريطانيا من الاتحاد..فظهرت الخطابات الشعبوية مستغلة أحداث إرهابية& قام بها مسلمون في أوربا ينتمون إلى عائلات ذات خلفيات اجتماعية مضطربة وفقيرة، لتركز على دغدغة عواطف الناس بالعبارات القومية& الرنانة التي تؤكد على الإيمان بالعرق ونبذ المختلف حتى تضمن التأييد الشعبي لها، فساعد ذلك كثيرا على بث روح العداء والكراهية للأقليات العرقية،& ومن ثم سادت روح العنصرية في أوروبا، وانبثقت جماعات عنصرية متعددة كانت تتواري خجلا من قبل فأصبح لها صوت مسموع& الآن، وممثلين برلمانين ووزراء.

رغم حالة الضعف والوهن التي تعيشها الأقليات المسلمة في الغرب نتيجة& الأزمات التي لاحقتهم &في بلادهم الأصلية، وكانت سببا في فرارهم كلاجئين طالبين الأمن والأمان في دول تعتمد قوانينها ومواثيقها حرية الأفراد والعبادة والكثير من &الضمانات الاجتماعية والإنسانية،& إلا&أنهم &فوجئوا بأنهم &أصبحوا هدفا لأحزاب يمنية& تستمد قوتها وتفوقها من المتاجرة بهم .

لم&تكن الأزمة&&الاقتصادية&العالمية التي مرت بها أوروبابعيدة&هي الأخرى عن الدفع بصعود الأحزاب&اليمينية التي استغلت الأزمة في اللعب&بمشاعر الناس وتحذيرهم من خطر المهاجرين&واللاجئين والمدي الذي يتسببون فيهبالإضرار بالاقتصاد الأوروبي،&&&وهذا&&بالضبط&ما فعله ترامب&الذي أشاد به مرتكب مجزرة نيوزيلندا،&عندما شدد في كل خطاباته&على&أن أمريكا للأمريكيين فقط&،&وحذر من خطر&المهاجرين.&&إنه&نفس الخطاب الذي انتهجه هتلر قبل بداية&الحرب&العالمية الثانية،&عندما انتقد سوء تردىالأوضاع&الاقتصادية بسبب التكاليف الباهظة&للحرب العالمية الأولى، وإبرام&معاهدة فيرساي، والكسادالاقتصادي&وطالب بتعويض الخسائر التي&تكبدتها&ألمانيا في الحرب العالمية الأولى&.

لا شك أن &العالم يقف الآن مذهولا امام بشاعة الجريمة التي وقعت بحق المسلمين في نيوزيلندا،&لكنهم& تناسوا& عن عمد الأسباب التي أدت إلى ذلك،&والمخاطر التي كانت تنذر بذلك&-&فأين كان العالم؟&ولماذا سمح& بمؤتمر كوبلنز في&ألمانيا الذي أطلقت عليه الصحافة الألمانية&وقتها اسم مؤتمر الكراهية؟،&والذي جمع قادة &الأحزاب اليمينية المتطرفة&في أوربا& بعد انتخاب ترامب&، وذلك&من اجل العمل معا،&وتوحيد الصفوف،&&ومباركة نجاح ترامب ، وكان من ابرز الحضور فيه ماري لوبان الذي أشاد بها سفاح نيوزيلندا،والتي ترى&أن العالم يتغير لصالح اليمين،&&وكل ما كان يهم المؤتمريين وقتها هو الاتفاق علي &إنشاء برلمان عنصري موازي للبرلمان الأوربي يصدر قرارات يروج لها اتباع اليمين واهمها هو مراجعة الاتفاقية الموقعة مع تركيا بخصوص اللاجئين،& ووقف استقبالهم،& ثم التمهيد لأعادتهم إلى أراضيهم التي نزحوا منها،& وعمل كل دولة من دول الاتحاد بمعزل عن الأخرى فيما يتعلق بملف اللاجئين.&

مما لاشك فيه أن جراءة ما حدث في نيوزيلندا لم يكن محض صدفة،&بل جاء نتيجة تدشين عهد جديد من الكراهية استمدت وقودها ليس فقط من مشاكل اللاجئين،&بل من كراهية مقيتة ترجع إلى عهود الحروب الصليبية، &وهذا ماحاول&القاتل التركيز عليه بخط عبارات المواقع الحربية علي سلاحه بين مسلميين ومسيحيين .

&للأسف&العالم مقبل علي عهد عنصري بغيض يعتمد& تقسيم الناس &من جديد حسب اللون والدين والعرق. راية العنصرية والكراهية المقيتة ترفرف من جديد، ففي&ألمانيا على&سبيل المثال ما كان محظورا من قبل اصبح مصونا يمارس نشاطه في العلن،&و يتظاهر أسبوعيا،&كحركة بيجيدا المتخصصة في معاداة الإسلام والمسلميين. &&

ليس كل الغرب عنصري فهناك كثيرون يعرفون مدي إسهامات الحضارة الإسلامية في تفوق حضارة الغرب،ويعترفون أنه لولا أن حكام الغرب استندوا &إلى الحضارة العربية الإسلامية في المشرق،&واستفادوا من تحصيلهم للعلم في الأندلس الإسلامي المنفتح على كل طلاب العلم وقتها،&&لكانوا قد استمروا قروناً إضافية في عصور الظلام .&حتي أن المؤرخ الفرنسي جوستاف لوبان كتب عام 1884&عن حضارة العرب بأن التاريخ "لم يعرف فاتحاً أرحم من العرب" فقد كان&&المسلمون أثناء وجودهم في الأندلس منفتحين علي كافة التيارات، ولم يكن هناك تمييز ولا تحيز ضد عرق أو دين، فنهل&الجميع من حضارتهم مسيحيين ويهود،&وكان هذا هو سر الإبداع والتفوق ،&فكل أمراء ونبلاء أوروبا حجوا إلى الأندلس لتلقي العلم&وعندما عادوا إلى بلادهم نشروا العلم والمعرفة التي كانت بداية تباشير عصر النهضة في أوروبا .

لا&أحد يستطيع التكهن متي وأين يمكن لدائرة الصراع بين الحضارتين أن ينتهي؟!!&لكن فيلما تسجليا&ألمانيا شاهدته قبل عدة سنوات قليلة،&أكد أن الصراع بدأ ولن ينتهي،&فقصة الفيلم الذي عنوانه&"مسجد لا شكرا"&تدور حول توتر العلاقة بين مسيجين&ألمان وأتراك مسلمين في مدينة فيرت هايم الألمانية حول بناء مسجد،&نجد أن عمر أقبلات المسلم التركي &الذي درس وتعلم واصبح المانيا من حقة ممارسة شعائره &في المسجد الذي يسعى لإنشائه،&بينما يرىالألماني&فيلي شفيند الذي يعارض بناء المسجد &أن بنائه هذه المنطقة لا يجوز بسبب هوية المدينة المسيحية ، ثم أن المسجد سوف يهبط بأسعار العقارات،&إضافة إلى توجس وخيفة السكان المجاورين للمسجد من المسلمين&،&وتدور الأحداث &وينتهي الفيلم &دون& أن ينتهي الصراع وهو ما اصبح& هاجسا عالميا الآن..&صراع ديني بدأ ولايمكن التكهن بنهايته! فقط الحكمة والحنكة هي التي ستقود صاحبها إلى الانتصار&!

إن&ثمة تعاطف لا تخطئه العين مع المسلمين بعد تلك الحادثة فهل ياتري سيوظف المسلمون ذلك لصالحهم؟