تتحدث تقارير أمنية&غربية عن إستقرار فلول&منظمة داعش الارهابي داخل الأراضي التركية.&فيما تشير تقارير محلية عراقية الى وجود تحركات مريبة لبقايا مقاتلي هذا التنظيم داخل الأراضي العراقية وخصوصا قرب محافظات كركوك وديالى والأنبار . وبالربط بين تلك التقارير&الغربية والمحلية نستشف وجود هذا التنظيم على أرض الواقع ، وليس كما قيل بأن داعش إنتهى ، فتهديدات هذا التنظيم الإرهابي مازال قائما&، وسوف تتعاظم برأيي مع قادم الأيام حيث المنطقة مقبلة على حرب أميركية إيرانية واقعة لا محالة ، سواءا كانت حربا&عسكرية أو&سياسية&.

طبيعة الحركات الإرهابية أنها تنمو في المناطق المضطربة ، والشرق الأوسط وتحديدا الدول العربية مهيئة دوما لظهور تنظيمات عنفية متطرفة بسبب وجود الأرضية المناسبة لنموها&، خاصة وأن جميع دول هذه المنطقة تعمها الإضطرابات السياسية والعقائدية والمذهبية ، فجميع الأنظمة والحكومات والأحزاب السياسية ، بل وحتى التكوينات العشائرية والقبلية في خصام مستمر بعضها مع بعض ، وكثيرا ما تصل الى حروب معلنة أو خفية&بينها&، ولذلك فإن&طبيعة الحروب والصراعات العنيفة تستوجب على&كل فريق&أن&يستخدم&مالديه من قوة لهزيمة خصمه ، وعليه&فإن هذه المنطقة المأزومة بصراعاتها ستبقى أسيرة حروب&سياسية ودينية وعقائدية ، ولذلك فإن نشوء الحركات الإرهابية المتسترة تحت غطاء الدين تجد لها الأرضية الخصبة للتشكل والنمو في مثل هذه الأجواء . ولعل التنظيمات&الإرهابية مثل القاعدة وجماعة الزرقاوي وجبهة&النصرة وداعش وغيرها من التنظيمات المنتشرة في&أقصى الشرق الى دول المغرب العربي خير دليل على&وجود الأرضية المناسبة للنمو والتطور .

والأنظمة الحاكمة بدورها تحاول أن تبارز أعدائها أو مخالفيها بكل أنواع الأسلحة المتاحة أمامها بما فيها إستغلال&المنظمات الارهابية من خلال دعمها سياسيا ولوجستيا&وإستخدامها في&حروبها ونزاعاتها ، ولا يختلف نظام علماني أو ديمقراطي أو إسلامي حول&إستخدام تلك المنظمات لخوض الحروب نيابة عنها.

فتركيا&،&الدولة الإخوانية وزعيمها الإسلامي&أردوغان المأخوذ بحلم الخلافة الاسلامية ، لها طبعا صراعات تاريخية في المنطقة ، ولذلك من الطبيعي أن تستخدم القوى الإسلامية المتطرفة وترعاها من أجل تمرير أجندتها الخاصة بالمنطقة ، فإحتضان جبهة النصرة ثم داعش تصب بالتأكيد في صالح سياسات&تركيا&التوسعية ، ولذلك رأينا كيف أن تركيا&تجاوزت حدودها ودخلت الأراضي السورية لإحتلالها بمساعدة من تلك التنظيمات المتطرفة .

واليوم هناك&تقارير تشير الى أن معظم قادة وأفراد تنظيم داعش المندحرين في العراق وسوريا قد لجئوا الى تركيا ووجدوا لهم المأوى هناك . وتنقل بعض المصادر&تصريحات لقادة داعش تفيدبأنهم سوف ينقلون نشاطاتهم الى أرجاء العالم وبخاصة الدول الأوروبية ، وهذه أيضا لعبة تركية لإبتزاز دول أوروبا بعد مواقف تلك الدول من موضوع إنضمام تركيا الى الاتحاد الأوروبي ، وكذلك ردود فعل&أوروبا الرافضة&لسياسات&تركيا التوسعية&على حساب دول المنطقة ، ولعل إحتضان تركيا لفلول داعش&وقادتهم هو دليل واضح على خطط تركيا لإيذاء أوروبا في المراحل القادمة .

وفي الجانب الآخر تقف إيران بنظامها الإسلامي المتشدد لإستغلال وجود التنظيمات الإرهابية لتنفيذ أجندتها التوسعية وفرض نفوذها على دول المنطقة ، ففي العراق يقف النظام الإيراني بكل قوة خلف الميليشيات الشيعية المسلحة&، وفي اليمن تدعم الحوثيين ، وفي لبنان تناصر حزب الله ، وفي سوريا تدعم النظام الإرهابي الأسدي ، فهذا النظام بدوره يستغل المنظمات الإرهابية من أجل خوض الحروب بالنيابة عنها ضد الأنظمة المخالفة له .&ولا أستبعد أن تدفع إيران هذه الجماعات الإرهابية بإتجاه المزيد من العنف والإرهاب في أنحاء العالم لتخفيف الضغط الأمريكي عليها ، وخصوصا الميليشيات الموالية لها في العراق ولبنان وسوريا.

وفي المقابل&نجد دولا أخرى&أيضا تستخدم هذه المنظمات الإرهابية لتسويق أجندتها&في المنطفة ، فدولة قطر على&سبيل المثال تحاول بشتى الطرق أن&تتبنى رعاية هذه المنظمات بأموالها لكي تصفي حساباتها مع الدول العربية التي تخالف أو تعترض على نمو دورها بالمنطقة.

حتى الأحزاب السياسية بشقيها السني والشيعي لم تتوان يوما عن إستخدام العصابات الإرهابية المنتشرة في المنطقة في صراعاتها الدموية وتصفية&حساباتها&.&فجماعة الأخوان المسلمين دعمت منذ البداية ظهور تلك التنظيمات المسلحة ، وحاول شيوخها أن يسبغوا طابعا جهاديا لحركة المتطرفين&الإسلاميين&، وإمتنعوا تماما عن تكفير داعش&على الرغم من مجازرها الرهيبة ضد&المسلمين بالدرجة الأولى ، فهؤلاء لايحرجهم كل هذه الجرائم الكبيرة التي يقترفها داعش ضد المسلمين الأبرياء ، طالما أنها&تفيد الإخوان في صراعهم على السلطة ، ولعل وجود فروع داعش داخل الأراضي المصرية وفي سيناء تحديدا هو جزء من محاولة الإخوان لزعزعة أمن مصر&والسعي للعودة الى السلطة هناك ولو على حساب دماء المسلمين الأبرياء .

أما في&العراق&فقد&كان تنظيم&الزرقاوي وبعده تنظيم داعش وغيرها من الكتائب والجيوش الإسلامية تجد لها الحاضنة&القوية داخل الأراضي والمناطق السنية&في العراق ، وكان السنة يخوضون حربا&دموية تحت غطاء الخلاف المذهبي ، وان كان هدفهم هو السلطة في العراق وإستعادتها من&يد الشيعة . وهذا ما دفع بالقوى الشيعية أن تبادر بدورها بتشكيل ميليشياتها المسلحة للوقوف بوجه التنظيمات الإرهابية التي أخذت بالفعل طابعا سنيا ومازال&، وبدءوا بجيش المهدي ثم بالحشد الشعبي الذي يحمل بدوره طابعا شيعيا .

وعليه فطالما بقيت الطوائف الإسلامية&وأنظمتها الحاكمة في الشرق الأوسط تتنازع وتتقاتل فيما بينها على خلفية صراعاتهاالمذهبية أو الدينية، فإن وجود تنظيمات إسلامية متطرفة كالقاعدة والنصرة وداعش سيستمر ، وستستمر الحروب بالنيابة في المنطقة،&وسوف لن تخلو المنطقة من وجود تهديدات إرهابية ما دامت الصراعات قائمة . لذلك لاينبغي أن نصدق تماما&بأن إنتهاء داعش في العراق وسوريا سوف يعيد الأمن والإستقرار الى المنطقة ، ولا&نهاية الحرب الدموية الدائرة الان&في اليمن وسوريا وليبيا ستقضي نهائيا على&تهديدات القوى الإسلامية المتطرفة ، فهذه القوى&هي بندقية للإيجار ستكون&متواجدة دائما&لخوض الحروب وزعزعة أمن وإستقرار المنطقة لحساب من يدفع أكثر..