بدأت علاقتي بصحيفة إيلاف كمتصفح لها وقارئ وذلك في بدايات ابتعاثي للولايات المتحدة الأمريكية حينما كانت ثقافة الإنترنت لا تزال ثقافة بدائية وتبعث على الريبة في بلد كالمملكة العربية السعودية، في الوقت الذي تنتشر فيه أجهزة الحاسب الألي في كل قاعة وزاوية في الجامعات الأمريكية!!. لم أكن حينها مُهتماً كثيراً بهذه الصحيفة الإلكترونية الناشئة، ولم تكن علاقتي معها تتجاوز بضع أسطر وكلمات اقرأها على عجل وأحياناً على مضض لتمضية الوقت أو للبحث عن رأي، خاصة وأن توجه هذه الصحيفة لم يكن مقبولاً عند شرائح كثيرة من عامة الناس. وحتى لا أدخل في نفق التملق أو أخوض في دهاليز التزلف، كنت من أولئك العامة من الناس الذين كانوا يتحفظون على بعض ما تخرج به صحيفة إيلاف من صور ومقالات جريئة لم يتعود الناس عليها ولم يعتادوها ولم يكونوا ليتأقلموا مع التفاسير التي تقف خلفها
ومع مرور الوقت وسقوط بعض القناعات الإجتماعية والثقافية التي لم يكن للإنسان فيها أحياناً خيار بحكم ثقافة البلد والمجتمع الذي خرج منه، زادت حصيلة القراءة، وارتفعت نسبة العلاقة بيني وبين صحيفة إيلاف كقارئ ومُتابع لها بشكل يومي لصيد خبر عاجل أو قراءة تحليل عادل أو الإطلاع على مقالات الصحف الأخرى دون عناء البحث عنها في مضاربها وأوكارها. ومع تعمق هذه العلاقة كُنت أترقب تجربة إيلاف كأول صحيفة إلكترونية في عالمنا العربي الذي لم يعتد على هذا النوع من التجارب. ومضت إيلاف في تجربتها ومضى البعض في التشكيك باستمراريتها ونجاحها.. ولكن هاهي الذكرى السابعة وما قبلها تقول للجميع لقد نجحت التجربة وربح البيع
ثم تحولت بعد ذلك العلاقة مع صحيفة إيلاف من مجرد القراءة إلى المشاركة والكتابة فيها والتعليق على بعض الأخبار والتقارير التي تحويها، وأعطتني هذه المشاركة والكتابة دفعة معنوية وثقة في النفس للتفكير بصوت مرتفع لمناقشة قضايا سياسية أو التعليق على بعض الأخبار المحلية أو مُعالجة بعض الهموم والمشاكل الطلابية في بلد الإغتراب. وحين تُتاح الفرصة للإنسان للكتابة في صحيفة بحجم إيلاف فإن هذا يعني أنك تسير بالإتجاه الصحيح لبناء شخصية ثقافية مُحايدة وجريئة دون القفز على الأعراف الإجتماعية أو تجاوز الحدود الشرعية أو التصادم مع القناعات الفردية للبعض ممن لازالوا يتحفظون على توجه الصحيفة

لازلت على تحفظي على بعض ما تطرحه صحيفة إيلاف الإلكترونية من صور ومقالات تتجاوز حدود حرية الرأي لتصل إلى مُصادرة الأراء الأخرى وتسفيهها، ولكن بالمقابل لا زلت على إعجابي بحجم الحرية والجرأة في هذه الصحيفة، وبحجم الحيادية التي تتبناها دون النظر إلى الخلفيات العرقية أو المنطلقات الإيدولوجية أو مُحاكمة النيات والتشكيك في المُنطلقات

وفي عالم البحار، لا يكفي أن تملك سفينة قوية وأشرعة متينة أو سواعد فتية، بل تحتاج قبل هذا كله إلى ربان ماهر يعشق البحر ويتنفس هواءه ويتوق للغوص في أعماقه.. وهذا ما أحسبه في ربان هذه الصحيفة الرائدة الأستاذ عثمان العمير الذي تنازل عن عرشه في جريدة الشرق الأوسط ليخوض هذه التجربة ويُبحر في عالم مجهول لا يملك أكبر المتفائلين مفاتيحه، ولكن هي نظرة الرُبان الذي يعشق زمجرة المحيطات ويواجه بتحدي غضب وهيجان الأمواج ليخرج منتصراً ويصل سالماً للشاطئ.. وهاهي إيلاف الريادة قد وصلت للشاطئ بربانها وبحّارتها وسفينتها

أهنئ جميع العاملين في صحيفة إيلاف بمناسبة الذكرى السابعة على انطلاقها.. وأهنئ القارئ الكريم الذي قطعاً له نصيب من هذا النجاح.. فما أجمل أن نعيش نجاح تجاربنا ونلمس أثر غرسنا ليأكل البعض من هذا الغرس. وتقبلوا أجمل تحياتي ودعواتي

5/21/2008- مدونات ايلاف