نصر المجالي من لندن: حققت الملكة نور الحسين أرملة العاهل الهاشمي الراحل الحسين بن طلال ورابع زوجاته والأخيرة بينهن، حضورا ملموسا على الساحة الأردنية في الساعات الأربع والعشرين الماضية، وهو حضور ينفي كل التقارير التي أشاعت من قبل عن خصام داخل الأسرة الملكية الهاشمية.

فقد لاحظ مراقبون قريبون من القصر الملكي في عمان أن الملكة نور وهي أم ولي العهد الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني نابت عن الملك عبد الله وزوجته الملكة رانيا مساء أمس في إيقاد شعلة مهرجان جرش للثقافة والفنون، وهو مهرجان كانت خططت هي شخصيا لإقامته سنويا في عهد الملك الراحل في ثمانينيات القرن الماضي وهو لا يزال مستمرا إلى اليوم في كل صيف في تلك المدينة الرومانية القديمة جرش شمال العاصمة الأردنية.

وبعد أن أوقدت الشعلة، قالت الملكة نور الحسين في كلمة موجزة لها إن المهرجان يرسخ تقاليد فنية عريقة في الحياة الثقافية العربية تقوم على الحوار وإعلاء شان الإبداع لما فيه من اثر في تنمية الشعوب، وأشارت إلى أن مهرجان جرش هذا العام "يأتي في ظروف نحن فيها بأمس الحاجة إلى التعبيرعن هويتنا العربية تعبيرا حضاريا عالي المستوى".

ولم يحضر حفل الافتتاح الملك عبد الله الثاني ولا الملكة رانيا، لكن يتوقع أن يشاركا جمهور مهرجان جرش في أي لحظة، كعادة الملك في المفاجآت لشعبه، وزياراته السريعة لهم على حين غفلة.

من ناحيته، قال مدير عام المهرجان جريس سماوي إن المهرجان يعكس خطاب الأردن الحضاري والثقافي إلى العالم ويفسح المجال لحوار الحضارات والأجيال والفنون، متخذا من المكان التاريخي العريق مسرحا لهذا الحوار وشاهدا على العمق الحضاري في الأردن.

يذكر أن الملكة نور الحسين انخرطت بعد وفاة زوجها الراحل الحسين بن طلال في أعمال خيرية وإنسانية دولية تتعلق بحملة نزع الألغام في دول العالم الثالث التي ابتليت بحروب أهلية في العقد الماضي، كما أنها معنية بشؤون الأطفال العرب والعالم، عبر مؤسسات دولية بمشاركة من مؤسسات الأمم المتحدة المعنية في هذا المجال.

وعلى هذا الصعيد، حيث نشاطها المعلن في الأردن افتتحت الملكة نور الحسين فعاليات مؤتمر أطفال العرب الرابع والعشرون الذي نظمه مركز الفنون الأدائية التابع لمؤسسة نور الحسين في مسرح قصر الثقافة في عمان.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية الأردنية (بترا) إن المؤتمر الذي يشارك فيه أطفال يمثلون 19 دولة عربية وأوروبية ويستمر حتى 25 الحالي يحمل شعار "تراثي هويتي" انطلاقا من أهمية بلورة الهوية العربية الأصيلة بمفرداتها المتنوعة من اجل أن تكون القاعدة الراسخة للانطلاق إلى العالمية بأسلوب عصري ومن اجل التفاعل والتبادل مع ثقافات الشعوب المختلفة من دول العالم.

وكرمت الملكة نور ضيوف الشرف في المؤتمر وهم الفنان عمر العبد اللات والفنانة انجلينا جولي سفيرة النوايا الحسنة في الأمم المتحدة والفنانة الأردنية سامية الزرو لدورها المتميز وعملها الدؤوب من اجل إنجاح فعاليات المؤتمر عبر مسيرته وخصوصا في مجال الفنون التشكيلية والحرف اليدوية.

وضمن فعاليات المؤتمر وبالتعاون مع اليونسكو عقدت اليوم ندوتان في مركز الفنون الأدائية تحدث خلالهما الدكتور بكر خازر المجالي حول التنوع الثقافي وعوامل الفهم والبناء المجتمعي وركز على أهمية مجتمع ثقافي عالمي يسوده الاحترام وقبول الآخرين.

وقدمت المهندسة سوزان أبو جابر تجربتها الشخصية في التراث الثقافي بوصفه مصدرا للإبداع وخاصة تجربتها في ترميم مبنى تراثي قديم بني في العام 1870 ما عرف آنذاك بـ "البوايك" وهو اصطبلات خيول ومخازن للمحاصيل، مساحته 200 متر مربع في منطقة اليادودة جنوب العاصمة الأردنية، واصبح مبنى جميلا وحضاريا.

في الختام، يشار إلى أن معلومات كثيرة سربت في السنوات الخميس الماضية وتحديدا منذ تولي الملك عبد الله الثاني العرش خلفا لوالده الراحل تقول إن خلافات عميقة بين الملكة نور الحسين وعائلتها على خلفيات كثيرة، لكن الحضور البارز للملكة نور في عمان في هذه المناسبات ينفي أية شائعات ويؤكد تلاحم السرة من جديد، وهي أيضا كانت شاركت العاهل الأردني في حفل تخريج نجلها الثاني الأمير هاشم قبل شهور من كلية ساند هيرست الملكية البريطانية.