أسامة العيسة من القدس: دفع مواطن فلسطيني ثمنا يعتبره غاليا لدخوله مدينة القدس بدون تصريح.
وقال حسين القصاص (25) عاما، الذي أطلق سراحه مؤخرا بعد أن أمضى شهرين في سجن الدامون قرب حيفا ودفع غرامة تقدر بنحو 300 دولار، أن الإجراءات التي تتخذها سلطات الاحتلال تهدف إلى جعل المواطنين ينسون مدينة القدس ولا يفكرون بدخولها، مشككا في نجاح هذه السياسة.
وكان القصاص تمكن من دخول القدس، مثل مئات من الفلسطينيين الذين ينجحون بدخولها رغم الحواجز العسكرية ودوريات حرس الحدود المنتشرة على مداخل المدينة، لزيارة شقيقته التي تقيم مع زوجها في إحدى ضواحي القدس الشرقية المحتلة، ولكن شرطة الاحتلال قبضت عليه قبل وصوله إلى هدفه.
وأغلقت قوات الاحتلال القدس أمام الفلسطينيين بشكل نهائي في آذار 1993، ولا تسمح بدخولها إلا بتصاريح خاصة، يخضع منحها لاعتبارات كثيرة.
وتحدث القصاص لمراسلنا عن الأساليب التي تتبعها قوات الاحتلال تجاه المواطنين الفلسطينيين الذين يلقى القبض عليهم في مدينة القدس بتهمة عدم حيازتهم لتصاريح دخول المدينة المقدسة.
وقال عن تجربته بأنه تم اعتقاله في القدس وتم نقله إلى الحاجز العسكري جنوب المدينة المقدسة، حيث يوجد مكتبا للمخابرات الإسرائيلية، يخضع فيه ضابط مخابرات المعتقلين لتحقيق سريع حول سبب دخولهم المدينة، وفتح ملفات لهم، وتستمر فترة التحقيق والانتظار والتعرض للضرب على يد حرس الحدود الذين يحرسون المكان عدة ساعات.
وأضاف القصاص "بعد أن يتم تجميع عدد من المعتقلين يتم نقلنا إلى المحكمة العسكرية الإسرائيلية في قرية سالم قرب نابلس وهناك رأينا العجب".
ويشير القصاص بان محكمة سالم العسكرية كما هي "عبارة عن سيرك" حيث يصطف المعتقلون أمام غرفتين، وفي كل غرفة توجد قاضية تعرف الأولى بالنسبة للأسرى بأنها القاضية الشقراء أما الثانية فهي القاضية السمراء.
ويقول القصاص "يلعب الحظ دوره هنا، فالذي يكون دوره الدخول إلى القاضية الشقراء فينتظر حكما قاسيا أما من يدخل إلى القاضية السمراء فيصدر عليه حكما اقل من الحكم الأول، ويمكن بعد ساعة أو في اليوم التالي أن يتغير الأمر، وكأن هناك تقسيما تشرف عليه المخابرات الإسرائيلية لمزيد من الإذلال والإرباك ولتقول لنا بأنها تتحكم بنا كما تريد".
ويضيف "عندما يدخل المعتقل ويمكث أمام القاضية عادة لا تسأله الأخيرة أي سؤال، وتكتفي بالنظر إليه وتصدر حكمها، خلال دقائق، والذي لا يجوز له حتى أن يعلق عليه، لان آخرين في الانتظار".
وبعد صدور الأحكام التي يسميها القصاص بالمزاجية يتم نقل المعتقلين إلى سجن الدامون قرب حيفا والذي يقع في منطقة حرجية، ويكاد يكون هذا السجن سجنا خاصا من حيث انه يتوجب على المعتقل أن يشتري من حانوت السجن معظم ما يلزمه وإذا لم يكن لديه "نقودا فانه سيتعرض للمجاعة" كما يقول القصاص.
وتتخذ إدارة المعتقل إجراءات عدة ضد الأسرى، مثل إجراءات عقابية فورية ضد ما يعتبر خطأ اقترفه المعتقل، واكثر الأساليب المتبعة هي الاعتداء على المعتقل بأداة تنقل تيارا كهربائيا إلى جسد المعتقل مما يجعله ينتفض ويصاب بحالة سيئة مع تكرار الضرب.
ولم يستطع القصاص أن يحدد طبيعة هذه الأداة الكهربائية، مشيرا إلى أنها تثير الرعب لدى المعتقلين وهم عادة من الذين لا يمتلكون أي تجربة في الاعتقال الإسرائيلي، ومعظمهم من المواطنين العاديين الذي دخلوا القدس والأراضي التي تقع داخل الخط الأخضر بدون تصاريح، للعمل أو لزيارة أقرباء لهم، وأوقعهم الحظ العاثر في قبضة حرس الحدود، وهي وحدات خاصة تعرف بأعمالها القمعية وتضم ما يطلق عليهم في إسرائيل (أبناء الاقليات) من الأقل تعليما والأكثر فقرا.
وتعترف إسرائيل بين الوقت والآخر بما تسميه "تجاوزات" ترتكبها هذه الوحدات ضد المواطنين الفلسطينيين.
وقال القصاص أن الأكثر إيلاما هو وجود أطفال ورجال كبار في السن في هذا المعتقل الذي يقدر عدد نزلائه بنحو 500 فلسطيني لم توجه لأي منهم أي تهمة أمنية.
ولا يحظى السجن باهتمام المؤسسات الحقوقية والصليب الأحمر مثل باقي السجون والمعسكرات التي تضم معتقلين أمنيين، ويقترب عددهم من نحو سبعة آلاف أسير، يثير استمرار وجودهم في المعتقلات قلقا متزايدا لدى الرأي العام الفلسطيني.