قال طاهر سفوك سكرتير اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الوطني الكردي في سورية انه لابد من العمل الجدي والمخلص من أجل إيجاد الحلول العملية لسائر القضايا و المسائل الجوهرية العالقة دون حل ، وفي مقدمتها الإصلاح الداخلي الشامل بدءاً بالإصلاح السياسي عبر حوار ديمقراطي يشترك فيه سائر الطيف الوطني في البلاد بكل تعبيراته السياسية و المجتمعية بما فيها أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سورية.
واكد سفوك اننا نجتمع مع أطياف القوى والأحزاب الوطنية و الديمقراطية و الهيئات و المنظمات المجتمعية الأخرى في البلاد ، وليس مع المعارضة الوطنية وحدها ، وخلال اللقاءات نؤكد على ضرورة فك طوق العزلة الذي كان مفروضاً على الحركة الوطنية الكردية ، و من ثم اتهامها بالانعزالية و التقوقع القومي ، كما نؤكد في كل تلك اللقاءات على ضرورة الإقرار بأصالة الشعب الكردي و الاعتراف بهويته القومية ، و إن المسألة الكردية في سورية هي مسألة وطنية قبل أن تكون مسألة قومية تهم الشعب الكردي في سورية وحده ، و قد حقق هذا المسعى من جانب الحركة الكردية قدراً لا بأس به من مبتغاه ، مما أدى إلى نمو العلاقات النضالية بين الحركة و العديد من القوى الوطنية و الديمقراطية و المجتمعية الأخرى في البلاد بشكل مطرد ، و تجلى ذلك في اشتراكها في العديد من النشاطات الإعلامية و الجماهيرية في عدد من المسائل و القضايا الوطنية الهامة بين الحين و الآخر .

اما عن اسباب انقسامات الأحزاب الكردية فقال سفوك ل"ايلاف" انها خرجت بمعظمها من رحم الحزب الأم ، الحزب الديمقراطي الكردي في سورية الذي تأسس في 14 / حزيران / 1957 ، و برأيي ، إن معظم الانقسامات التي جرت في صفوف الحزب المذكور ، و فيما بعد في الأحزاب التي كانت نتاج تلك الانقسامات تعود لأسباب موضوعية و ذاتية ،لا مجال للخوض فيها في هذا الحوار ، لعل من أهمها عدم تمكنها من تحقيق مكاسب قومية ملموسة على مدى أكثر من أربعة عقود من الزمن ، إلى جانب أسباب ذاتية مبعثها الأنانيات الشخصية و الحزبية و المسائل التنظيمية ، و التي لا تختص بها الحركة الكردية في سوريا وحدها ، إنما هي خاصية مجموع القوى و الأحزاب الوطنية و حتى الفعاليات و المنظمات و الهيئات المجتمعية الأخرى في البلاد ، التي تتعرض بين الحين و الآخر لهزات تقسيمية انشطارية.
و بالرغم من تجاوز عدد الأحزاب في الحركة الوطنية الكردية في سورية الحد المقبول تعددياً ، فقد انتظم معظمها في السنين الأخيرة في إطارين تحالفيين ( الجبهة الديمقراطية الكردية في سورية ، و التحالف الديمقراطي الكردي في سورية ) ، كما انتظمت جميعها في هيكلية ميدانية بعد الأحداث المؤسفة في آذار المنصرم تحت اسم ( مجموع الأحزاب الكردية في سورية) و في ذلك تجميع للطاقات النضالية للحركة ، و تبذل اليوم جهود مخلصة من أجل تطوير العمل النضالي المشترك للحركة للتوصل إلى أنسب صيغة موضوعية له ، و تذليل العقبات التي تحول دون تحقيق ذلك .
وحول ما جرى في القامشلي في آذار المنصرم واختلاف رؤية السلطة عن رؤية الاحزاب عن رؤية الاكراد عنها قال سفوك لقد كان مؤلماً و ما أعقبته من تداعيات كانت أشد إيلاماً ، أما عن الأسباب ، فبرأيي إذا ما وضعنا جانباً الأسباب المباشرة كالأعمال الاستفزازية التي قام بها جمهور نادي الفتوة و تأخر رجال الأمن ، و التعامل مع جمهور الجهاد بالرصاص الحي ، فإن هناك أسباب غير مباشرة ، كان من أبرزها احتقان مزدوج ، الأول كان لدى جمهور نادي الفتوة بدير الزور المتعاطف مع نظام صدام حسين البائد و نظرته إلى أكراد العراق كجزء من الحالة التي أدت إلى سقوطه ، فصب جام غضبه على جمهور الجهاد الذي كان معظمه من الكرد ، أما الاحتقان الآخر فقد كان الاحتقان الكردي ، الذي تجلى في تضامن الأكراد في مختلف مناطقهم مع المواطنين الأكراد في القامشلي إثر المجزرة التي تعرضوا لها ، و كان مبعث هذا الاحتقان معاناتهم من السياسات الشوفينية المتبعة بحقهم في مختلف المجالات و على مدى عقود من الزمن .
أما عن رؤية السلطة للأحداث فقد تباينت ، و قد تجلى ذلك في التصريحات المختلفة الصادرة عن المسؤولين ، كان أكثرها سلبية و بعيدة عن الحقيقة و الواقع تلك التي اعتبرت ما حصل محاولة لزرع الفتنة بإيحاء من الخارج ، و إن الأكراد لم تسحب منهم الجنسية بل هم مجرد فارين من تركيا و العراق هرباً من الاضطهاد ، وأكثرها إيجابية ما ورد في تصريح الرئيس بشار الأسد مع قناة الجزيرة ، عن أن القومية الكردية جزء أساسي من النسيج السوري و من التاريخ السوري و أن أحداث آذار لم تتم بتأثيرات خارجية و أن موضوع المجردين من الجنسية في طريقه إلى الحل .
أما عن سبب اختلاف رؤية السلطة للأحداث عن رؤية الحركة الكردية لها ، مبعثه اختلاف الرؤيتين للمسألة الكردية في سورية ، ففي الوقت الذي تنفي فيه الأولى ( السلطة ) وجود مثل هذه المسألة ، تؤمن الأخرى ( الحركة الكردية ) بعدالتها .
وحول قرار حظر الانشطة الحزبية قال سفوك إن القرار الذي تم تبليغه لقيادات جميع الأحزاب الكردية في سوريا و على أرفع المستويات و المتضمن حظر نشاط هذه الأحزاب، لا يتماشى مع التصريحات الإيجابية للسيد رئيس الجمهورية بشار الأسد في مقابلته مع قناة الجزيرة ، و إن الأحزاب الكردية التي تعتبر نفسها جزءاً لا يتجزأ من القوى والأحزاب وسائر الفعاليات الوطنية و الديمقراطية الأخرى في البلاد، لم تستمد شرعيتها قط و على مدى ما يقارب النصف قرن من نضالها و في مختلف العهود المتعاقبة من ترخيص رسمي لممارسة هذا النضال، و ذلك لعدم وجود قانون ينظم الحياة الحزبية في البلاد، بل كانت على الدوام و مازالت تستمد شرعيتها من تمثيلها للشعب الكردي في سوريا ، لذلك فقد أكدت جميع الأحزاب الكردية في سوريا في بيانها المشترك الأخير على الاستمرار في ممارسة نشاطها السياسي و الحزبي كالمعتاد ، كما رأت بأن تمسك السلطات بإجراء الحظر يلحق أفدح الأضرار بالوحدة الوطنية و الجبهة الداخلية التي نحتاج إلى تمتينها اليوم أكثر من أي وقت مضى .