الفضائيات شاغلة دنيا العراقيين وتملء سطوح منازلهم ...وتفبرك اخبارهم :
صحون الالتقاط فوق سطوح بنايات بغداد


عبد الرحمن الماجدي من بغداد: قبل عام ونصف العام كان امتلاك جهاز استقبال قنوات فضائية في العراق يصنف صاحبه كمعارض للحكومة ويساق فورا للمجهول. وكان العراقيون يتناقلون، في السر، لقاء مع معارض عراقي او حوار بين احد اركان النظام او المحسوبين عليه ومعارض عراقي، تمكن احدهم من تسجيله من لاقطه الفضائي الذي نجح القليل القليل من تمويه الرقابة الجوية والارضية من اكتشافه او يكون كاسيت اللقاء ورد عبر الحدود.
النظام كان يبث مقاطع يختارها بعناية لبرنامج الاتجاه المعاكس يكون احد الضيوف من معارضيه لكن مايبث عبر تلفزيون النظام اما يكون سبابا من احد محسوبيه ضد المعارض العراقي او مداخلة من احدهم ضد المعارضة العراقية مليئة بالسباب لكل من يقف بوجه "بطل الامتين العربية والاسلامية مع اطنان المديح له ولموقفه الشجاع".
فكانت بعض حلقات الاتجاه المعاكس التي يتم تسريبها عبر الحدود او من خلال احد المجازفين بامتلاك لاقط فضائي وتتضمن تعرية النظام والمدافعين عنه تتلاقفها الايدي بسرية وحرص شديدين على المشاهدة والاستماع.


تسمع بالمعيدي...
فلم تكن قناة الجزيرة غريبة على العراقيين عقب سقوط نظام صدام حسين لكن ماتغير "بعد السقوط" كما بات العراقيون يؤرخون، هو مدى الحيادية التي تتمتع بها هذه القناة او تلك تجاه تغطيتها للحدث العراقي المتواصل فصولا.
كانت بعض الشعارات تشير، على جدران بغداد بعد السقوط، الى مقاطعة قناة فضائية معينة لما اشيع عنها من محاباة لاركان نظام صدام ومدافعتها عنه. وراح الكثير من العراقيين لايبرحون امكنتهم من امام التلفزيون متابعين قنوات العرب الفضائية وخاصة الاخبارية منها ويصنفون في ذات الوقت موضوعية وانحياز كل قناة تجاه مايمرون به.

اليوم وقد حطت صحون الفضاء على معظم أسطح العراقيين، وتبلور وجهة نظر عراقية تكاد تكون موحدة تجاه الفضائيات الاخبارية، وتكرار محاولات اعتداء على صحافيي بعض القنوات العربية الاخبارية من قبل مواطنين عراقيين، سألت عددا من البغداديين عن رأيهم بالقنوات العربية الفضائية التي وصلتهم مع ماوصلهم بعد السقوط؛ فكانت اجوبتهم متقاربة في احيان كثيرة ومتفاوتة حينا.


ممثلون!

السيد يوسف علوان يسكن في كرخ بغداد اورد لي قصة ضمنها جوابه عن السؤال( قبل اقل من اسبوع حدث هجوم انتحاري قرب بيتنا. فهرعت لمكان الانفجار في مركز شرطة في حي الاعلام خوفا على احد ابنائي الذي يعمل بالقرب منه فوجدت اللهب يتصاعد مع غبار كان تصاعده قبل او مع الانفجار. ثم جاء صحفي عرفت انه من قناة الجزيرة فراح يبحث عن مواطنين ليتحدث معهم عن الحادث ( كما بدا لي للوهلة الاولى) لكنه اخذ يجمع البعض منهم ويتفق معهم على ماستسجله الكاميرا ( ولا استطيع ان اؤكد ان كان نقدهم شيئا او لا). ماان دارت الكاميرا حتى استلم (الممثلون) الاشارة وراحوا يهتفون بحياة صدام حسين الى ان جاء رجال الشرطة المفجوعون بموت زملائهم وفرقوهم. كان المفروض برجال الشرطة مطاردة المحرض على ذلك. وقد مات في الحادث الارهاربي قريب لي كان يبيع الشاي مع ابنه. هذا هو رأيي بالقنوات الفضائية العربية).
السيد سعد صبري حافظ من حي الاورفلية يساري التوجه اغتاض حين سميت له محطتين فضائيتين هما الاشهر في اخبار العراق. فرسم بيديه كرة كبيرة وقال ( لو كان الامر بيدي لصنعت قنبلة كبيرة وفجرت بها مقري الجزيرة والعربية لما تبثاه من سموم ضدنا. وخاصة قناة الجزيرة التي لاتكف في البحث عن شذاذ الافاق وسقط المتاع لتقدمهم لنا كمحللين سياسيين همهم افشال تجربة العراقيين للديموقراطية. هل يمكن مقارنتهما بقاة الحرة التي احرص على متابعتها؟ كلا طبعا فهي موضوعية اكثر من سواها).
شقيقه مهدي صبري حافظ التاجر خالفه في الرأي معتبرا ماتقدمه المحطات العربية الاخبارية مفيد للعراقيين بعد غياب طويل لتجربة الاختلاف في الرأي ومتقدمه القنوات الفضائية حتى وان كان ضد مانراه صائبا علينا تقبله بديمقراطية).
السيد محمد راضي يرى فائدة كبيرة في ماتبثه الفضائيات الاخبارية حتى وان كان ضد مانراه فهي تقدم لنا من ينحاز للنظام السابق ومن ينحاز للشعب وقد كشفت لنا الفضائيات دون قصد وجوه الكثيرين. وهب تقدم، غير الاخبار، الكثير من البرامج الوثائقية المهة.

نجوم

قناة الجزيرة والعربية والمنار هي القنوات الاكثر مشاهدة في العراق مع قناة العراقية المختلفة مع تلك القنوات في الرأي والتوجه، لكن عدم توافق ماتبثه القنوات العربية مع اراء العراقيين لم يمنعهم كسواهم من الحرص على متابعة برنامج الاتجاه المعاكس كل ثلاثاء وبرنامج من العراق كل اثنين لكثرة مايخصصانه من تقارير وحواريات تهم العراقيين. وقد بات الشاعر علي الشلاه نجما مشهورا لدى متابعي قناة الجزيرة منذ حلقة برنامج الاتجاه المعاكس قبل اشهر التي جمعته والسيد نصار وماتبعها من اتهامات ودعوات الى محاكمة على اتهامات باطلة فيها. كذلك السيد كريم بدر بات معروفا في العراق على نطاق واسع من خلال برنامج الاتجاه المعاكس ايضا لاحاديثه فيه مع محسوبين على النظام السابق بالشكل الذي اكسبه معجبين بلغته وطريقة سوقه للبراهين مع محاوريه كما يؤكد اكثر من مشاهد بغدادي.


مدينة الصدر

في مدينة الصدر حيث يكثر اتباع السيد مقتدى الصدر قام بعض انصاره قبل اشهر بحرق احدى عربات التصوير الخاصة بقناة الجزيرة بعد ان بثت القناة خبرا يؤكدون على عدم صحته يخص حياة السيد مقتدى الصدر. لكن الجزيرة عينت لها موظفا يتابع اخبار المدينة و مكتب الصدر فيها وزودته بهاتف نقال لاخبار مكتبها ببغداد بكل جديد من اجل السبق الصحفي كما يذكر عدد من موظفي المكتب. وقد استضافت الجزيرة والعرببة والمنار الكثير من اتباع السيد الصدر حد ادمان بعضهم على الظهور في قناة معينة الامر الذي اثار سخرية زملائه المعممين وربما حسدهم.السيد أمير الزهيري من نفس المدينة يرى بأن القنوات الفضائية (مليئة بالاكاذيب خاصة الجزيرة. لكن العربية اهون وأفضل).اما السيد علاء فقال ( الجزيرة والعربية والعالم كلهم اكاذيب وتعتيم وعمالة وتزييف الاخبار حسب جهة المصلحة الاكبر).

مواطنهما عدنان محسن يرى( الجزيرة والعربية وباقي الفضائيات، ماعدا المنار، تنقل السموم الى المجتمع والعوائل من خلال الافلام والبرامج وحتى القنوات الاخبارية فقط فانها تحتوي اعلانات الشامبو والصابون وهي اعلانات شبه اباحية).احد الشباب رفض الافصاح عن اسمه اتهم الفضائيات بالعمالة للصهيونية العالمية مستدلا على ذلك بالميزانيات الهائلة لكل قناة.شاي اخر يقول ( كنا نظن ان في الفضائيات فائدة؛ وهي الاخبار لكن تبين اضرارها اكبر من فائدتها حيث الازعاج والصداع من ملاحقة الاخبار لكل افراد العائلة).

نادرا ماتشاهد قناة منوعات في مدينة الصدر اذ الاخبار وانتشار التدين الطوعي والاجباري فيها جعل القنوات الاخبارية حاضرة دائما في بيوت مدينة الصدر التي يعتب احد شبابها على تلك القنوات امتناعها عن بث اخبار اسقاط جيش المهدي طائرات اميركية واحراق العشرات من عربات الهامر بمن فيها في مدينة الصدر والكوفة والنجف وكربلاء ابان العارك بين جيش المهدي والقوات الاميركية بالرغم من ايصال تسجيلات الفيديو التي توثق لتلك الهجمات.

المنوعات

نظرة العراقيين للقنوات الفضائية هي غير نظرة المشاهدين العرب لها بسبب اهتمام تلك القنوات بالشأن العراقي طوال سنوات وتداول اشاعات ضد بعضها بتابعية بعض مراسليها وموظفيها لنظام صدام حسين الامر الذي تنفيه تلك المحطات.انما ماتقدمه بعض الفضائيات العربية الاخبارية من اراء هي ذاتها الاراء المتداولة والمتصارعة في الشارع العراقي عامة والبغدادي خاصة تجاه ماجرى ومايجري وان بالغت بعضها في الاتكاء على رأي يثير حفيظة غالبية العراقيين.في باقي احياء بغداد تتفاوت ذات النظرة للفضائيات فالام بي سي والاي ار تي والايل بي سي والحرة وابو ظبي والشرقية والعراقية والمستقلة وزين والمستقبل ودريم وغيرها لها مشاهدون يتابعون المنوعات فيها والمسلسلات خاصة ربات البيوت انما ليسوا كمشاهدي الفضائيات الاخبارية التي لما تزل تحظى بالنسبة الاكبر من المشاهدين في العراق بسبب تصدر الحدث العراقي واجهات الاخبار وافتتاحياتها. حين تختفي السيارات المفخخة الباحثة عن اكثر العراقيين بؤسا لتقتله وحين ينتخب العراقيون حكومتهم بانفسهم سيقل حتما الاهتمام بمتابعة تلك الفضائيات التي تحظى بمشاهدة ولعنة العراقيين. وقد بدأت بعض الاهتمامات باخبار الفنون والثقافة والرياضة تظهر وان كانت قيلية لكنها دليل تفاؤل بالمستقبل من قبل العراقيين.