روحي عازار من دبي: تمكنت " إيلاف " من الحصول على بعض ما جاء في محضر التحقيق الذي أجراه قاضي النيابة في محكمة أمن الدولة العليا في سوريا حبيب نجمة مع المحامي السوري المعتقل أكثم نعيسة، وفي هذا المحضر تظهر أهم القضايا التي ركزت عليها المحكمة وأجوبة نعيسة عليها.

عن سؤال القاضي حول مسألة انتقاد الدستور السوري ، يقول نعيسة " إنني أؤكد على ما جاء في أقوالي الأولية ( أمام فرع المخابرات) . إني مع الدستور وأطالب بتطبيقه وأنفي نفيا قاطعا انتقادي لانتخابات رئاسة الجمهورية . وإني مع السيد الرئيس بشار الأسد . وقد أعلنت ذلك عدة مرات ، وأعلنه لكم في هذه الجلسة ". كما وجه القاضي أسئلة إلى الناشط أكثم نعيسة حول الاعتصام الذي نظمه أمام مجلس الشعب السوري والعريضة التي دعا السوريين إلى التوقيع عليها ، فقال نعيسة " بتاريخ 7 .3 . 2004 [ أي قبل الاعتصام ]استدعيت إلى فرع الأمن العسكري بدمشق ، وسئلت عن موضوع الاعتصام ، فقلت لهم ما هي أهدافه ، بحضور لجنة أمنية وأخبرتهم بكل ما سألوني عنه حول الاعتصام وحول العريضة ، وبما يتوافق ويتطابق مع أقوالي أمامكم . وقلت لهم بأنني يمكن أن ألغي الاعتصام إذا اعتبروه معاديا لسورية . وكذلك بالنسبة للعريضة ، فلم يمنعوني ولم يمنعوني من القيام بالنشاطين المذكورين ".

إضافة إلى ذلك تطرق القاضي إلى منظمة لجان حقوق الإنسان وسأل نعيسة كيف تمارس نشاطها وهي غير مرخصة ، فرد نعيسة قائلا "إن منظمتنا تمارس نشاطها بموافقة أمنية مباشرة". وجاء أيضا في أقوال أكثم نعيسة أنه " من المستحيل في الأوضاع الراهنة أن تتحقق هذه اللحمة ( اللحمة الوطنية ) وهذا الالتفاف إلا حول السيد الرئيس بشار الأسد وإني من الأشخاص الذين أحبوه بشكل عاطفي . إلا أنني ، وبتفكير موضوعي ، أرى أنه لا يمكن لهذه اللحمة أن تتحقق إلا بوجوده والالتفاف حوله . وأنا أرى أن على جميع القوى الخيرة أن تعلن ذلك صراحة . وهذا ما أعلناه في العديد من بياناتنا ، وأتمنى على وكلائي ( المحامين ) أن يبرزوه في ملف هذه الدعوى".

وعن موضوع الإصلاح في سوريا ، يضيف المعتقل أكثم نعيسة ان " الإصلاح برأيي لا يتم دفعة واحدة وبشكل سريع . وأنه يجب أن يتم بطريقة مبرمجة . وإني في الحالة الراهنة لا أستطيع أن أقول أو أن أطلب الديمقراطية الكاملة بسبب خطورة هذا المطلب الذي قد يؤدي إلى مخاطر محسوبة ، وهي تضر بمصلحة الوطن في النهاية إذا حصلت . وإني مقتنع الآن بدولة نصف قانونية ونصف بوليسية للمرور من المرحلة الراهنة".
وعن سؤال للقاضي حول أحداث القامشلي وموقف اللجان منها ، بقول نعيسة :" أفيدكم بأني لم ولن أدافع عن أولئك الذين قاموا بأعمال الشغب والتخريب ، ولم أشارك بوفود المعزين بالقتلى الأكراد خلال الأحداث الأخيرة . وأوضح لكم أني قابلت رؤساء الأحزاب الكردية وأفهمتهم بأن لديهم ازدواجية في الخطاب السياسي ، وأن لديهم خطاب سياسي معلن في أنهم مع السياسة السورية ، وخطاب مبطن يدعون فيه لإقامة الدولة الكردية واقتطاع جزء من سورية . وإني أعلن أنني ضد هذا المبدأ وضد هذه الأهداف ، وأعتبر الأحزاب الكردية أحزابا شوفينية" . ثم يسأله القاضي عن تصريح له ولمنظمته حول الموضوع ذاته ، فيقول نعيسة :" إن هذا التصريح قد صدر عني بصفتي رئيسا للجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية . أما عن مضمونه فإني أؤكد لكم بأني قد قصدت من خلاله المطالبة بالحل الديمقراطي مترافقا مع الحل الأمني حتى يتم الحصول من خلال ذلك على نتائج تفيد وحدة الوطن ".

وذكرت مصادر في أوساط المحامين السوريين ان هذه المقتطفات -التي حصلت عليها " إيلاف "- مأخوذة حرفيا من إفادة الناشط أكثم نعيسة أمام قاضي النيابة في محكمة أمن الدولة حبيب نجمة . وقد حضر الاستجواب محاميه مهند الحسني. كما ذكرت المصادر ان أربعة محامين زاروه في سجن صيدنايا ، وهم : حسن عبد العظيم ومهند الحسني ومحمود مرعي وطارق حوكان ( هذا الأخير عضو في اللجان ) وبدلا من أن يقوم مدير السجن المقدم لؤي يوسف بجلب أكثم إلى مكتبه لمقابلة المحامين ، أخذهم إلى حيث يقيم في مهجعه . وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ السجون العسكرية - كما أكد ل " إيلاف" أحد المحامين . وأكد أحدهم ل " إيلاف " أن المهجع الذي ينزل فيه تبلغ مساحته ما يقارب 40 مترا مربعا وأن العناية الطبية كانت ممتازة ، ولم يكونوا يترددون في نقله حتى إلى مشفى تشرين العسكري إذا ما اشتكى من أي شيء.هذا فيما تؤكد لجنة متابعة قضية أكثم نعيسة أنه لا يزال معتقلا في القسم القضائي الخاص بالسجناء الجنائيين وأنه أضرب عن الطعام أربعة أيام ثم أوقف إضرابه عن الطعام بعد تردي حاله الصحي.

وسألت " إيلاف " المحامي السوري البارز أنور البني عما إذا كان أكثم نعيسة قد تقدم بمبادرة خطية للسلطات السورية ، فقال البني :" بالنسبة لموضوع المبادرة فالمسألة متعلقة بما قاله للمحامين أثناء زيارتهم في السجن وما قاله في استجوابه أمام المحكمة وليس مبادرة خطية فقد أعلن بإفادته تأييد الرئيس بشار في خطواته الإصلاحية ودعمه وأنه الوحيد القادر على الإصلاح إلى كل ما جاء بإفادته معتبرا ذلك بمثابة بادرة إيجابية منه أمام المحكمة للسلطات كان يتوجب بعدها إطلاق سراحه ووقف المحكمة ولكن استمرار المحكمة وإصدار قرار اتهام بحقه جعلته يعيد النظر بالموضوع وطلب من المحامين رأيهم بالموضوع . فالمسألة لا تتعلق بمبادرة أو شيء ما على شاكلتها وإنما موقف شخصي لأكثم من الاعتقال والاتهام والمحكمة".

وقد سألت " إيلاف " أيضا الطبيب أسامة نعيسة ( شقيق أكثم ) عن رأيه فيما نقل عن محضر التحقيق مع أكثم وأنه لم يضرب عن الطعام ، فيقول أسامة :" اضرب أكثم عن الطعام لمدة أربعة أيام وتناول الطعام في اليوم الخامس وقد أغمي عليه وفقد الوعي وسقط أرضا مرتين وكان هذا الحديث أمام مدير السجن الذي بادر باستدعاء الطبيب وهو ملازم مجند اختصاصي جراحة وناقشته أمامهم جميعا عن حالته ان ظروف السجن قاصرة على علاجه والاهم يجب توفر عدة اختصاصين مثل الكلية القلب لتقيم حالتة الحرجة بدقة وشكا من تضخم البروستات والتهاب حاد في المجاري البولية ان أكثم استمر مضربا عن الطعام لمدة أربعة أيام".
ويضيف أسامة " إني استغرب الى أي غاية خرج احد المحامين وهو صديق مقرب لعضو في اللجان فصل مؤخرا في اجتماع لمجلس الأمناء في الأردن لأسباب معروفة وحدث هذا من3-4 أيام كيف كان يطلق الشائعات عن ان أكثم لم يضرب عن الطعام ولمصلحة من هذا الكلام على كل الملف أصبح في أيدي وقد صور من المحكمة وأستطيع ان أرسله لك بعد فترة قصيرة وعندها تستطيع ان تقرر كيف كان الاستجواب". وحسب مصادر " إيلاف " ، فإن أجوبة أكثم نعيسة أثارت استياء بعض أوساط المعارضة السورية والنشطاء في دمشق. وقالت المصادر ان تصريحات نعيسة مثبتة في محضر التحقيق وقد تذرّعت جميع الجهات بان المحضر أكثر من 40 صفحة لذا لا يمكن إرساله لـ " إيلاف " كوثيقة تؤكد الخبر.

يذكر ان السلطات السورية اعتقلت أكثم نعيسة ، رئيس لجان حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية في سوريا، عقب تقرير أصدرته منظمته عن أوضاع حقوق الإنسان في سوريا تطرق فيه إلى تعذيب الأكراد والسجناء اللبنانيين في سوريا.