حمود الزيادي العتيبي من الرياض: ينتظر أن يستحوذ ملف المقاتلين السعوديين في العراق على أجندة المباحثات الثنائية للقمة السعودية العراقية التي تشهدها مدينة جدة الساحلية ابتداءً من مساء اليوم بعد أن وصل إليها ظهراً رئيس الوزراء العراقي أياد علاوي ووفد كبير في أول زيارة من نوعها يقوم بها مسؤول عراقي للمملكة إثر تشكيل الحكومة العراقية الجديدة. زيارة علاوي للسعودية والمقرر أن تستمر ثلاثة أيام تبحث ملفات عديدة منها السياسي، والاقتصادي، والأمني، إلا أن الملف الأخير سيحظى بالتركيز الأكبر لأهميته في استقرار الأوضاع الأمنية لكلا الجانبين. فالطرفان لايملكان معلومات كافية حول العشرات وربما المئات من "مجاهدي الفلوجة" من السعوديين الذين تسللوا بعد أسابيع من سقوط نظام صدام حسين العام الماضي ليقوموا بالعديد من العمليات المسلحة ضد القوات الأميركية أو ما يرونه جزءً من الوجود الأميركي.
ومع أن السلطات السعودية لا تملك معلومات كافية ودقيقة عن الشبان السعوديين الذين تقاطروا على الساحة العراقية، خلال عام، وهو ما أكده وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز في مؤتمر صحافي قبل نحو أسبوعين، إلا أنه أشار في الوقت ذاته إلى أن الأنباء تشير إلا تورط سعوديين في القتال هناك، لافتاً إلى أن بلاده تنتظر اتصالات مباشرة مع السلطات العراقية لبحث الموضوع، وهو بالتأكيد ما سيتم خلال الأيام الثلاثة القادمة.
وزير الداخلية السعودي أكد في الوقت ذاته أن لا تسلل عبر حدود بلاده إلى داخل العراق وأن من استطاع الدخول إلى العمق العراقي سلك حدود دولاً أخرى، دون أن يسمي دولة بعينها، لكن الأنباء التي كانت تصل إلى العديد من الأسر السعودية من مصادر شتى حول "استشهاد" عدد من أبناءهم في عمليات "جهادية" على الأراضي العراقية، كان التأكيد على الحضور السعودي في القتال هناك متخذاً الحدود السورية معبراً.
الجديد والمهم والذي ربما يكون الخيط الذي يكشف خريطة تواجد المقاتلين السعوديين في العراق وخاصة في مدينة الفلوجة حيث يتركزون، هو استسلام إبراهيم الصادق القايدي أحد المطلوبين أمنياً للسلطات السعودية مطلع الأسبوع الماضي الذي سلم نفسه عن طريق سفارة الرياض في دمشق.
مارشح لـ"إيلاف" أن إبراهيم القايدي كان قد تسلل إلى العراق وتحديداً مدينة الفلوجة منذ عام عبر الحدود السورية، ومثله العشرات من السعوديين، الذين أصبحوا يواجهون ظروفاً صعبة خلال الفترة الأخيرة بعد تطورات شهدتها الساحة العراقية، تمثلت في إقدام العديد من مواطني الفلوجة إلى الوشاية عن أماكن تواجدهم، ومساعدة الأمريكيين في الوصول إلى أماكن اختباءهم مقابل إغراءات مالية، ما جعلهم يقعون في شراك الاعتقال أو زوايا الحصار دون أن يستطيعوا الفكاك والخروج من المأزق الذي أصبح مطبقاً عليهم.
القايدي الموقوف حالياً في سجن الحائر جنوبي الرياض، بعد أن سلم نفسه مؤخراً لسلطات بلاده عن طريق سفارة المملكة في دمشق، يدلي بمعلومات هامة تساعد أجهزة الأمن على معرفة أوضاع السعوديين الذين تسللوا إلى الأراضي العراقية بعد سقوط نظام صدام حسين العام الماضي. وعلمت "إيلاف" أن القايدي، الذي شارك، إلى جانب مقاتلين سعوديين، في معارك متعددة استهدفت القوات الأميركية، نقل للسلطات السعودية رغبة العديد من المقاتلين السعوديين المتواجدين في مدينة الفلوجة، الخروج من هناك بسلام، والعودة إلى الأراضي السعودية، بعد أن واجهوا ظروفاً صعبة في الفترة الأخيرة، تمثلت في اعتقال بعضهم بواسطة قوات الاحتلال الأميركي إثر أقدام عدد من المواطنين العراقيين في بيعهم بمقابل مادي، فيما يعيش آخرون حالاً قلقة في ظل التطورات التي تشهدها الساحة العراقية.
الحال الذي وصل له "مجاهدو الفلوجة" من السعوديين، اعتماداً على روايات القايدي، يذكر بما واجهه المقاتلون العرب والسعوديون تحديداً حين باعهم الأفغان للقوات الأميركية الأفغان عندما سقط نظام طالبان لينتهي بهم المطاف في قاعدة غوانتناموا.