لاستباق قرار بفرض عقوبات دولية على الخرطوم
البشير يعود مبارك ويبحث حملة دبلوماسية مضادة

نبيل شـرف الدين من القاهرة: وصل إلى القاهرة صباح اليوم الخميس الرئيس السوداني عمر البشير، يرافقه وزير الخارجية مصطفى عثمان إسماعيل، في زيارة قصيرة تستغرق بضع ساعات، لتقديم لتهنئة الرئيس حسني مبارك بشفائه بعد إجراء الجراحة مؤخراً في ألمانيا، ليكون بذلك هو الرئيس العربي الثاني الذي يعود مبارك بعد العقيد الليبي معمر القذافي الذي زار مصر قبل يومين للغرض ذاته.
وقال مصدر دبلوماسي في القاهرة إن الرئيسين البشير ومبارك سيسنتهزان الفرصة لاستعراض علاقات التكامل والشراكة بين بلديهما خلال المرحلة الماضية، والاتفاق على برنامج محدد يتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة ضمن سعي الجانبين الى مزيد من التعاون في شتى المجالات.
أما أحمد عبد الحليم سفير السودان لدى القاهرة فقد كشف عن اعتزام بلاده بدء حملة دبلوماسية تستهدف شرح سياساتها وتعهداتها من اجل حل مشكلة دارفور، وأن وزير الخارجية السوداني مصطفى عثمان سيبدأ جولة تشمل عدداً من الدول للغرض نفسه، بالتنسيق مع الدبلوماسية المصرية.
ومن المتوقع أن تتطرق محادثات مبارك والبشير إلى إمكانية تدخل القاهرة لتحسين العلاقة بين الخرطوم والإدارة الأميركية لتخفيف الضغوط الحالية عن السودان بعد الخطوات التي قطعتها الأخيرة لتوقيع اتفاق سلام كامل، ومن بين هذه الضغوط مسألة التهديدات الإريترية للحدود السودانية وإفهام واشنطن أن الطريقة التي تفاوضت بها الخرطوم والحركة الشعبية لا يمكن تطبيقها في مناطق أخرى في السودان.
كما سيبحث مبارك والبشير أيضاً الخطوات التي يمكن اتخاذها لجعل خيار الوحدة بين شمال وجنوب السودان ممكنا والمشاريع التي يمكن أن تساهم بها مصر في تنمية جنوب السودان والمناطق التي طالتها الحرب الأهلية التي استمرت عقوداً.
من جانبه أكد أحمد عبدالحليم السفير السوداني بالقاهرة أن قضية دارفور تشكل التحدي الثالث المطروح أمام الدول العربية والإفريقية بعد قضيتي فلسطين والعراق، مشيراً إلى أن الذي يحاك ويخطط للسودان حاليا يقع في إطار ما يحدث للبلدين، موضحاً أن تحويل قضية دارفور إلي مجلس الأمن يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على أن أي مشكلة يتم النظر فيها من قبل منظمة إقليمية لا يتم طرحها علي مجلس الأمن‏".
ومضى السفير معرباً عن اعتقاده بأن قضية دارفور مجرد مشكلة قبلية تتكرر منذ عام‏1959,‏ وكان يتم حلها عن طريق المجالس القبلية‏,‏ وليس عن طريق الحكومة‏,‏ لكن من يريدون عدم استقرار وسلامة السودان أشعلوا أزمة دارفور أخيرا وحولوها إلي موضوع سياسي"، على حد تعبيره.
وتوقع دبلوماسي غربي عدم اتخاذ أي اجراء بشأن مشروع قرار أميركي لفرض عقوبات قبل الاسبوع القادم على أقل تقدير، وذلك رغم الاحتجاجات واسعة النطاق ضد الخرطوم، التي عبر عنها مشروع قرار يفرض حظرا فوريا على السفر وشحنات السلاح لميليشيا الجانجويد، ويهدد بتوسيع الحظر ليشمل الخرطوم خلال شهر إذا لم توقف الحكومة أعمال القتل والاغتصاب وتشريد سكان القرى ذوي الأصول الافريقي، لكن بريطانيا وألمانيا تقولان إن هذا المشروع ضعيف جدا وجاء متأخرا جدا ويتعين على العالم أن يفرض حظرا فوريا على السلاح إلى السودان إذا لم تف الحكومة بالتزاماتها.
ويلقي السكان من ذوي الأصول الافريقية في دارفور بالمسؤولية على مقاتلين من أصول عربية في أعمال العنف التي يقول مسؤولو الاغاثة إنها أجبرت 1.2 مليون شخص على ترك منازلهم والعيش في مخيمات قاحلة، وتظهر أرقام الأمم المتحدة انه ربما يكون حوالي 30 ألف شخص قتلوا حتى الآن فيما فر أكثر من 100 ألف إلى تشاد المجاورة، كما تواجه الجانجويد اتهامات بأنها بدعم من الجيش السوداني تقوم باحراق قرى واختطاف واسترقاق أطفال وتلويث مصادر المياه واغتصاب منظم للنساء.
وقبل نحو أسبوعين تعهد الرئيس السوداني للامين العام للامم المتحدة كوفي أنان بنزع سلاح الجانجويد وبدء محادثات سياسية مع المتمردين وإتاحة الفرصة أمام وكالات الاغاثة الدولية للوصول إلى المنطقة اضافة إلى ارسال قوة شرطة إلى إقليم دارفور لحماية المدنيين.