حمود الزيادي العتيبي من الرياض: في أول كشف من نوعه أعلن اليوم رئيس تحرير صحيفة (الرياض) السعودية تركي عبدالله السديري أنه تلقى تهديداً بتصفيته بعد أن استلم مدير مكتبه مكالمة هاتفية من مجهول قبل أربعة أيام يفيد صاحبها أنه تقرر اغتياله.

وقال السديري في مقالة نشرها في عموده اليومي "لقاء" عبر صحيفته التي يرأس تحريرها منذ نحو ربع قرن "في الساعة الواحدة والربع من ظهر يوم الأربعاء الماضي تلقى مدير مكتبي مكالمة من مجهول سأله هل هذا مكتب "السديري" حسب تعبيره، وحين رد بالإيجاب قذف بعبارة سريعة وقصيرة كمن يرشقه بحجارة بقوله.. بلِّغه أنه تقرر اغتياله فوراً.. ثم أقفل الخط."

ويعتبر هذا التصريح هو الأول من نوعه الذي يعلن فيه صحافي سعودي فضلاً عن رئيس تحرير أنه تلقى تهديداً مباشراً باغتياله رغم معلومات تسربت من مصادر متعددة خلال الشهور الماضية تشير إلى أن أسماء كتاب وصحافيين سعوديين وضعت على قوائم الاغتيال وعثر عليها بحوزة أوكار الإرهابيين أثناء مداهمة مواقعهم من قبل قوات الأمن دون أن يتم تأكيد ذلك من مصادر رسمية.

السديري الذي أكدت مصادر في الصحيفة أنه أبلغ السلطات الأمنية بفحوى الاتصال، قال في مقاله اليوم "هذا المنطق ليس هو الأول من نوعه، فقد سبقته إيعازات تخويف مماثلة، وأنا أعرف أن من يريد بشخص سوءاً لا يطلعه على نواياه فيه، لكنني أعتبر المحادثة الخاطفة تعبيراً عن حالة حنق مترسبة أثارتها مستجدات أخرى، ولست أعرف لنفسي أي رصيد في الاعتداء على حق أو عقيدة أو سلوكية أي شخص، وليس هذا مجال الرؤية للمحادثة".

وتابع في مقاله "ولكن من اليقين أن اغتيال شخص أو آخر أو مئات سواء كان ذلك الشخص مرموقاً في مسؤولية أهلية أو مسؤولية حكومية لن يؤدي إلى إسقاط دولة ومعها نظامها الاجتماعي ثم يأتي بنظام آخر يتسيده فرسان الاغتيالات.. هذا لم يحدث إطلاقاً.. ومنذ فجر التاريخ دائماً هناك ضحايا لكن دائماً هناك أنظمة حكم راسخة تطارد بحزم كل محاولات عبث بأمنها. والإرهاب الذي تواجهه الدولة الآن بجدارة استهدف أعداداً أكبر من الضحايا فوق ما تحققه الاغتيالات الفردية من مكاسب.."، ثم مضى السديري يتسائل بمرارة ظاهرة "لكن.. هل وصل مجتمعنا إلى هذه المرحلة من الضيق بالآخر..؟ هل سقطت حجج الإقناع ولم يعد هناك إلا رصاص التخويف..؟ ما هو موقف الدين من ذلك..؟".

وحاول رئيس مجلس إدارة هيئة الصحافيين السعوديين أن يجيب على تساؤلاته بنفسه "إنني دائماً أتلقى مكالمات استفسار أو اعتراض ولم أضق بها، بل إن جريدة الرياض التي هي الوحيدة في فتحها للحوار مع الوفود الإعلامية الأجنبية يأتي إليها أيضاً على مستوى الداخل وفي مكتبي بالذات من يسرني الحوار معهم حتى ولو اختلفوا معي.. بل إن بعضهم قد أفادني.. فالحوار هو نهج التعاون خصوصاً وإننا مجتمع إسلامي بكامله ولم يتوافر لنا نمونا إلا بفضل استقرار حياتنا، وهو نمو متفوق على كل الدول العربية من حولنا رغم اعترافنا مع أنفسنا بحاجتنا إلى العديد من الإصلاحات، أما الذين يوالون تقديم الأدلة في عدم أهليتهم لشغل مساحة المواطنة مع غيرهم ليس بغريب أن يلجأوا إلى عتمة التخويف".

وأعاد السديري إلى الأذهان الاعتراضات التي تلقاها منذ مدة إثر كتابته مقالاً تناول فيه الانتماء القبلي قائلاً "لا أجد في هذا الموقف فارقاً كبيراً عن ذلك الموقف الذي توالت فيه الاعتراضات وصيغ التهديد وعبارات الشتم عندما أساء نفر قليل تفسير عبارة تخص القبلية في غير معناها الصحيح، وأراد بعض آخر عن خبث نية أن يضيف إلى مشاغل الدولة في تعقب الإرهاب مشاغل أخرى عند اندلاع صراعات قبلية.. لكنني ألجمت التقيؤ في حلوق من أرادوا استفراغه في وجه المجتمع بإيضاح العبارة في معناها الصحيح وكلا الموقفين الجديد والقديم ليسا إلا حالة ضيق خانقة لا تريد مكاناً لآخر.. وأي آخر.. ".