صحيفة (الرياض) دخلت على الخط
السجال السعودي مستمر فلسطينيا ..وهو مفتاح الانفتاح


نصر المجالي من لندن: واضح أنه سجال لن ينتهي على صفحات الصحف السعودية التي بدأت منذ فترة باختراق محرمات خصوصا لجهة الموقف فلسطينيا، على أن كل ما كتب إلى اللحظة لا يطال قدسية القضية "المقدسة" لكنه بالتأكيد يتناول بالنقد والتحليل على حد التجريح قادة السلطة الفلسطينية التي تتبنى حل قضية الصراع مع إسرائيل وهي لا تزال تراوح مكانها وتتقاتل فيما بينها.

ومن بعد أسبوع على تفجير الكاتب السعودي محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ قنبلته عبر صحيفة (الجزيرة) السعودية حول ما اسماه في عنوان مقال له أثار الكثير من المتابعة والنقاش على الساحة السعودية والفلسطينية سواء بسواء كونه مقال غير مسبوق، ومن ثم رد سفير فلسطين لدى المملكة مصطفى هاشم الشيخ ذيب على المقال مفندا ما جاء فيه ومثمنا دور الرياض في الدعم المستمر قضية شعب فلسطين منذ عهد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل مؤسس المملكة.

فإنه لوحظ أن صحيفة (الرياض) القريبة من الحكم السعودي التي يرئس تحريرها تركي بن عبد الله السديري دخلت هي الأخرى السجال، من خلال مقال للكاتب المثير للجدل هو الآخر، محمد رضا نصر الله، وفي مقاله تفنيد لحلقات متتالية في ما كان يسمى النضال الفلسطيني وصولا إلى الفساد المتجذر في "سلطة نواة الدولة المقبلة".

وعلق مراقبون يتابعون الحدث السعودي على الدوام بالقول أن ما يجري من سجال على صفحات الصحف السعودية التي تعودت الحذر أو الخوف من الرقيب يشير إلى أن انفتاحا إعلاميا بدأت معالمه من خلال أعمدة الصحف، وهذا ، حسب قول هؤلاء ، يشير إلى أن القيادة السعودية فعلا عازمة على تنفيذ برنامجها الانفتاحي والإصلاحي سواء على صعيد قضايا محلية تخص المجتمع السعودي أو الخارج الذي ظلت السعودية معنية به ليس دعما سياسيا فقط بل "حتى آخر ريال تمتلكه خزينتها، وخصوصا حين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية".

وفي مقاله الذي نشرته صحيفة (الرياض) اليوم، وهو ما سيضطر السفير الفلسطيني الشيخ ذيب للرد عليه أيضا فإن الكاتب رضا نصر الله وضع إصبعه على محطات نازفة في العمل الفلسطيني، معطيا مقاربة بما يجري على الساحتين العراقية والفلسطينية حيث كلا الشعبين يعاني احتلالا أجنبيا وسؤ إدارة وحكم، لكنه يقول "وإذا كان الأمل يكاد ينفرج بين حين وآخر على الساحة العراقية، عبر هذه الوضعية السياسية أو تلك.. فإنه مسدود الأفق على الساحة الفلسطينية تماماً، حيث يعاني الفلسطينيون اضطهاداً صهيونياً منظماً بشكل يومي.. وبطبيعة الحال فإن أوضاعهم الاجتماعية تمر بحالة متقدمة في صعوبتها".

وإذ يعترف نصر الله بنا يعانيه الشعب الفلسطيني تحت هذا الضغط الهائل من احتلال عسكري إسرائيلي، إلا أن يصل إلى نتائج محددة تقوده على اتهام القيادة الفلسطينية بزيادة تلك المعاناة يوميا، ولهذا فهو يقول "إلا انه من غير المفهوم منطقياً أن يتعاورعليه ضغط آخر أشد مضاضة من وقع الحسام المهند، وهو يأتي من ذوي القربى من فلسطينيين لا ميزة لهم سوى أنهم وصلوا إلى مواقع المسؤولية والنفوذ، وإن ما يسمعه المرء من أنباء فساد إداري واقتصادي زكمت الأنوف".

ويتساءل الكاتب السعودي "هل يستحق صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته هذا المستوى الهائل من فساد السلطة؟!"، هذا السؤال يحيل إلى تجارب أمم أخرى وقعت تحت طائلة الاستعمار والقمع.. مثل الشعب الفيتنامي وشعب جنوب أفريقيا وغيرها".

وفي تفنيده لسلوكيات قادة السلطة الفلسطينية، فغنه قال "ما سمعنا عن رموز ثورتها ما نراه في سلوك بعض قادة الثورة الفلسطينية!!فهذا تقوده مغامراته النسائية إلى الزواج سراً من ملكات جمال.. بينما هو يقوم بأصعب مهمة أمنية استخبارية لحماية كوادر الثورة، وسد الثغرات في جسمها خوفاً من الاختراق الصهيوني!!وآخر يتاجر في السجاد العجمي.. وثالث يستثمر المساعدات العربية الجزلة وقتها في شراء المزارع والعمارات!! بينما من يقف على الهرم يوزع المنح والمكافآت والمناصب على الأتباع والمريدين والمصفقين!!هذه وغيرها من صور الفساد السياسي، يبدو أنها هي التي شجعت بعض ضعاف النفوس في أوساط الشعب الفلسطيني، على الاستجابة للقيام بمهام استخباراتية صهيونية، أودت بحياة رموز المقاومة الفلسطينية حيث كشفت أحداث اغتيال الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبدالعزيز الرنتيسي، عن وجود عملاء فلسطينيين لإسرائيل في أوساطه!!في هذا الجو الملبد بمدلهمات الفساد، هناك من يشير إلى أن عملية اعتقال المناضل مروان البرغوثي اثناء اجتياح رام الله، وارتكاب مذبحة جنين الرهيبة ، وهما تمتّا بتغاضي سلطة الحكم الذاتي عن هاتين العمليتين، حتى يخرج شارون بورقة نصر أمام مؤيديه بتصفية رموز الإدارة الفلسطينيةط.

ويخلص نصر الله إلى القول "و.. إذا صرفت إسرائيل النظر عن تصفية الرئيس الفلسطيني المحاصر في مقره المهدم!! فإن هذه الأوراق ينبغي أن تكشف اليوم أمام الشعب الفلسطيني، حتى يتمكن من تعديل مساره النضالي المتعثر.. إذا ما تم ذلك فإن جهود هذا الشعب في التضحية والفداء والصبر لن تكون مهدرة كما هي الآن.. بل ستتراكم بفعلها الثوري إلى ما يحقق هدفها لنيل حقوقه المشروعة والعادلة، خاصة وان قضيته أصبحت ملء السمع والبصر، ومحل التعاطف والمؤازرة في كل مكان من العالم، المستفز بأفعال دولة الإرهاب ضد شعب أصبح يئن من ظلم إدارته، فوق ما يعانيه من ظلم الغاصب المحتل".

ويقول المتابعون لحركة تطور أداء الإعلام السعودي منذ شهور في ضؤ حوارات بين القيادة ومثقفين ومطالبين بإصلاحات، يشيرون من جانب التأكيد أن مقالات كهذه "وهي كانت نوعا من التابو" لم تأت بتوجيه من الذين فوق "كما جرت العادة قبل هذا الوقت"، ولكنها حصيلة لما يجري من انفتاح سيشمل الجميع محليا، وكذلك فتح المجال للإعلام السعودي وخصوصا الصحافة والفضائيات الممولة سعوديا بالقيام في أداء دورها من دون خط أحمر هنا حرصا على علاقات مع هذا الجانب أو ذاك".

وفي الأخير، أشار هؤلاء إلى أن سياسة الانفتاح التي تشير "خطوة بخطوة " ستشمل الساحة المحلية إعلاميا وصحافيا على صعيد رسمي أو مؤسسات مملوكة للقطاع الخاص، ، وخير دليل هو المناظرة التي جرت في الأوان الأخير عبر صحيفة (الوطن) السعودية التي تصدر في مدينة أبها الجنوبية بين مالك الجريدة أمير عسير الأمير خالد الفيصل، و(الإسلامي الوسطي) الدكتور محسن العواجي، سواء على صفحات جريدة (الوطن) ذاتها، أو على فضائية (العربية) التي تبث من دبي وللسعوديين في تمويلها وإدارتها وتوجيها دور كبير.