أصداء مجزرة اللاجئين السودانيين في مصر تتواصل
الخارجية المصرية تنتقد quot;التناول الإعلاميquot; للمأساة
نبيل شرف الدين من القاهرة :في تطور جديد استدعت الخارجية المصرية مدير مكتب المفوضية السامية للاجئين في القاهرة، وطالبته بتقديم إيضاح حول التصريحات التي نسبتها وكالات الأنباء إلى المفوض السامي لشؤون اللاجئين بشأن فض قوات الأمن المصرية اعتصام اللاجئين السودانيين، وهاجم المتحدث باسم الخارجية المصرية وسائل الإعلام داعياً إياها إلى ما أسماه quot;مراعاة الموضوعية في النقل والتعليقquot; بدلاً مما وصفه المتحدث الحكومي quot;التناول المغلوط الذي أقدمت عليه بعض وسائل الإعلام العربية والأجنبية لوقائع فض السلطات المصرية اعتصام اللاجئين السودانيينquot;، على حد تعبير المتحدث باسم الخارجية المصرية .
أما في واشنطن فقد اكتفى آدم ايرلي المتحدث باسم الخارجية الأميركية بالقول : quot;إننا نشعر بالحزن على مقتل السودانيين في القاهرة، ونقدم تعازينا إلى عائلات الضحايا، ونعرب عن تعاطفنا مع المصابينquot;، كما أعرب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة عن حزن كوفي أنان لسقوط هؤلاء القتلى، معتبراً أنها quot;مأساة كبيرة وغير مبررةquot; .
المنظمات والتحقيقات
وبينما حمّلت اثنتا عشر منظمة مصرية معنية بحقوق الإنسان وزارة الداخلية المسؤولية عما حدث، ودعت إلى إجراء تحقيق مستقل في الوقائع، فقد قررت النيابة العامة المصرية تسليم الجثث التي تم التعرف اليها لذويهم لتقريرها إذا كانوا سيقومون بدفنها في مصر في مقابر الصدقة أو دفنها في السودان، والاستعلام عن حالة باقي المصابين المودعين بمعسكرات الإيواء التي أعدت لهم، ولم تقرر سلطات التحقيق حتى الآن ترحيل اللاجئين من عدمه حتى الوصول لحل نهائي مع المفوضية الخاصة بشؤون اللاجئين وما زال عدد من اللاجئين مصرا على الإضراب عن الطعام حتى يتم التوصل لحل لمشكلتهم .
وتجمع أمس مئات المصريين وغيرهم من المتعاطفين بالقرب من موقع الاعتصام في حشود تضامنية مع المعتصمين الذين سقط منهم قتلى بينهم أطفال سحقوا تحت الأقدام، حينما بادرت الشرطة بإلقاء قنابل مسيلة للدموع ومدافع الماء .
وورد في بيان مشترك للمنظمات quot;إن المجرم الحقيقي وراء تلك الاحداث هو الداخلية المصرية التي لا تعرف سبيلا للتعامل مع البشر سواء كانوا مواطنين أو لاجئين سوى الضرب والسحق والقتل خارج القانون والاعتقال والترحيل إلى أماكن احتجاز غير قانونيةquot;، حسب بيان المنظمات الحقوقية .
ودعت منظمة quot;هيومان رايتس ووتشquot; الدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إجراء تحقيق مستقل في الوفيات التي وقعت بالقرب من مكاتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، وقالت مفوضية الأمم المتحدة إن المعتصمين السودانيين كانوا مهاجرين لأسباب اقتصادية وليسوا معرضين لخطر الاضطهاد السياسي إذا عادوا للسودان، وقال جو ستورك نائب مدير فرع المنظمة بالشرق الأوسط quot;إن عدد الضحايا الكبير يشير إلى أن الشرطة تصرفت بوحشية مُفرطةquot;، وأضاف quot;لم تكن قوة شرطة تتصرف بمسؤولية لتسمح بوقوع مثل هذه المأساةquot;، على حد تعبيره .
المتحدث والإعلام
في زاوية أخرى من مشهد المأساة شنّ بيان للمتحدث باسم الخارجية المصرية هجوماً حاداً على ما أسماه quot;التغطية الإعلامية المشوهةquot; للحدث الذي لقي فيه ما لا يقل عن خمسة وعشرين لاجئاً مصرعهم بينهم أطفال ونساء وعجائز، فضلاً عن عشرات المصابين في جانبي اللاجئين وقوات الأمن، وجاء في بيان المتحدث ما يلي حرفياً :
quot;استرعى انتباه وزارة الخارجية التناول المغلوط الذي أقدمت عليه بعض وسائل الإعلام العربية والاجنبية لواقعة فض السلطات المصرية اعتصام اللاجئين السودانيين صباح الجمعة الماضية، في تعمد ملحوظ للإساءة للسلطات المصرية، متهمة إياها باستخدام العنف المفرط والقوة غير المبررة في فض الاعتصام ، مما أدى إلى وقوع عدد كبير من اللاجئين السودانيين، على الرغم من أن قوات الأمن المصرية لم تكن تحمل أسلحة بيضاء أو نارية بما يمكنها من استخدام القوةquot; .
وحمل المتحدث باسم الخارجية المصرية على التغطية الإعلامية الدولية للحدث فيصفها بأنها quot;تعكس افتقارا صارخا لتوخي الدقة في جمع المعلومات وافتقاد الحرص على النقل الامين والعرض الموضوعي لوقائع تلك الازمة، حيث تجاهلت ما أبدته السلطات المصرية من صبر وأناة في تعاملها مع أزمة المعتصمين منذ ارهاصاتها الأولى يوم 29 أيلول (سبتمبر) الماضي، أصر فيها اللاجئون السوادنيون على التشبث بموقفهم باستمرار حالة الاعتصام في قلب القاهرة ، بكل ما يتضمنه ذلك من سلوكيات مخالفة للقوانين المصرية وانتهاكا لقيم وتقاليد المجتمع المصري، ولاسيما أن موقع الاعتصام يتمثل في حديقة ملحقة بمسجد مصطفى محمود، الذي يعتبر من أهم مساجد القاهرة ، حيث يتردد عليه الآلاف من المصلين في الاعياد والمناسبات الدينية ، الامر الذي لا تقبل إزاءه اعراف المجتمع المصري اي مساس به إلا أنه رغم ذلك فقد حرصت السلطات المصرية على تكثيف الجهد لتوفير الأمن والحماية للسودانيين المعتصمين فضلا عن المكتب الاقليمي لمفوضية اللاجئين في القاهرة
ومضى المتحدث منتقداً التغطية الإعلامية قائلاً إن وسائل الإعلام المشار إليها أسقطت عامدة الجهود الدؤوبة التي بذلتها مصر على مدى ثلاثة أشهر في هذا الصدد ، حيث لم تدخر وسعا في تكثيف اتصالاتها سواء مع السلطات السودانية ومكتب المفوضية في القاهرة والوسطاء السودانيين ، بغية تحديد السبل الممكنة للاستجابة لمطالب المعتصمين لفض ذلك الاعتصام سلميا ، وهي الجهود التي اسفرت بالفعل عن التوصل الى صيغة مقبولة من قبل المفوضية وممثلي المعتصمين ، إلا انه لم يلبث أن تراجع المعتصمون عن موافقتهم على تلك الصيغة متشبثين بمطلبهم الرئيس بالإصرار على توطينهم في دولة ثالثة في الولايات المتحدة أو كندا أو أستراليا .
مفوضية اللاجئين
واختتم بيان المتحدث باسم الخارجية المصرية بالقول إن quot;مثل هذا التناول الإعلامي أغفل أن تدخل السلطات المصرية جاء بناء على طلب مكتب المفوضية في القاهرة لفض الاعتصام سلميا، كما لم تدخر السلطات وسعا صباح الجمعة الماضي في مناشدة المعتصمين انهاء الاعتصام والتعاون طواعية معها لنقلهم إلى معسكرات إيواء خارج القاهرة بما يضمن لهم ولأسرهم المعاملة الكريمة والرعاية المطلوبة بدلا من المبيت في العراء بقلب القاهرة ، وهو النداء الذي لم يجد اي اذان صاغية من قبل المعتصمين الذين بادر بعضهم بالاعتداء على قوات الامن المصرية مستخدمين السلاح الابيض والزجاجات الحارقة والحجارة ،الأمر الذي لم تجد القوات أمامه بدا من التدخل لحماية أفرادها واجبار المعتصمين على وقف العنف ما أدى إلى تلك النتيجة الاليمة بوقوع ضحايا على الجانبين السوداني والمصريquot; .
وقال المتحدث الرئاسي المصري سليمان عواد ان مصر لم يكن أمامها أي خيار سوى التدخل مشيراً إلى أن مكتب مفوضية اللاجئين طلب من السلطات المصرية فض الاعتصام ثلاث مرات، غير أن شهود عيان أكدوا أن الشرطة ضربت اللاجئين بالهراوات واستخدمت مدافع المياه لاخراجهم من الحديقة، وقالت السلطات المصرية إن السودانيين لقوا حتفهم نتيجة التدافع واضافوا انهم رشقوا قوات الشرطة بالزجاجات والحجارة
التعليقات