علي مطر من إسلام آباد : تعتبر مواضيع العلاقات الباكستانية ndash; الهندية والتقارب الباكستاني ndash; الاسرائيلي وزلزال 8 اكتوبر هي الاحداث التي برزت في مقدمة المؤثرات على الساحة الباكستانية. وهناك احداث اقل اهمية منها مثل مطالبة الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف بطرد الطلاب الاجانب الدارسين بالمدارس الدينية الباكستانية واقدام وزارة الداخلية الباكستانية على ترحيل بعضهم والغاء التأشيرات سارية المفعول الخاصة ببعضهم الاخر؛ و هناك كذلك محاولة الرئيس الباكستاني المثيرة للجدل والمتعلقة ببناء سدود مائية على الرغم من معارضة بعض الاقاليم الاربعة المكونة لباكستان لها و هو ما جعل بعض القادة القوميين في هذه الاقاليم يحذرون من ان مضي الرئيس مشرف في سياسة بناء السدود بدون حصوله على موافقة جماعية اولا من شأنه ان يؤدى الى انفراط عقد اتحاد هذه الاقاليم وتفتيت باكستان... اما اهم جوانب القضايا الاساسية فهي كما يلي..
1- كشمير
شهد عام 2005م استمرارا للتعاون المتجدد بين باكستان والهند والذي اتخذ اشكال مختلفة تراوحت ما بين بناء تدابير الثقة المتبادلة ومحاولة زيادة الروابط التجارية والاقتصادية والثقافية بين البلدين بدون ان تتراجع باكستان عن حظر عرض الافلام الهندية في دور السينما بمدنها على الرغم من ان اخر هذه الافلام واحدثها يجد طريقه بسهولة الى ارصفة الشوارع الباكستانية ويباع بابخس الاثمان على الاقرصة المدمجة ولا زالت تحافظ على انتشارها الواسع بين الباكستانيين. بل ان الثقافة الهندية من جانبها قد فتحت الباب على مصراعيه امام الاناث من الممثلات الباكستانيات واجتذبتهم بسبب فرط حريتها للمشاركة في بطولة عدد من الافلام الهندية وسط تهديدات لهن بالقتل من المتشددين بباكستان بسبب اقحامهن للقبل والمشاهد المثيرة في هذه العروض وهو ما استدعى قيام بعض هؤلاء الفنانات باختيار الاقامة في دبي وتوسيع اتصالاتهن مع الممثلين الهنود من هناك ضاربات بالاحتجاجات الكثيرة عليهن عرض الحائط.
هذه التطورات التي امتدت كذلك الى فتح المجالات واسعة امام التقاء الشعبين عبر التنقل بالحافلات بين المدن الرئيسية وحتى بين جزئي كشمير لم تفسح المجال امام الطرفين للتوصل الى حل لنزاعاتهما الرئيسية حول كشمير وحول قضية المياه الشائكة والتي اخفقت سياسة باكستان الخارجية في اقناع الهند ببحثها قبل الوصول الى اتفاق حول مواضيع بناء الثقة المتبادلة الاخرى حيث نجحت الهند في تحويل دفة المفاوضات نحو وضع المشاكل والازمات الرئيسية على الرف وبحث القضايا الثانوية والاتفاق بشانها والعمل كذلك على ترك الازمات العالقة بينهما منذ تأسيسهما الى الزمن لكي يقرر على هوادة وتأني بشأنها.
الزيارات الدينية التي تقوم بها الطوائف الهندية المختلفة لاماكن العبادة والمعابد الخاصة بها في باكستان تتم إزالة جميع العقبات من امامها بدون ان تكون هناك معاملة مماثلة للباكستانيين الراغبين في زيارة مدينة امرتسر معقل السيخ والقريبة من الحدود الباكستانية او غيرها من المدن الهندية لدواعي دينية ان وجدت ولكن يحق للسيخ ان يصلوا من امرتسر الى منطقة نانكانة صاحب التي فيها معبد لهم والتي تفصلها عن حدود الهند قرابة 400 كيلومتر. البعض في باكستان يعتقدون ان تسهيل مرور الرعايا الهنود الى الاراضي الباكستانية بذريعة زيارة اماكنهم الدينية انما يساعد الهند على نشر اعداد كبيرة من جواسيسها في باكستان وتساعدها كذلك في تمكين رعاياها من تهريب المنتجات الهندية الى السوق الباكستانية.
وشهد اخر العام قيام القوميين في اقليم بلوشستان المحاذي لافغانستان وايران بالاحتجاج على سياسات الحكومة الفيدرالية وهو ما تحول الى استخدام العنف كوسيلة لحل الخلافات ودخول قوات الجيش الباكستاني في نزاع حاد مع المسلحين البلوش وهو ما نتج عنه اعراب الهند عن قلقها من تدهور الاوضاع في الاقليم بل والى لجوء بعض المحللين السياسيين الهنود الى استغلال الموقف والتشكيك في مدى احقية باكستان في ضم الاقليم اليها منذ انفصال البلدين في عام 1947م واعتبر ان مسألة بلوشستان قضية لم تنتهي منذ تقسيم شبه القارة الهندية؛ وبالتالي فان باكستان قد رفضت الاحتجاجات الهندية واعتبرتها تدخلا في شؤونها الداخلية ودخل البلدين مجددا في متاهة التصريحات والتصريحات المضادة مع اعتراف الرئيس الباكستاني الجنرال مشرف بانه وبعد قرابة عامين من المفاوضات مع الهند فانه لم يتم تحقيق أي تقدم على مسار حل النزاع الكشميرى رغما عن جميع التنازلات التي قدمتها باكستان.
2- اسرائيل
هناك العديد من الاسباب التي دعت الرئيس الباكستاني للافصاح عن مبادرته للتقارب مع اسرائيل وفي مقدمتها الضغوط الامريكية والغربية على نظامه والرغبة في الحفاظ على بقائه في السلطة وهو ما جعل الرئيس مشرف يشرع في عزف من جانب واحد مع اسرائيل والقبول بالوساطة التركية لعقد لقاء بين وزيري خارجية باكستان واسرائيل بعد لقاءات متعددة بين الطرفين سرا وعلانية. صحيفة جنك واسعة الانتشار والناطقة بالاوردية نشرت ولاول مرة مقابلة مع مسؤول اسرائيلي اختارت الصحيفة ان يكون شيمون بيريز قال فيها ان على اسرائيل وباكستان ان يتحدثا معا وان يتصلا بدون ان يشعرا بالخجل من جراء ذلك. الا ان مجموعة باكستانية لم يرق لها ذلك وشعرت بان ما قامت به الصحيفة مخجل ومعيب ويستدعي تعريض مكاتبها للهجوم والحرق. ولم يكن رد المتشددين باقل حدة على اجتماع الرئيس الباكستاني الجنرال مشرف مع اليهود الامريكان في نيويورك.
اتصالات مشرف هذه باسرائيل لم تأتي فجأة ولم تكن نتيجة لاكتشافه المفاجئ للجانب الصهيوني في نفسيته كما قد يظن البعض ولكن لكي يضع عمودا في وسط عجلة التعاون الهندي ndash; الاسرائيلي في المجالات الدفاعية والعسكرية ظنا منه ان تقربه من الدولة العبرية سيخفف من سرعة التقارب بين هاذين البلدين. ويلاحظ ان قيام الرئيس الباكستاني في عام 2004م بمطالبة شعبه ببحث امكانيات الاعتراف باسرائيل قد جاء بعد اعلان الولايات المتحدة عن مخطط لدعم باكستان بمبلغ 3 بليون دولار على مدى سنوات خمس؛ حيث يعتقد بان الرئيس مشرف قد هدف الى التقرب من واشنطن من خلال اثارة قضية التقارب الباكستاني الاسرائيلي لما لهذين البلدين الحليفين لواشنطن من اهيمة في مسار المصالح الامريكية في منطقة الشرق الاوسط وجنوب اسيا بل ووسط اسيا ايضا. الرئيس الافغاني حامد كرزاي هو الاخر لم يقلل من اهمية مثل هذا الامر وطالب بان تكون هناك علاقات بين بلاده واسرائيل ولكن في الوقت المناسب..
3- زلزال 8 اكتوبر
هذا الزلزال من اهم الاحداث التي تعرضت لها باكستان في العام المنصرم بل وربما منذ تأسيسها بإعتبار انه قد كشف عن مدى وهن وضعف هذا البلد وضعف التماسك بين العرقيات الكثيرة المكونة لشعبه. الاستعدادات الباكستانية لخوض حرب مع جارتها الضخمة الهند واهنة وازدادت وهنا بعد اتجاه كبار العسكريين الباكستانيين الى العمل السياسي وتفضيلهم العيش بترف على حياة الثكنات القاسية واصبحوا يفضلون الحصول على مناصب مدنية وسياسية والاتجاه نحو بناء الفلل الفارهة وشراء العقارات ( باثمان بخسة ) وارسال عائلاتهم للعيش خارج البلاد بشتى الاعذار. كما ان الحكومة اهملت بناء الطرق القوية وشبكات الاتصال المناسبة مع مناطق الشمال التي يمكن بحق ان توصف بانها جنان على الارض. كل هذا ادى الى كشف سوءة الحكومة وعجز قواتها المسلحة عن تقديم الدعم المناسب وفي الوقت المناسب لمتضرري الزلزال الذين لا يزالون يعانون الامرين من نتائج الزلزال المدمر ومن البرد القارس الذي يهدد بالازدياد.
الكارثة اثبتت عدم وجود أي نوع من الاستعدادات لدى باكستان على مواجهة متاعب اقل بمائة مرة من حجمها ناهيك عن قيام الباكستانيين انفسهم بالتضامن مع المتضررين من الزالزال؛ فهم ينفقون ببذخ ويسعون لامتلاك الكماليات بصورة لا تتوقف ويعتمدون على الدعم الاجنبي والدعم الاجنبي فقط لحل مشاكلهم ولهذا فان الجيش الباكستاني الذي قصر اعتماده في مواجهة القوة الجبارة التي تحاول النيل منه الا وهي الهند على موضوع الردع النووي فانه قد طلب تدخل القوات الامريكية وقوات حلف الناتو لمساعدته في مواجهة كارثة الزلزال. كما ان الحكومة الباكستانية وبدلا من الانفاق من مواردها الذاتية على اصلاح اوضاع ضحايا الزلزال قد لجأت الى استضافة مؤتمر للمانحين في شهر نوفمبر وطلبت امدادات مالية وحتى نهاية العام لم تتحقق أي من الوعود التي قدمتها الدول المانحة سوى النذر اليسير ولا زال ضحايا الزلزال ينتظرون. وعلى الرغم مما قدمته الدول العربية من مساعدات لباكستان في محنتها الا ان الرئيس الباكستاني قد صرح وفي اكثر من مناسبة بان الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة هي وحدها التي ساعدت باكستان في هذه الازمة !!
- آخر تحديث :
التعليقات