توقيف 730 وإطلاق 1444 وإيواء 2174
برلمان مصر يناقش مأساة اللاجئين السودانيين


نبيل شرف الدين من القاهرة: بينما شهد اليوم الاثنين مجلس الشعب (البرلمان) المصري مناقشة 35 بياناً عاجلاً حول ملابسات يوم الجمعة الدامي، الذي شهد مصرع 27 وإصابة عشرات من السودانيين ورجال الشرطة، أثناء قيام قوات الأمن المصرية بفض اعتصام للسودانيين أمام مقر مفوضية اللاجئين في القاهرة باستعمال القوة، فقد رفض نواب البرلمان الذي تهيمن عليه غالبية من أعضاء الحزب الوطني (الحاكم)، أي اتجاه لإجراء تحقيق دولي في هذا الشأن .

في غضون ذلك أعلن ممثل الحكومة في البرلمان أن730 من بين نحو ألفين وخمسمئة سوداني ما زالوا موقوفين، وقد نقل 2174 شخصاً إلى أماكن إعاشة لم يحددها، فيما أطلق سراح 1444 منهم .

آراء وأدلة
وفي المناقشات البرلمانية دعا النواب إلى سرعة موافاة المجلس بنتائج التحقيق لتطمين الرأي العام المصري والسوداني والعالمي الذي أبدى أسفه لوقوع كل هذا العدد من الوفيات، وقال نواب الحزب الوطني (الحاكم) إن أجهزة الأمن بذلت جهودا لإنهاء اعتصام السودانيين وأجرت اتصالات مع كبار المسؤولين السودانيين، كما تفاوضت معهم شخصيات بارزة، ومن بينهم الصادق المهدي رئيس حزب الأمة السوداني المعارض، وفاروق أبو عيسى وغيرهما من الشخصيات العامة، إلا أن جميعها باءت بالفشل دون جدوى، وأن مفوضية اللاجئين هي التي طلبت التدخل لفض الاعتصام بعد فشل كل المحاولات لإنهائه سلمياً .

وقال النائب محمد أبو العينين رئيس لجنة الصناعة في البرلمان، إنه أرسل من صّور الأحداث التي وقعت في الميدان، مؤكدا أن الشرطة تعاملت مع المعتصمين بكل تحضر، وحاول ضابط برتبة لواء التفاوض مع المعتصمين على شكل مجموعات، موضحا لهم أنه تم تجهيز الحافلات لنقلهم وتم توفير المأكل والمشرب ولكن المعتصمين رفضوا كل المحاولات لإنهاء الاعتصام، وبدأوا إلقاء الطوب وخلع الملابس بشكل كامل، وبعد رفض المحاولات تدخلت الشرطة، وقدم النائب قرصاً مدمجاً (سي دي) إلى البرلمان يكشف كل الحقائق .

أما الصحافي مصطفى بكري الذي تحدث أمام البرلمان بصفته نائباً لأول مرة، فقد استهل مداخلته قائلاً إنه يرفض ما أسماه quot;محاولات المزايدة على مواقف مصر تجاه دعم ومساندة الشعب السوداني، وأضاف أن مصر تلقت ثلاثة طلبات لفض الاعتصام من المفوضية الأوروبية، وطلبت من المسؤولين السودانيين الذين زاروا مصر إنهاء وفض الاعتصام، غير أن المعتصمين رفضوا كل المحاولات وأن الشرطة بذلت جهودا كبيرة لفض الاعتصام سلميا لكن المعتصمين واجهوا ذلك بإلقاء الحجارة على قوات الشرطة والاعتداء عليهم فما كان من الشرطة إلا التدخل لإنهاء الاعتصام، واختتم بكري رافضا إجراء أي تحقيق دولي .

موقف الحكومة والإخوان
ولفت نائب جماعة quot;الإخوان المسلمينquot; سعد الكتاتني إلى أن المنظمات الدولية أدانت استخدام العنف لفض الاعتصام، وطالب بإجراء تحقيق عاجل وكشف الحقيقة بأسرع وقت ولا تكون مثل التحقيقات التي جرت بعد أحداث طابا وشرم الشيخ، وهنا انبرى له النائب زكريا عزمي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية قائلا إن النيابة العامة أحالت تحقيقاتها بشأن أحداث طابا إلى القضاء بعد انتهاء التحقيقات في حين لازالت التحقيقات جارية بالنسبة الى تفجيرات شرم الشيخ .

من جانبه عقب مفيد شهاب وزير الشؤون القانونية والمجالس النيابية على المداخلات، فأعرب في البداية عن أسفه لهذه الأحداث، وما نتج عنها من وقوع ضحايا وإصابات من الجانبين، لافتاً إلى أن الاعتصام بدأ يوم 29 أيلول (سبتمبر) الماضي احتجاجا من قبل المعتصمين السودانيين من موقف مفوضية اللاجئين لأنها لم تستجب لمطالبهم وهي توطينهم في دول أوروبا وإعطاؤهم الأموال والمساعدات اللازمة، وقال إن الدولة متمثلة في الحكومة أتاحت الفرص أكثر من مرة بطرق سلمية ولكن دون جدوى .

ومضى شهاب قائلاً إنه منذ بداية الأزمة شكلت لجنة وزارية عالية لمتابعة القضية، تضم ممثلين لوزارة الداخلية والخارجية والاستخبارات العامة والحربية لمتابعة الأمر، منوها بأن مفوضية اللاجئين تلقت أكثر من مرة تهديدات من المعتصمين باقتحامها، وأرسلت المفوضية مكاتبات إلى الخارجية مفادها أنها في موضع خطر وأنها غير آمنة على نفسها، واستنفذت كل الإجراءات المتاحة من قبل المعتصمين ولكن دون جدوى، وطلبت في الوقت نفسه من مصر اتخاذ الإجراءات اللازمة لفض هذا الاعتصام .

وقال شهاب إن منطقة الاعتصام تعرضت للتلوث نتيجة لفضلات المعتصمين وممارسة حياتهم الطبيعية في الميدان، وهذا ما أكده مدير الطب الوقائي في الجيزة أن المنطقة تتعرض لخطر الأوبئة وخاصة مرض الإيدز، مشيرا إلى أن بعض المعتصمين توفي والبعض أصيب خلال فترة الاعتصام .

واختتم شهاب كلمته قائلاً إن المنطقة شهدت حوادث شغب خلال الفترة الماضية، كما شهدت اشتعال إحدى أسطوانات الغاز بين المعتصمين، وكادت تقع كارثة لولا اتخاذ الإجراءات اللازمة بسرعة، مشيراً إلى ما أسماه تكرار وقوع حوادث العنف بين المعتصمين أنفسهم بسبب انحياز بعضهم إلى فضّ الاعتصام سلميا، غير أن قادتهم كانوا يجبروهم على التراجع بالقوة .