إنقلاب غير مسبوق في التاريخ البريطاني ..
حزب quot;المترفينquot; يشطب الثاتشرية منتصراً للمحرومين

زعيم حزب المحافظين مع عائلته
نصر المجالي من لندن: استهل زعيم حزب المحافظين البريطانيين الجديد ديفيد كاميرون العام الجديد بالاعلان عن انقلاب شامل غير مسبوق في التاريخ البريطاني، فالحزب الذي يعتبر حزب الطبقة الأرستقراطية والمترفين ، في إطار هذا التطور سيلغي الأيدولوجية الثاتشرية quot; نسبة إلى الليدي مارغريت ثاتشر رئيسة الوزراء السابقةquot;، كما أنه سينتهج سياسات جديدة تضع مصالح طبقات المحرومين والفقراء فوق مصالح طبقة الأغنياء. وكانت الليدي ثاتشر (80 عاما) قادت الحزب لانتصارات ثلاث ما بين 1979 و1991 حين تخلت عن زعامة الحزب ورئاسة الحكومة لصالح رئيس وزراء الأسبق جون ميجور.

وفي إطار سياساته الجديدة، فإن ديفيد كاميرون الذي كان انتخب في الشهر الماضي زعيما لحزب المحافظين في محاولة من الحزب للزج بالوجوه الشابة في مواقع القيادة، لإثر استقالة الزعيم السابق مايكل هيوارد الذي هزم في الانتخابات البرلمانية في مايو (ايار) الماضي أمام حزب العمال بزعامة توني بلير، فإن كاميرون أيضا شطب من خطط حزبه تلك السياسات التي وضعتها الزعامة السابقة وخاصة في المجال الصحي.

وكانت خطة مايكل هيوارد تقضي بتحويل الضمان الصحي والاجتماعي إلى القطاع الخاص، وأعلن كاميرون في خطته التي سينتهجها ويخوض على أساسها الانتخابات المقبلة بعد ثلاث سنوات ترفض المبدأ المتعارف عليه وما كان حزب المحافظين يعتمده كسياسة ثابتة بدعم المشروعات الكبيرة في القطاع الخاص.

وشكل ديفيد كاميرون (38 عاما) الذي هو إعلامي معروف وخريج جامعة جامعة أكسفورد، قبل أسبوعين حكومة ظل محافظة من أركان حرب إصلاحيين متشددين يتقدمهم الجيل الشاب في المجتمع البريطاني وهو أيضا قرر تعيين مستشارين لحزبه من خبراء في مختلف المجالات وتقنيين محترفين، حتى أنه استعان بالمغني الإيرلندي الشهير بوب غيلدوف ليكون مستشاره لشؤون محاربة الفقر في مختلف أرجاء العالم.

وعلى العكس من ديفيد كاميرون الشاب، فإن مارغريت ثاتشر quot;الصيدلانيةquot;التي تولت رئاسة الحكومة العام 1979 كأول سيدة في التاريخ البريطاني تحتل مثل هذا المنصب كانت تبنت سياسات صارمة طوال 12 عاما من ولايتها حطمت خلالها دور النقابات وتبنت مناهج اقتصادية انتصرت فيها لرجال الأعمال الكبارالأمر الذي اثار عليها موجات سخط كبيرة من الطبقتين المتوسطة التي بدأت تواجه الاضمحلال والطبقة الفقيرة أساسا، كما أنها فرضت ضرائب باهظة من بينها ضريبة المسقفات التي لا زال يرفضها المواطنون البريطانيون.

وحين أعلن زعيم حزب المحافظين سياسات حزبه أمس في أول تصريح في العام الجديد، فإنه شن هجوما كاسحا ضد وزير الخزانة في الحكومة العمالية غوردون براون، ويعتقد مراقبون أن هذا الأخير قد يكون ند كاميرون في معركة الانتخابات المقبلة.

كاميرون مقبلا زوجته سمانثا بعد فوزه
وتتحدث مصادر بريطانية كثيرة عن وجود صفقة سياسية بين رئيس الحكومة توني بلير ووزير خزانته يتخلى بموجبها بلير عن زعامة الحزب للوزير ليتفرغ لقيادة المعركة الانتخابية التي توصف من الآن بأنها معركة quot;كسر عظمquot; حيث يحشد محافظو بريطانيا إليها من الآن للعودة إلى الحكم الذي حرموا منه منذ العام 1997 وظلوا في صفوف المعارضة.

وختاما، فإن زعيم حزب المحافظين الجديد، إذ لم يهاجم منجزات السيدة مارغريت ثاتشر، معتبرا نفسه واحدا من المعجبين بها، فإنه قال quot;هذا لا يمنع حزبنا إذا عزم العودة إلى الحكم بقوة، أن يتقدم أماما متجاوزا كل الماضيquot;. وبالمقابل، فإن حزب العمال الحاكم شن هجوما كلاميا ضد كاميرون متهما إياه بأنه quot;يقلّد سياسات الرئيس الأميركي جورج دبليو بوشquot; وأنه quot;يحاول فرض واقع جديد على الحياة السياسية في المملكة المتحدةquot;.