التمرد لم يكن ضمن حسابات البيت الأبيض
العراق كلّف واشنطن تريليون إلى تريليونين دولار


واشنطن -لندن:ذكرت صحيفة الغارديان في تقرير حول تكاليف الحرب بالعراق ان واشنطن ستدفع ما بين تريليون وتريليونين من الدولارات لتغطية التكاليف .ونقلت الغارديان عن تقرير اعده جوزيف ستيغليتز استاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا الاميركية والفائز بجائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001، ان من ضمن تلك التكاليف الرعاية الصحية التي سوف يحصل عليها الجنود الاميركيون المصابون العائدون من العراق والتي قد تمتد لسنوات عديدة. وقالت الصحيفة ان الحكومة الاميركية تواصل وضع تقديرات لتكاليف الحرب اقل بكثير من الواقع. واوضحت الصحيفة ان التقرير سيزيد من الضغوط على الادارة الاميركية خاصة وان صدوره تزامن مع اكثر الاوقات التي تعاني فيها القوات الاميركية بالعراق من خسائر بشرية حيث قتل 11 جنديا اميركيا امس .وقال ستيغليتز للغارديان ان التقديرات التي وضعها في التقرير غير مبالغ فيها بل ان التكلفة الحقيقية في نهاية الامر قد تفوق المبلغ المذكور في التقرير. واضاف ان هذه التكلفة لا تتضمن ما ستدفعه بريطانيا والعراق لتغطية تكاليف الحرب.

واوضحت الصحيفة انه في عام 2003 عندما كانت القوات الاميركية والبريطانية تتقدم نحو الحدود العراقية قال لاري لينساي المستشار الاقتصادي للرئيس جورج بوش ان تكاليف الحرب سوف تصل الى 200 مليار دولار. وقالت الغارديان ان البيت الابيض اعترض في ذلك الوقت على تقدير ليندساي وقال ان هذا التقدير مبالغ فيه جدا. ونقلت الصحيفة عن ستيغليتز انه وبعد مرور ثلاث سنوات ومازال هناك اكثر من 140 الف جندي اميركي على الاراضي العراقية فإن مبلغ 200 مليار دولار قليل للغاية. واضافت ان أحدث ارقام اصدرتها وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) قالت ان 16 الف جندي قد اصيبوا بالعراق عدد منهم باصابات في المخ او العمود الفقري او فقد احد اطرافه. وقدر تقرير الخبير الاقتصادي تكاليف علاج المصابين في المخ وحدهم من بين الجنود بحوالي 35 مليار دولار حيث ان علاجهم سيدوم طوال حياتهم.

العراق ليس على شفا حرب أهلية
من جهته قال اكبر قائد عسكري في العراق بعد واحد من اكثر الايام دموية منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع صدام حسين ان موجة العنف التي شهدتها البلاد هذا الاسبوع quot;امر شاذquot; وان العراق ليس على شفا حرب اهلية.وقال الجنرال جورج كيسي لشبكة (سي.ان.ان) التلفزيونية quot;اعتقد ان هذا المستوى الذي رأيناه من العنف امر شاذ . نشهد هذه الفورات بين فترة واخرى .quot; و كان هجومان انتحاريان في كربلاء والرمادي يوم الخميس قد اسفرا عن مقتل اكثر من 120 عراقيا. كما قتل 11 جنديا أميركيا في اربع هجمات للمسلحين.وقال كيسي quot;أعتقد ان تلك الهجمات في الايام الماضية يهدف بها المقاتلون الاجانب والعراقيون الذين يساندونهم الى اثارة توتر طائفي خلال فترة حساسة اثناء تشكيل الحكومة. لكنني لا اعتقد أنه (العراق) على شفا حرب أهلية.quot;وجاءت تصريحات كيسي الموجود في واشنطن للقاء الرئيس الاميركي جورج بوش وقادة وزارة الدفاع (البنتاغون) مختلفة عن اخرى أدلى بها يوم الثلاثاء الماضي سلفه في المنصب حتى عام 2004 الليفتنانت جنرال ريكاردو سانشيز.

وكانت صحيفة quot;ستارز اند ستريبسquot; المعنية بالشؤون العسكرية نقلت عن سانشيز قوله لجنود اميركيين يستعدون للتوجه إلى العراق في احتفال بمدينة هايدلبرج الالمانية ان quot;البلد على شفا حرب أهلية.quot;ودعا كبار الزعماء الدينيين والسياسيين الشيعة يوم الجمعة إلى ضبط النفس بعد أن طالب بعض الشيعة بالانتقام من المسلحين الذين يغلب عليهم العرب السنة والذين يحملونهم المسؤولية عن هجوم الخيمس الانتحاري في مدينة كربلاء.وسعى كيسي إلى التهوين من شأن العنف الذي شهده العراق هذا الاسبوع.وقال quot;لا يمكن ان نسمح لما حدث في الايام القليلة الماضية بصرف الانتباه عن التقدم الذي تحقق خلال العام الماضي. هذا هو ما يريده الارهابيون.quot;وادلى العراقيون باصواتهم في 15 ديسمبر كانون الثاني الماضي في انتخابات تشريعية مهدت الطريق إلى تشكيل حكومة جديدة لفترة ولاية كاملة.

وقياسا بعدد الوفيات بين صفوف القوات الاميركية يتضح ان مستوى اعمال العنف التي يشنها المسلحون ظل متسقا في العامين الماضيين. ففي عام 2004 قتل 848 جنديا أميركيا بينما قتل 846 جنديا في عام 2005.
وشهد يوم الخميس مقتل 11 جنديا أميركيا وهو أكبر عدد من القتلى في صفوف العسكريين الاميركيين في العراق منذ الأول من ديسمبر كانون الاول. وبذلك ارتفع عدد القتلى الاميركيين منذ بداية الحرب في مارس آذار عام 2003 إلى 2193 قتيلا.وتنبأ الميجر جنرال ستيفن جونسون من مشاة البحرية الاميركية الذي يقود قوات في اكثر المحافظات العراقية عنفا بتراجع اراقة الدماء خلال العام الحالي وقال ان عمليات عسكرية شهدتها محافظة الانبار في الاونة الاخيرة quot;اخرجت التمرد عن مساره.quot;وقال جونسون للصحفيين في البنتاغون من العراق ان اعمال المسلحين ستستمر quot;إلى أن يتاح الوقت لتطور العملية السياسية.quot;

واضاف quot;اعتقد انكم سترون خلال العام القادم تراجعا في العنف .. فكما تعلمون هناك بدائل لم تكن متاحة من قبل.quot;وقال جونسون إن عمليات ملاحقة المسلحين في غرب محافظة الانبار في الاونة الاخيرة الحقت بهم الضرر. واضاف quot;اعتقد اننا في اخر العمليات في الانبار خاصة في وأدي الفرات الغربي اخرجنا المتمردين عن مسارهم.quot;وذكر جونسون أن الهجوم الانتحاري الذي وقع يوم الخميس واستهدف مجندين في الشرطة بمدينة الرمادي السنية بغرب العراق يحمل quot;كل بصماتquot; فرع تنظيم القاعدة في العراق لكنه اضاف انه لا يوجد دليل يؤيد هذا الاستنتاج.

بريمر


وعلى صعيد متصل قالت شبكة ان بي سي التلفزيونية ان بول بريمر الذي قاد سلطة الاحتلال المدنية الاميركية في العراق بعد غزوه في عام 2003 اعترف بان الولايات المتحدة لم تكن تتوقع التمرد في هذا البلد.
وسرد بريمر الذي اجرت الشبكة مقابلة معه فيما يتعلق بنشر كتابه عن العراق تفاصيل قرار حل الجيش العراقي بسرعة بعد الوصول الى بغداد وهي خطوة يعتبرها خبراء كثيرون سوء تقدير كبيرا.وقالت الشبكة في نشرة اخبارية انه عندما سئل بريمر عمن الذي ينحى باللائمة عليه في التمرد العراقي الذي تلا ذلك والذي قتل فيه الاف من العراقيين والامريكيين فقال quot;لم نتوقع حقيقة حدوث التمرد.quot;واضافت الشبكة التي لم تنشر نسخة من المقابلة ان تصريحات بريمر اشارت الى انquot;تركيز الحرب كان في المكان الخطأ.quot;ومن المقرر نشر الكتابquot;عامي في العراق..النضال لبناء مستقبل الاملquot; quot;My Year in Iraq: The Struggle to Build a Future of Hopequot; يوم الاثنين . وستذاع المقابلة ليل الاحد.

وقال بريمر ايضا انه كان يشعر بقلق عميق بشأن قتال المسلحين quot;واصبح قلقا على نحو متزايد بشأن حملة البنتاجون لتقليل عدد القوات الاميركية في العراق بحلول ربيع 2004.quot;وقال بريمر انه اثار قلقه بأن الاعداد ونوعية القوات مع الرئيس جورج بوش ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد وكبار المسؤولين العسكريين .ولكنه ابلغ ان بي سي انه كان هناك اتجاه من جانب اشخاص في وزارة الدفاع الاميركية لتضخيم قدرة القوات العراقية وقالquot;شعرت أنه من غير المحتمل ان يكون لدينا قوات مدربة بشكل احترافي للسماح لنا بسحب القوات الاميركية في ربيع 2004 .quot;وسئل عما اذا كان يعتقد انه فعل كل شيء يمكن ان يفعله في العراق فقال بريمر quot;اعتقد انني فعلت كل شيء استطيع أن افعله..الرئيس في النهاية مسؤول عن اتخاذ القرارات.quot;