حيدر عبدالرضا من مسقط :تحتفل الدول العربية اليوم المصادف للثامن من يناير من كل عام quot;باليوم العربي لمحو الأميةquot; وذلك استجابة للقرار الذي أصدرته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في دورتها الثانية عام 1970. ويتيح هذا اليوم الفرصة لمراجعة الخطط وتعديل البرامج من أجل القضاء على الأمية بشقيها الأبجدي والحضاري في الوطن العربي إنطلاقا من القناعة التامة بأن الأمية تشكل عقبة في طريق تحقيق التنمية الشاملة وحاجزا دون نهضة الشعوب وسعادتها. وفي سلطنة عمان فقد ألقت الدكتورة منى بنت سالم الجرداني وكيلة وزارة التربية والتعليم للتعليم والمناهج كلمة قالت أشارت فيها إلى أن يوم الثامن من يناير من كل عام يوما يوافق يوم إنشاء الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار عام 1966، الأمر الذي يستوجب إعطاء الجهود المبذولة على المستوى القومي والإقليمي والدولي دفعة قوية ماديا وفنيا وأدبيا، وذلك من خلال إثارة الوعي بمشكلة الأمية وأخطارها وأبعادها على مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية وعلى وجه الخصوص على برامج التنمية وانطلاقها .

وأضافت المسؤولة أنه من هذا المنطلق فإن مشاركة عمان بهذه المناسبة تنبع من قناعتها الراسخة بأن الأمية تعد عائقا وعازلا يحول دون نهضة الشعوب وسعادتها، وأن ذلك بلا شك يعتبر خطرا مباشرا يهدد البشرية في حاضرها ومستقبلها مما يتعذر معه السير قدما في إنجاز الخطط التنموية المتوازنة، وذلك لأن العنصر البشري المتعلم هو الأساس في البناء التنموي. وقالت أنه انطلاقا من هذه الرؤية جاءت استراتيجية وزارة التربية والتعليم منذ عام 1970 للعمل في اتجاهين رئيسيين الاتجاه الأول سد منابع الأمية وذلك بنشر التعليم وتعميمه باستيعاب كل طفل بلغ سن السادسة في التعليم، مشيرة إلى أنه في هذا المجال فقد خطت السلطنة خطوات متقدمة وحققت نجاحا باهرا حيث فاقت نسبة الاستيعاب ( 99.8%). أما الاتجاه الثاني فهو العمل على محو الأمية من خلال ابتكار أحدث الآليات والأساليب والتجارب التي استهدفت في مجملها تحقيق تربية تواكب متطلبات العصر، وتدفع مسيرة النشاط إلى التقدم في المحاور المختلفة خاصة، موضحة أننا نعيش منذ بدء الألفية الثالثة في عالم تتسارع فيه الخطى نحو التغيير في جميع مناحي الحياة تدفعها إلى ذلك المستجدات اليومية للتكنولوجيا المتطورة ، وتعززها ثورة المعلومات برصيدها الهائل من الحقائق والتوقعات المستقبلية. ومن هذا المنظور حققت الوزارة العديد من الإنجازات والمشروعات الهادفة وذلك بغرض الإسهام وبشكل ملموس في إحداث نقلة كمية ونوعية في واقع هذا النشاط، منها مشروع الاستعانة بمخرجات الشهادة العامة في التدريس بفصول محو الأمية وتأهيل الأطر العمانية العاملة في مجال محو الأمية من أجل الحصول على نواتج أفضل في الأداء، كما شملت الجهود تحديث وتطوير مناهج محو الأمية وذلك حتى تستجيب لتطورات العصر وتلبي حاجات الدارسين على الوجه المطلوب.

وأشارت إلى أن مشروع القرية المتعلمة بقرية المريصي بولاية بركاء يعد من المشاريع التي سيكون لها الدور البارز في تخفيض نسبة الأمية ورفع معدلات التحرر من الأمية وذلك من خلال تعميم هذه التجربة على بقية المناطق التعليمية على بقية المناطق العمانية، موضحة أن من الإنجازات الأخرى التي تحققت هو مشروع تمديد مرحلة محو الأمية إلى ثلاث سنوات بدلا من عامين دراسيين والذي يهدف إلى تطوير قدرات الدارسين وزيادة الدافعية لديهم مما يعزز تنمية ثقتهم بأنفسهم ليكونوا أكثر استعدادا للتعلم الذاتي والإقدام على الاستفادة من كل الفرص المتاحة بالإضافة إلى أن المشروع سيقضي على الفجوة بين منهج الصف الثاني محو أمية والسادس تعليم الكبار.

وقد صدر القرار الوزاري رقم (204) 2005 بالموافقة على تمديد مرحلة محو الأمية من سنتين إلى ثلاث سنوات يمنح الناجحون في مستوى السنة الثالثة محو أمية شهادة التحرر من الأمية والتي تعادل الصف السادس وتؤهلهم للدراسة بالصف السابع، مضيفة لقد كان للأخذ بهذا النهج وتفعيله بالغ الأثر في اتساع رقعة النشاط الذي شمل المناطق الريفية النائية وفي الحد من ظاهرتي الإحجام والانقطاع بالنسبة للدارسين، ومن أهمها أنها أحدثت تطورا ملحوظا في عدد الشعب والدارسين حيث بلغت معدلات الزيادة فيه أكثر من (80% ) وبلغ عدد الدارسين الملتحقين بالدراسة في هذا العام 2005/ 2006 نحو 10726 دارسا ودارسة .

وأشارت المسؤولة إن ما تحقق من إنجازات لم يكن قاصرا على الإطار المحلي بل كان للسلطنة مشاركاتها الإيجابية مع شقيقاتها في كل المناسبات والمحافل لاسيما المنظمات الإقليمية والدولية في مجال الثقافة والعلوم وذلك من خلال المشاركة الهادفة في الندوات والمؤتمرات والدورات والزيارات التي استهدفت تبادل الخبرات المتنوعة في مجال تطوير المناهج التربوية والجهود الرامية للقضاء على الأمية وزيادة الوعي لدى المستهدفين بمخاطر الأمية ومعوقاتها، والوزارة وهي تحتفل بهذه المناسبة في كل عام تحرص على تكريم نخبة متميزة من المعلمين والمعلمات الذين أسهموا بجهود مقدرة في مجال محو الأمية وذلك تقديرا لدورهم المتميز وفي هذا قامت الوزارة بتحويل الاحتفال إلى المناطق التعليمية لإبراز جهودها ولتكريم أكبر عدد من المعلمين والمواطنين الذين يسهمون في محو الأمية. وشكرت المنظمات الإقليمية والدولية العاملة في مجال التربية والثقافة والعلوم على موقفها الداعم لنشر العلم والثقافة والمعرفة على المستويين العربي والعالمي، والمؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية ذات الصلة بالتربية على دورها الفاعل في تعزيز نشاط محو الأمية بالسلطنة .
وقد توقعت المنظمة العربية للثقافة والعلوم أن يصل عدد الأميين في العالم العربي إلى سبعين مليون شخص خلال سنة 2005، حيث ورد هذا الرقم في التقرير الذي قدم في اجتماع مجلسها التنفيذي الأخير. وقد أشار التقرير أيضاً إلى أن هذه النسبة تكاد تعادل ضعف المتوسط العالمي للأمية. كما ورد في التقرير أن عدد الإناث في الرقم المذكور يقترب من ضعف عدد الذكور، وأن مصر احتلت المرتبة الأولى بـ17 مليون أمي، يليها السودان ثم الجزائر والمغرب واليمن ، في حين احتلت دول مجلس التعاون الخليجي المراتب الأولى في سياسة خفض نسبة الأمية لديها خلال السنوات الماضية.