علي أوحيدة من بروكسل: عادت إشكالية التعامل الأوروبي مع السجون السرية الأميركية للتفاعل بقوة بعد أن سربت الاستخبارات السويسرية معلومات محددة تؤكد امتلاكها لنسخة من بريد مصور على شكل مراسلة بين وزارة الخارجية المصرية في القاهرة والسفارة المصرية في لندن تؤكد وجود معتقل سري أميركي في رومانيا.وبدأت هذه القضية التي كشفت عنها الصحف السويسرية والصحف الألمانية تثير أزمة فعلية جديدة داخل المؤسسات الأوروبية بسبب انعكاساتها الخطرة على مستقبل العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والدول والأطراف التي تحوم حولها الشكوك بتورطها الفعلي.

ورفضت المفوضية الاوروبية في بروكسل التعليق على هذه التطورات في وقت تواجه فيه الحكومة الاتحادية في بيرن مأزقا فعليا بسبب تداعيات هذه التطورات على علاقتها مع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويتولى السيناتور السويسري ديك مارتي التحقيق في مسألة المعتقلات السرية الأميركية ونقل معتقلين بشكل غير شرعي عبر المطارات الأوروبية . كما توجد شكوك من ان تسريب الاستخبارات السويسرية للمراسلة الدبلوماسية المصرية إنما يندرج ضمن دعم موقعه والتحقيق الذي يقوم به حاليا لحساب مجلس أوروبا. وحدد ديك كارتي شباط (فبراير)المقبل موعدا لكل الدول المشتبه في تورطها في إيواء سجون سرية لحساب وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لتحدد موقفها النهائي.

وهدد عضو المفوضية الاوروبية المكلف بشؤون الأمن والعدل الإيطالي فرانكو فراتيني رسميا باتخاذ عقوبات ضد أي دولة عضو في الاتحاد او مرشحة للعضوية في حالة ثبوت تورطها في أنشطة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.ويقوم البرلمان الأوروبي حاليا بإرساء لجنة تحقيق خاصة حول هذه المسألة مما يعطي التسريبات التي قامت بها الاستخبارات السويسرية خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية ثقلا سياسيا ودبلوماسيا كبيرا.وأعلن وزير الدفاع السويسري صومائيل شميد نهار الذي تشرف وزارته على جهاز الأمن في البلاد انه قرر الحصول على توضيحات حول هذه الوثائق الحساسةّّ.

ويعود تاريخ البريد المصري المصور الى يوم 15 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي حسب صحيفة quot;زونتاغ بليكسquot; السويسرية وصحيفة quot;فرانكفوتر الغامينquot; الألمانية والتقطت الاستخبارات السويسرية تفاصيله عبر نظام المراقبة المتقدم المعروف باسم quot;باونكسquot;، وهو مؤرخ بتاريخ 10 تشرين الثاني (اكتوبر) من العام الماضي، و يؤكد حصول السلطات المصرية على معومات خاصة تفيد بتعرض 23 مواطنا عراقيا وأفغانيا للاستجواب في قاعدة كونستنزا الرومانية على البحر الأسود!.

وتقول البرقية ان مراكز اعتقال مشابهة موجودة في أوكرانيا و مقدونيا وكوسوفو وبلغاريا ،ان مصر تمتلك معلومات أيضا عن نقل المعتقلين من أفغانستان الى بولندا بتاريخ 21 و22 أيلول (سبتمبر) 2005.وتفجر هذه التطورات العديد من التساؤلات بين الأوساط السياسية والأوروبية لا سيما انها كشفت أيضا بشكل غير مباشر ان الدول الاوروبية وبما فيها سويسرا تقوم بمراقبة المرسلات الدبلوماسية والخاصة لدول مثل مصر وغيرها في المنطقة .

كما ان السؤال يتعلق بشأن تركيز الأجهزة الأوروبية في هذه الحالات وهل هي موجهة لمعاينة تحركات الأجهزة الأجنبية ام لمراقبة الأنشطة الإرهابية والحركات الإسلامية المتشددة(...). ومن المرجح ان تسعى المفوضية الأوروبية التي تجد نفسها في الخط الأول إلى معرفة الجهات المستفيدة من هذه التسريبات أولا والوقوف على رد فعل واضح ونهائي من جدول مثل رومانيا وبولندا وبلغاريا قبل البت في مستقبل التعامل معها ثانيا. وتقول المصادر الأوروبية انه وقبل ثلاثة أيام من زيارة المستشارة الألمانية انجيلا ماركيل لواشنطن فان هذه التطورات ستضيف عامل توتر نسبي جديدا للعلاقات الاوروبية الأميركية خاصة ان واشنطن لم ترد حتى الآن على الاستفسارات الاوروبية الخاصة بالسجون والرحلات السرية على حد سواء..