تراجع الهجوم الإعلامي على النظام السوري عربياً
تخوف لبناني من توافق دولي عربي عليه

الوزراء جنبلاط والحريري ومعوض وصولانج جميل وأمين الجميل خلال جنازة حاوي

إقرأ أيضا

رايس تلوح بورقة مجلس الامن في قضية الحريري

السنيورة إلى مصر للقاء مبارك

برامرتز : القاضي الذي يعشق السرعة ويهوى التحديات

كلام خدام عزز خلفياته الدولية
خلاف فرنسي أميركي ساحته لبنان

مصادر دبلوماسية تلاحظ quot;تأخر سورية في المبادرةquot;
لا خيارات أمام بشار الأسد غير التعاون

مبادرة عربية لإنقاذ ماء الوجه السوري
الاستقرار مطلب لبناني ايضاً ويجب اخذه في الاعتبار

أبوالغيط يطلع رايس على محادثات مبارك وبشار
أنباء عن مبادرة سعودية والحريري يلتقي شيراك

معلومات عن منع ميرو ومسؤولين آخرين من السفر
إحالة خدام إلى المحاكمة بالخيانة العظمى

إنتهى زمن التدخل والإفلات من العقاب في لبنان

التحقيق حتى النهاية وعدم التعاون يعرض الأسد لإجراءات قاسية
مظلة دولية لـ quot;لبنان الجديدquot; ولا عودة الى الوراء

حل السلاح في يد المكتب التمثيلي المنتظر

بلال خبيز من بيروت: يبدو ان الغموض الذي يلف المبادرة العربية حيال سورية ونظام بشار الأسد قد انعكس نوعاً من القلق الشديد على لبنان. حيث تتضارب المعلومات في شأن ما نصت عليه المبادرة العربية ومدى حظوظها من النجاح. خصوصاً لجهة ما يمكن ان تسفر عنه من معطيات وتتركه من مفاعيل على الوضع اللبناني في وجه خاص. ولا يخفي القادة اللبنانيون المعارضون للنظام السوري والمتعرضون لهجوماته الإعلامية والأمنية على حد سواء قلقهم من ان تكون التسوية التي يتم الحديث عنها على حساب لبنان وسيادته واستقلاله. إذ بات معلوماً ان الأسلحة المستخدمة في الصراع بين الجانبين ليست متكافئة. وان استباحة الساحة اللبنانية لضغط سوري غير محدود قد يؤدي إلى نتائج وخيمة في لبنان لا يمكن التكهن بمدى خطرها.
لا يبدي القادة اللبنانيون المعارضون لسورية رغبتهم في تغيير النظام السوري او الضغط عليه إلى حد إحراجه. لكن القلق يساورهم حيال ما يمكن ان تسفر عنه الاتفاقات العربية - الدولية في هذا الشأن، من إطلاق ليد سورية مجدداً في لبنان. مع ما يعنيه ذلك من استضعاف للبلد الصغير وجعله مرة أخرى معرضاً لكل رياح الارض وكل الهزات التي تضرب في المنطقة.

يعرف القادة اللبنانيون المعارضون للتدخل السوري في الشؤون اللبنانية اليوم ان المبادرة العربية تملك ما يكفي من نقاط القوة لجعلها فاعلة ومؤثرة. خصوصاً على المستوى الإعلامي، وهو المستوى الذي يدير اللبنانيون صراعهم عبره. فاللبنانيون ليسوا قادرين ولا هم في صدد التخطيط او التفكير في مبادلة العنف بالعنف والاغتيال بمثله، وبناء عليه فهم لا يملكون في وجه الموت الذي يصيبهم اغتيالاً وتفجيراً إلا بعض المنابر الإعلامية التي يشهرون منها سلاحهم في مواجهة آلة قتل بالغة الاحتراف.

لذلك ينظر البعض بعين القلق إلى تراجع الإقبال الإعلامي العربي على نشر أحاديث صحافية مع نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام. فبعد إعلانات متكررة من هنا وهناك وفي وسائل إعلامية متعددة عن مقابلات صحافية مع معارضين سوريين ولبنانيين. فوجئ هؤلاء بانحسار هذه الموجة انحساراً لا يمكن تفسيره طبعاً بمطالب الجمهور المتابع للمحطات التلفزيونية والصحف العربية. هكذا انحسرت على نحو مفاجئ موجة المقابلات التلفزيونية، ولم يعد ثمة من يريد استنطاق نائب الرئيس السوري او إجراء مقابلة معه غير الصحف والإذاعات الفرنسية.

يرى القادة المعارضون للهيمنة السورية على لبنان، ان اي تسوية قد تتم لإنقاذ ما يمكن انقاذه من استقرار سورية ليس امراً يتعارض مع مصالحهم اصلاً. وهم لا يريدون، بخلاف التصريحات الإعلامية التي تصدر عنهم، ان يساهموا في اي بلبلة سورية داخلية. لكنهم يتخوفون من اي تسوية قد تتم على حساب استقرار لبنان وسيادته على قراره واستقلاله. ففي وقت يتخوف فيه القادة العرب ويستصعبون فكرة ان يحاكم رئيس عربي امام محكمة دولية. ويولون هذا الأمر أهمية قصوى، لا يبدو أنهم يتخوفون التخوف نفسه من استهداف بلد صغير بالنار والحديد، اغتيالاً وقتلاً وتوتيراً، واستباحة على نحو ما يحصل في لبنان. من صواريخ أبي مصعب الزرقاوي في حمى quot;حزب اللهquot; في جنوب لبنان، إلى اغتيال النائب المعارض والصحافي البارز جبران تويني وصولاً إلى افتعال أزمة حكومية، غير قانونية وغير دستورية طبعاً بحسب معظم فقهاء القانون في لبنان والعالم. كل هذه العواصف التي تعصف بلبنان لها اسباب داخلية قطعاً، لكن أسبابها الخارجية غير خافية على أحد. فلم يعد خافياً على أحد ان ألسنة quot;حزب اللهquot; الهجومية تنطلق وتقصف على القوى الأخرى المعترضة على أداء النظام السوري في لبنان ما ان ترتخي القبضة الدولية والعربية القابضة على عنق سورية. وعلى النحو نفسه سرعان ما يشتد ساعد quot;الجبهة الشعبية- القيادة العامةquot; التي يتزعمها أحمد جبريل من دمشق فيطلق افرادها النار على موظفين رسميين من دون اي وازع من خوف، حين تكون المبادرة العربية الداعية إلى حفظ ماء وجه النظام السوري في اأوجها.

هذا التخوف اللبناني له ما يبرره من التاريخ القريب والبعيد. فلطالما عومل البلد الصغير بوصفه بلداً يمكن التسامح حيال التخريب فيه أو العبث بمقوماته، رغم كل التصريحات التي تصدر عن الزعماء العرب في كل مناسبة بوصف البلد رسالة والتعايش فيه بين الطوائف مثال يحتذى. لكن وقائع العقود الماضية اثبتت ان التخلي عن البلد يمكن ان يكون مديداً وطويلاً. وانه مضطر لأن يدفع دوماً من اقتصاده وأرزاق ابنائه ودماء اهله على مذبح مصلحة نظام مجاور لا يفعل سوى الإمعان في التنكيل بهذا البلد ونزع اعصاب مناعته وتسليمه للمجهول.

الأطماع السورية في لبنان ليست وليدة هذه السنوات العجاف، ففي العام 1976 عشية التدخل السوري في لبنان اثناء حربه الأهلية، صرح نائب الرئيس عبد الحليم خدام الذي كان وزيراً للخارجية يومذاك، ان سورية لن تقبل بتقسيم لبنان وستعمد إلى ضم الاقضية الأربعة وجزء من الشمال إلى سورية إذا كان ثمة من يفكر في تقسيم لبنان.

منذ سنوات قليلة زارنا ملك الاردن عبدالله الثاني. يومها أشاد اللبنانيون بالعلاقات اللبنانية الاردنية بوصفها مثالاً يحتذى. ويومها كتبت: quot;اننا نحب الأردن لأنه لا يطمع في أرض لبنان، ونود ان نحب سورياquot;.