علي اوحيدة من بروكسل: يسعى وزراء الداخلية والعدل لدول الاتحاد الأوروبي الخمس والعشرين إلى بلورة إستراتيجية تعامل مشتركة بين دولهم لتقنين سياسات الهجرة واللجوء، وذلك خلال سلسلة من الاجتماعات في العاصمة النمساوية فيينا مقررة لنهاري الجمعة والسبت.
وبعد اشهر من الجدل الشديد، وعلى اكثر من مستوى، والمبادرات المتعددة والمتضاربة في معظمها تريد الرئاسة النمساوية للاتحاد الأوروبي والتي تواجه ضغوطا داخلية متصاعدة في هذا الملف الحيوي الحساس دفع دول الاتحاد الأوروبي إلى تبني الخطوات العملية الأولى على طرق إرساء نهج موحد وجماعي لادارة مسألتي الهجرة واللجوء.
وقام وزراء الداخلية والعدل الأوروبيون، بتبني عدد من الإجراءات المتقدمة المحددة في اتجاه التشدد في مجال الهجرة ولكنهم ركزوا تحركهم بشكل رئيسي على عنصر إدارة أزمة الإرهاب وتضييق الخناق على المنظمات المتشددة بسب دوافع بريطانية داخلية.
لكن النمسا الأقل عرضة للتهديدات الإرهابية،و الأكثر حساسية في مجال التعامل مع ملف الهجرة، تريد دفع دول الاتحاد الأوروبي نحو اجتياز خطوات حاسمة في هذا المجال. وتقول المصادر الاوروبية في بروكسل ان النمسا قررت وخلال لقاءات فيينا عرض أول نظام جماعي أوروبي لمنح اللجوء يتمحور هدفه الأول في الحد من حركة الهجرة في الواقع نحو دول الاتحاد.
وتبدو الأنظمة الاوروبية في التعامل مع طالبي اللجوء حاليا اكثر من متباينة وتصل الى درجة التناقض والتضارب في عدد من الحالات.
وفيما يتحصل اللاجئون الشيشان مثلا على حق اللجوء بشكل تلقائي ومباشر في دول مثل ألمانيا والدانمرك والسويد فانه يجري إبعادهم أيضا وطردهم بشكل تلقائي في مجمل دول شرق أوروبا ودول مثل بلجيكا حاليا.(...).
ووضعت الدول الاوروبية اللبنات الأولى للنظام الأوروبي الموحد في مجال منح اللجوء أواخر العام الماضي ولكنها خطوة لم تحظ حتى الآن بإجماع كافة الوزراء .وتريد النمسا وضع اطار ملزم على الصعيد الأوروبي يحل إشكالية التعامل مع طلبات اللجوء وفي كافة الدول الأوروبية مع مطلع عام 2010، والتخلي عن مبدأ الأغلبية والركون لآلية الإجماع في عمليات التصويت في المستقبل.
وتواجه دول الاتحاد الأوروبي حاليا والى جانب انتقادات المنظمات غيرالحكومية في توجهاتها الحالية معارضة صريحة ومعلنة من قبل منظمة الأمم المتحدة.
وقرر البرتغالي انطونيو غوتيرز مدير الوكالة الدولية لغوث اللاجئين المشاركة بشكل شخصي في اجتماعات وزراء الداخلية والعدل الأوروبيين في العاصمة النمساوية فيينا .
وطرحت الرئاسة الدورية النمساوية أمام الوزراء الأوروبيين مسألتين محددتين وهما اولا كيف يمكن التوصل الى معاينة موحدة ومشتركة على مستوى الاتحاد الأوروبي لاوضاع الدول المصدرة لطالبي اللجوء او طالبي الهجرة أي الاتفاق على معايير ومقاييس لمعالجة الأوضاع السياسية والاجتماعية ولاقتصادية في مختلف الدول المعنية بالهجرة مثل دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول جنوب الصحراء وهي مسألة ذات تشعبات سياسية حساسة.
وتتمثل المسألة الثانية في بلورة إطار جماعي أوروبي لتقديم المساعدة المالية والاقتصادية والأمنية للدول المصدرة للهجرة . ويعرض عضو المفوضية الاوروبية المكلف بشؤون العدل والفضاء الايطالي فرناكفو فراتيني للمرة الأولى حصيلة تجربة الاتحاد الأوروبي على طريق إقامة معسكرات للاجئين في الدول والمناطق المتاخمة لمصادر الهجرة وهو موضوع في غاية الحساسية ..
ويقوم الاتحاد الأوروبي حاليا بإقامة معسكر للاجئين في أوكرانيا وآخر في تنزانيا لتقين الهجرة من دول شرق أوروبا من جهة وأفريقيا من جهة أخرى.
وتريد المفوضية دفع الدول الاوروبية نحو مناقشة العلاقات في مجال الهجرة مع دول أخرى مثل المغرب والجزائر وليبيا وتونس بالدرجة الأولى و إطلاق اللمسات الفنية لعقد أول مؤتمر وزاري أوروبي إفريقي حول الهجرة مقرر منتصف العام الجري على مستوى الوزراء .
و إضافة الى مسألتي الهجرة واللجوء فان وزراء العدل والداخلية الأوروبيين يبحثون سبل تطوير أداء جهاز الشرطة الاتحادية الأوروبية يوروبول وخاصة في مجل مكافحة الإرهاب في الحقبة المقبلة، وعلى صعيد كافة الدول الاوروبية وتبادل المعلومات حول تقييم كل جولة للمخاطر المحتملة الحقيقية أو المزعومة لظاهرة الإرهاب.
التعليقات