بشار دراغمه من رام الله: يكثر الحديث في إسرائيل عن أن رئيس الوزراء أرييل شارون، القابع في الطبقة السابعة من مستشفى هداسا عين كارم في مدينة القدس المحتلة، يحب تناول الشورما كثيرا، لذلك أدخل الأطباء إلى غرفته في المستشفى طبقا من الشورما من أجل معرفة قدرته على الاستجابة، وإذا ما كانت سيشتم رائحتها أم لا.
وبات الجمهور الإسرائيلي ينفر من متابعة الحالة الصحية لشارون بسبب قلة المعلومات وتكرارها ، إذ لم يدل مدير المستشفى بتصريحات مهمة منذ أسبوع، فمرة يقول: quot;وضع شارون خطر لكنه مستقرquot;، ومرة أخرى يقول:quot;وضعه لا يزال خطرا لكنه في تحسن مستمرquot;. وفي المرة الثالثة يقول: quot;شارون تمكن من التنفس تلقائيا وحرك أحد أصحابهquot;.
في إسرائيل باتوا يملون هذه الأخبار، والكل بات بحاجة إلى معرفة التقرير الكامل عن وضع شارون الصحي، وسط الخلافات التي تنشر حول حالته، والاتهامات للأطباء في مستشفى هداسا بإعطائه علاجا خاطئا، تسبب له بنزف في الدماغ مرتين متتاليتين.
وهناك اتهامات في إسرائيل وصلت إلى القول أن طاقم الأطباء تعمد إيذاء شارون والتسبب في الوضع الذي وصل إليه الآن، ما جعل الكل في إسرائيل يتطلع على ما سيحدث للرجل في المستقبل، هل يموت أو يعيش؟ وإن عاش كيف سيكون وضعه، هل يكون مشلولا أو بدون قدرات عقلية؟ كلها أسئلة بات الجميع يطلبون إجابات عنها، أكثر من مجرد القول أن شارون تنفس بقواه الذاتية وحرك إحدى أصابعه.
إخفاق الطاقم الطبي
ويعتبر الخبير الإسرائيلي يوئيل ماركوس، أن الاهتمام بتفاصيل صحة شارون مثل تنفسه وتحريك إصبعه يرمي أساساً إلى إخفاء إخفاق الطاقم الطبي الذي عالجه ، موضحا أن الانشغال اليومي بحال الرجل الصحية بدأ يثير التعب. وان النقاش في تفاصيل وضعه هو تسلل لا يطاق الى حرمة الفرد وغطاء علني لاخفاق الطاقم الطبي.
ويؤكد ماركوس أن المعلومات التي تقدم للجمهور الإسرائيلي انتقائية لدرجة أن المستمع يصعب عليه أن يعرف إذا كانت التقارير عن أنهم اسمعوه اسطوانة موزارت أو ادخلوا الى غرفته شاورما أحبها جدا، كي يفحصوا رد فعله ، هي حقيقة أم مزاحا.
ويضيف أن مثل هذه التفاصيل لم تخرج إلى العلن عندما كان البابا يوحنا بولس الثاني يحتضر وميدان سانت بطرس مليئاً بعشرات الاف المصلين لسلامته. مبينا أن وجه الشبه الوحيد بين البابا المنازع فاقد الوعي وبين شارون هو أنه فيما أنهما يكافحان في سبيل حياتهما، تدور خلف الكواليس صراعات ومناورات على الوراثة الى أن تخرج البشرى باختيار الوريث.
وقال: quot;وقبل أن نعرف عن الوضع الحقيقي لشارون، كان هناك أمر واحد واضح: انه لن يعود ليشغل منصب رئيس الوزراء، ولن يترك خلفه وريثا على صورته وطبيعته. فزعماؤنا أكثر شكا من أن يؤهلوا لانفسهم ورثة. وبالاساس خشية ألا يكون الوريث المعلن مفعم الولاء، بل يسعى للتآمر على ولي نعمته. ايهود اولمرت ليس الوريث وان كان سيقود quot;كديماquot; في الانتخابات. وهو قد وصل الى حيثما وصل فقط لانه كان هناكquot;.
خوف كبير وأمل قليل
في إستطلاع للرأي أجرته صحيفة يدعوت أحرنوت ومعهد داحاف بين أن أمل الإسرائيليين ضئيل في شفاء شارون وان 63 في المائة من الجمهور يشعرون بالحزن بسبب وضعه الصحي، وان 18 في المائة أعربوا عن شعورهم بالخوف والتخوف وان 19 في المائة فقط اجابوا باتزان.
كما أن نسبة كبيرة من الجمهور (75 في المائة) يعتقدون بان على الاطباء الذين لا يشاركون فعليا في علاج شارون الامتناع عن المقابلات الصحافية والتحدث عن صحته، وان 81 في المائة من الجمهور يعتقد بان التقارير الصادرة عن اطباء هداسا يوثق بها. ولكن حين تسأل الجمهور عما اذا كانت المعلومات التي صدرت فور ادخال شارون للعلاج كانت صحيحة وكاملة أم تم اخفاء بعضها عن الجمهور، فان 46 في المائة من الجمهور يعتقد بأنهم اخفوا معلومات مقابل 45 في المائة يعتقدون بان الجمهور حصل على كل المعلومات الطبية. وبعد اسبوع من دراسة سريعة كالبرق للمعلومات الخاصة بامراض القلب فان الجمهور يشعر بقدرته على تقدير نوعية العلاج الذي يتلقاه رئيس الوزراء. حوالي 49 في المائة يعتقدون بان شارون حصل على علاج طبي جيد بعد الجلطة الدماغية الاولى ، مقابل 30 في المائة يعتقدون بانه لم يحصل على العلاج الصحيح، وان 55 في المائة يعتقدون بعدم حدوث كارثة طبية لشارون مقابل 32 في المائة يعتقدون بحدوثها، ومع ذلك فنسبة كبيرة من الجمهور 77 في المائة لا يعتقدون بوجوب تشكيل لجنة تحقيق لفحص طريقة العلاج التي قدمت لشارون.
حق الجمهور في المعلومات
وتقول صحيفة يديعوت أحرونوت ان التقارير المتلاحقة الواردة من الطابق السابع في مستشفى هدايا تجاوزت مسألة حق الجمهور بالاطلاع والمعرفة الى حق quot;سرية الفردquot; وأنها باتت تتحول شيئا فشيئا من دراما قومية الى مأساة انسانية، شخصية وعائلية، وتقول الصحيفة :quot; اولمرت، باحساسه الغريزي القوي، فهم منذ اللحظة الاولى بان الموضوع يدور حول دراما انسانية ضخمة وانه ليس الممثل الرئيس فيها، وبحكمته الجيدة، اخلى المنصة الاولى لشارون وأبعد نفسه كثيرا عن الجمهور وعن وسائل الاعلام. إنه يعرف جيدا بان لشارون حضورا عملاقا، كما يعرف بانه من المحظور عليه الاستحواذ عليه، بل عليه ان يمنحها كل التقدير ويعطيها كل الوقت اللازم لهاquot;.
التعليقات