انعدام القوانينالمشرّعةلعمل المنظمات
فوضى في العمل الحقوقي في سورية

بهية مارديني من دمشق: تحكم عمل المنظمات الحقوقية في سورية فوضى في ظل عدم وجود قوانين تعلن شرعيتها أو تنظم آلية عملها، ويقتصر عمل معظم المنظمات على اصدار البيانات ونشرها دون العمل الجاد على أرض الواقع في ظل فقدان ثقافة حقوق الانسان في سورية، وحاكمت في الآونة الاخيرة بعض منظمات حقوق الانسان في سورية الصحافيين ووسائل الاعلام الذين لايتعاملون معها، واعتبرت أن الذين لم يتعاملوا معها أناس غير جديرين بالاحترام، وشكرت في بياناتها من يتعامل معها، ودانت من لايعترف بها، ووزعت شهادات حسن سير وسلوك.

وحول القضايا المتشابكة في عمل منظمات حقوق الانسان الغير مرخصة في سورية اعتبر المحامي اكثم نعيسة رئيس مركز الشام لحقوق الانسان والرئيس السابق للجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان في سورية في تصريح لـquot;ايلافquot; ان هناك سوء فهم للعمل الحقوقي في سورية فهو عمل يقتصر لدى الحقوقيين على البيانات باستثناء اللجان التي نظمت عرائض، عريضة المليون توقيع، ودورات تدريبية وجمعية عمومية استثنائية واعتصامات امام المحكمة ومجلس الشعب فان الحقوقيين السوريين لم يفهموا العمل الحقوقي بانه عمل على الارض. ونصح نعيسة منظمات العمل الحقوقي ان تظل بعيدة عن الايديولوجية ومستقلة ايضا عن الاوامر الحزبية التي تاتيها من قياداتها، معتبرا ان هذا مطلبا مهما جدا.

ولفت نعيسة ان قسما من منظمات حقوق الانسان تاتمر باوامر حزبية ومن الطبيعي ان تحدث انشقاقات داخلها لان هناك وعي طبيعي حقوقي بدا ينمو وهذا الوعي يدعو الى تشكيل منظمات بعيدة عن المنظمات الحزبية الايديولوجية اصلا وهؤلاء النشطاء اصبح لديهم عمل حقوقي ياخذ مرجعيته من الشرعة الدولية لحقوق الانسان وليست الايديولوجية الحزبية التي تعمل بعض منظمات حقوق الانسان وهذا ما اتضح لنا في الدورة التي حصلت مؤخرا في القاهرة، واعتبر نعيسة ان الاسوا من ذلك ان هذه الكوادر الحزبية التي تعمل في المنظمات الحقوقية تجعل من نفسها ايضا كما هي في قياداتها الحزبية الشمولية موزعة للشهادات الحقوقية والوطنية وغيرها وتطلق الاحكام وبهذا ليس هناك فرق بينها وبين القيادات التي تنتمي اليها او تلتحق بها ومن الطبيعي بمكان ان تكون هناك انشقاقات مادام الوعي ينمو بضرورة ان تكون هذه المنظمات حيادية وبعيدا عن الايديولوجية، وبالتالي يجب ان ينظر الى هذه الانشقاقات نظرة ايجابية وليست سلبية لانها تنم عن روح جديدة لحركة حقوق الانسان في سورية .

وحول كيفية اعطاء الشرعية للمنظمات الحقوقية وليس هناك ترخيص رسمي من الحكومة السورية وفي ظل عدم وجود قانون عصري للجمعيات اعتبر نعيسة ان عدم وجود قانون عصري للجمعيات يبقي هذه الحالات موجودة والاحزاب مسيطرة وشرعية هذه المنظمات من الاحزاب التي تنتمي اليها والاحزاب تم وجودها بسياسة الامر الواقع وبالتالي لايمكن لاحد ان يعطي احد شهادة الشرعية وليس من حق منظمات حقوق الانسان ان تخون وان تعيد انتاج الفكر الشمولي والاخلاق الشمولية .

من جانبه قال المحامي رجاء الناصر امين اللجنة المركزية لحزب الاتحاد الديمقراطي الاشتراكي لـquot;ايلافquot; ان منظمات حقوق الانسان في سورية جزء مهم من جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني التي نرى ان عملها ضروري ومهم وخاصة في الانظمة الشمولية لانها تكون بمثابة قلاع متقدمة من اجل تهزيز ونشر ثقافة الحرية والتي في مقدمتها واولوياتها الدفاع عن حقوق الانسان لانه لامجال للحديث عن اي تغيير ديمقراطي ما لم يرتكز اساسا على اعادة الاعتبار الى حقوق الانسان الاساسية وجعلها فوق اي شعار او مبدا.

ومن هذا المنطلق فنحن نؤيد جميع منظمات حقوق الانسان التي نشطت في سورية ونرى انها تقدم خدمة للجميع ولكننا في الوقت نفسه نستشعر ان هناك محاولات خارجية للاستفادة من هذه الظاهرة واختراقها وتحويل بعض هيئاتها الى غير الطريق الذي يجب ان تسير عليه وعلى مستوى العلاقة بيننا وبين هذه المنظمات فاننا كحزب اتحاد اشتراكي وتجمع وطني ديمقراطي لانتدخل باي شكل من الاشكال ولاندعم اي منها على حساب الاخر ولا نتدخل في الخلافات الداخلية التي يمكن ان تجري داخل صفوف تلك المنظمات حتى بما فيها تلك التي تكون عادة قريبة من نهجنا ومواقفنا ونرفض ان نكون غطاء لمثل تلك الخلافات والانشقاقات لان هذا يسيء الى قضية حقوق الانسان وليس الى دورنا الوطني الديمقراطي الذي يرغب في ان يكون جزءا متفاعلا مع كل الحركات والهيئات الانسانية والديمقراطية .

واعتبر الناصر ان مشروعية تلك المنظمات تستمدها من مهامها ودورها ومن حاجة المجتمع اليها وليس من اي حزب او سلطة وبالنسبة لنا لسنا الجهة التي تضفي المشروعية على المنظمات لان دورها ووضوح مواقفها هو الذي يعطيها مشروعيتها وليس غير ذلك وبهذه المناسبة ونحن وان كنا لسنا ضد وجود اكثر من منظمة لحقوق الانسان في سورية الا اننا نرى من الاهمية بمكان ان يجري التنسيق فيما بينها حتى تكون فاعليتها اقوى وانشط واكثر قدرة على خدمة المجتمع.

وقال المحامي والناشط الحقوقي طارق حوكان في تصريح لـquot;ايلافquot; ان انشقاقات المنظمات الحقوقية امرا متوقعا وان شرعيتها من الواقع فلا يوجد ما ينظمها والمنظمات الحقوقية في سورية مثل الفطر تنتشر بكثرة لكن دون فاعلية على الارض والموجود حاليا ليس عمل منظمات بل عمل مجموعة من الاشخاص او مجموعة من الناشطين، واكد حوكان ان هناك تجيير لاهداف سياسية للعمل الحقوقي والمفروض ان تقطع منظمات حقوق الانسان كل انتماءاتها السياسية، وطالب حوكان بقوننة العمل الحقوقي وعدم اتاحة المجال لهذه الفوضى التي نراها الان.

اما فايز سارة عضو المنظمة السورية لحقوق الانسان quot;سواسية quot; فاعتبر في تصريح لـquot;ايلافquot; انه لايفترض ان يكون هناك توافق في الاراء في الحانب السياسي او الحقوقي او الاجتماعي لذلك نرى ان الاحزاب متعددة والجمعيات متعددة وقطاعات اقتصادية والشركات والمؤسسات مختلفة ايضا، فطبيعة الاشياء ان يختلفوا حسب الرؤى والخلفيات وثقافة القائمين عليها. وحول بيان المنظمة السورية الذي صدر في عيد الاضحى راى سارة ان من حق اي انسان اي كان ان يمتدح اي احد او يذم احد، وهذا لايعني ان الطرف الاخر خارج القانون في حالتي القدح والذم والحكم النهائي للمجتمع فهو من يحكم على هذه الحالات.

وراى الناشط مازن درويش رئيس المركز السوري للاعلام وحرية التعبير في تصريح لـquot;ايلافquot; انه عادة ما تستمد منظمات حقوق الانسان مصداقيتها من خلال وجودها القانوني و من خلال نشاطها الفعلي في تحقيق اهدافها التي التزمت بها و في سوريا بسبب عدم وجود اعتراف قانوني بهذه المنظمات من قبل الحكومة السورية فانها تستمد مصداقيتها من خلال نشاطها الفعلي و التزامها بالدفاع عن الحريات و نشر ثقافة حقوق الانسان، معتبرا ان هناك مجموعة من المنظمات التي حفرت مشروعيتها و مصداقيتها عبر تاريخ طويل من النضال في هذا المجال على الرغم من الصعوبات و القمع الذي مورس بحق كوادرها مثل لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الانسان والمنظمة العربية لحقوق الانسان و جمعية حقوق الانسان. وجاء انتشار الانترنت في سوريا كسلاح ذو حدين فمن جهة ساعد هذه المنظمات في الانتشار وفضح الانتهاكات و نشر ثقافة حقوق الانسان ومن جهة اخرى فتح الباب عريضا امام اشخاص لتشكيل اشباه منظمات لا يتعدى عملها توزيع بيانات الشجب والاستنكار على شبكة الانترنت دون وجود فعل او تأثير حقيقي في الواقع السوري .

واعتبر درويش انه لا يحق لاي جهة كانت منح شهادات حسن سلوك او صكوك بالوطنية سواء للصحفيين او للعاملين في القضايا العامة و أصحاب الرأي وان هذا السلوك للاسف الشديد ما زال موجودا في سوريا كنتاج للفكر الشمولي القمعي الاقصائي و الذي يعتبراصحابه انفسهم يمتلكون الحقيقة المطلقة و يمتلكون وكالة حصرية بالاخلاق و الوطنية تجعل كل من يخالفهم بالرأي عملاء و مشبوهين و مشكوك في اخلاقهم و مما يثير الاشمئزاز حقا لجوء الكثيرين لتوزيع هذه الاتهامات كلما تعارضت مصالحهم الشخصية مع الحقيقة و كلما ارادوا تصفية حسابات شخصية.

واكد الدكتور عمار قربي الناشط الحقوقي لـquot;ايلافquot; انه لا يوجد عمل حقوقي في سورية لأنه لا توجد ثقافة لحقوق الإنسان لا عند السلطة ولا عند المواطن، وإنما يوجد بعض الناشطين الذين يعملون في هذا المجال ويتحملون عسف السلطة، ومع انتشار ثقافة الدش والفضائيات والاهتمام الإعلامي المتزايد بأحداث سورية المترافق بتخفيف القبضة الأمنية لجأ بعض الفاشلين من طلاب الشهرة والوجاهة إلى هذا المجال فبدأت منظمات وليدة بالظهور لا تمثل سوى رئيسها لأنها عمليا لا تضم غيره وان اتسعت لتشمل سواه فمصير تلك المنظمات quot; محدثة النعمة quot; الخلافات و الإسفاف.

واشار قربي ان هؤلاء المدعين والذين اسماهم احد الأصدقاء بالطحالب يعرفهم الجميع لكنهم يتلطون بغطاء السلطة التي تبشر بهم وتروج لبياناتهم التافهة من اجل إعطاء الرأي العام الداخلي والخارجي أن في سورية عمل حقوقي ومنظمات أهلية مستقلة ، ولكن في المقابل قال ان هذا لا يمنع من أن هناك منظمات وجمعيات تحمل أصحابها الاعتقال لفترات طويلة وساهمت عبر نضال طويل حتى وصلنا إلى زمن نستطيع فيه إعلاء صوتنا وكلنا يعرف دور اكثم نعيسة الذي اسس العمل الحقوقي في سورية من 15 عام عبر قيادته للجان الدفاع عن الحريات ولا ننس دور المرجع الحقوقي المحامي هيثم المالح في نشر العمل الحقوقي عبر ترأسه لجمعية حقوق الانسان في سورية.

وراى قربي انه ليس من الصدفة ان يكون هؤلاء اول من مارس الديمقراطية على انفسهم بتخليهم عن رئاسة منظماتهم ليعطونا مثلا يحتذى بجانب اولئك المسيئين وهذا طبيعي في كل الدول وكافة المجالات التي تضم الغث والسمين، معتقدا ان الاخرين سيسقطون مثل الاغاني الهابطة التي تنسى بعد ايام ومهما كان الدعم السلطوي الخفي ومهما كان التمويل الخارجي كبيرا ومها حاول اولئك تضليل الناس بخطاب مظهره قومي وداخله اجوف يتاجر بقضاياهم الا ان الناس تكشفهم بسهولة لانهم دون امتدادات في المجتمع ولانهم هم انفسهم بحاجة الى تاهيل وتدريب قبل غيرهم.