بغداد: امتنع عبد الله خالد الحسن عن اقامة مجلس فاتحة على روح والده خالد الحسن احد شيوخ عشائر بني جميل السنية وفق التقاليد العراقية حتى لا يشكل استقبال المعزين فرصة ينتهزها الارهابيون للانقضاض على الابرياء.
فالتفجيرات المتنقلة لم تقتصر على استهداف العسكرييين سواء اميركيين او عراقيين بل اختارت اهدافا اسهل كالاسواق الشعبية وزوار المراقد الدينية والمساجد ولم توفر مجالس العزاء التي يتمسك العراقيون باقامتها سواء كانوا من الاغنياء او الفقراء.
لم يمتنع عبد الله عن اقامة مجلس الفاتحة بمبادرة منه خصوصا وان حجم هذه المجالس يرتبط بموقع المتوفي، بل تنفيذل لوصية والده الذي كان من وجهاء العشيرة التي ينتشر ابناؤها في محافظة ديالى.
ويقول quot;اوصانا الوالد رحمه الله بان لا نقيم مجلس فاتحة على روحه خوفا من ان يكون التجمع هدفا للارهابيينquot;. اضاف quot;اعرف ان الكثير من افراد العشيرة والاقارب سيلوموننا ويعتبروا باننا لم نف الوالد حقه، لكنها وصيته وهي امانة في اعناقناquot;. وينقل عبد الله عن والده قبل ايام من وفاته قوله quot;لا اريد ان يتسبب موتي بهلاك وقتل الناسquot;.
وكان 37 عراقيا قد قتلوا في الرابع من الشهر الجاري عندما اندس انتحاري يرتدي سترة ناسفة بين المشيعين وفجر نفسه في بلدة المقدادية القريبة من بعقوبة مركز محافظة ديالى.
ويقول سيف الدين الحسن في الثلاثين من عمره quot;قبل ان يتوفى شقيقي (خالد الحسن) بعدة ايام زارني في داري وسألني كم تقدر عدد الذين سيأتون الى مجلس الفاتحة عن روحي عندما اموت فاجبته سيكون المعزون بالمئاتquot;. ويتابع هذا المزارع quot;قال لي ماذا لو استغل الارهابيون الفرصة فقتلوا عددا كبيرا من هؤلاء واصابوا اخرين، عندها سأكون انا المسؤول امام الله. وزعوا كلفة مجلس الفاتحة على الفقراء والاراملquot;.
وهكذا كان فاقيم مجلس عزاء بسيط على روح خالد الحسن بدون المراسيم المعتادة والمتمثلة بنصب الخيام واستقبال المعزين وتقديم الطعام لهم لمدة ثلاثة ايام على الاقل.
اما طالب عبد الحسين وهو فلاح في العقد الرابع من العمر من عشيرة بني تميم الشيعية التي تسكن محافظة ديالى فكان هو المبادر لعدم اقامة مجلس فاتحة عن روح شقيقه للاسباب نفسها.
ويقول quot;عندما توفي اخي سلمان عبد الحسين لم يوص بعدم اقامة مجلس فاتحة على روحه انما اخترت عدم اقامتها لصعوبة الظروف الامنية التي نمر بها وحفاظا على ارواح المعزينquot;.
ويعتبر مجلس الفاتحة من العادات المتأصلة في العراق من شماله الى جنوبه وتقتصر مدته على ثلاثة ايام في المدن لكن يستمر لعدة ايام في الارياف وفق مكانة المتوفي الاجتماعية.
والمتمسكون باقامته رغم التفجيرات يؤمنون الحماية عبر حراسة مشددة تقوم بها قوات الشرطة او المليشيات العاملة في المنطقة او افراد الحماية المكلفين بحماية المسجد المقامة فيه.
فالامتناع عن اقامة مجالس الفاتحة يعتبر خرقا للتقاليد الاصيلة سواء كانت العائلة غنية ام فقيرة. وغالبا ما يلجأ متوسطو الحال لاقتراض كلفتها احتراما للمتوفي. وكانت مجالس الفاتحة في الاشهر الاخيرة هدفا مفضلا للارهابيين.
ففي 20 كانون تشرين الثاني/نوفمبر مقتل عشرين شخصا في هجوم انتحاري بسيارة مفخخة استهدف خيام مجلس عزاء عم رئيس المجلس البلدي في ناحية ابو صيدا القريبة من بعقوبة مركز محافظة ديالى.
وقبل نحو شهر فجر انتحاري نفسه في مجلس عزاء رئيس مجلس عشائر سامراء (120 كم شمال بغداد) شيخ عشيرة البو باز حكمت ممتاز في بلدة الخالص في المحافظة نفسها.
التعليقات