quot;قصة مدينتينquot; في ترحال وزير الخارجية السعودي:
الفيصل زار باريس وفجر في لندن قنابله

سلطان القحطاني من الرياض: على الرغم من أن العاصمة الفرنسية الأنيقة باريس قد غدت في الآونة الأخيرة محجاً لأغلب السياسيين العرب في إطار التنسيق مع الحليف الفرنسي فيما يتعلق بالقضية السورية وملفاتها التي تزداد سخونة يوماً بعد آخر، فإن زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل إليها ، والتي بدأت منذ أيام قلائل،لم يكن لها شأن من قريب أو بعيد بشؤون السياسة ودهاليزها،على الأقل حسبما ذكرت مصادر مقربة،في وقت يستبعد فيه المحللون أن تكون زيارة المسؤول السعودي الكبير إلى باريس مصادفة أو استجماماً. إلا أن غير مصدر أكد أنها كانت زيارة عائلية الطابع قطعها المؤتمر اللندني الذي فجر فيه وزير الخارجية العريق سعود الفيصل قنابله الواحدة تلو الأخرى ، كانت أولها لإيران اُعتبرت في بورصة التصريحات بأنها quot;أكثر صراحة وواقعيةquot; وهي امتداد لما سبق وأن صرّح به الوزير السعودي في أميركا ، وثانية كانت قنبلة ضد الإرهاب الذي أكد أن بلاده استطاعت الانتصار عليه بعد عدة هجمات دامية ، وثالثها كان في وجه التطرف من خلال تطرق الأمير الفيصل إلى جهود حكومة بلاده في تنقية المناهج التعليمية وإعداد أئمة المساجد وخطبائها. وقال الأمير سعود الفيصل في الكلمة الرئيسة التي ألقاها خلال افتتاح مؤتمر quot;الإرهاب الدولي ..مواجهة عالميةquot; الذي ينظمه المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة quot;روسى quot; بالتعاون مع السفارة السعودية في لندن quot; إن هدف الإرهاب الأساسي هو زرع الفتنة بين المجتمعات وإثارة الكراهية والحقد.. مشيرا إلى أن التهديدات الإرهابية العشوائية ليست الخطر الوحيد المباشر.. بل أن هدف الإرهابيين الأساسي هو تفريقنا عن بعضنا البعض وزع الفتنة وإثارة الكراهية بين شعوبنا ومعتقداتنا الدينية وثقافاتنا quot;.

وتواترت أحاديث عدة بأن يكون الفيصل عائدٌ إلى باريس اليوم أو غداً في زيارة عمليّة محضة،وهو ما استبعدته مصادر حادثتها quot;إيلافquot; قائلةً بأن الوزير سيعود مباشرةً إلى الرياض عاصمة الحكم السعودي كي يبدأ في الترتيبات اللازمة للجولة الشرق آسيوية التي من المقرر أن يقوم بها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى دول شرق آسيا وتشمل الهند والصين وباكستان وماليزيا. إلا أن المصادر كذلك ربطت العودة إلى باريس الضوء بـquot;التغيرات التي قد تطرأ على ساحة الأحداث وتستلزم الذهاب إلى هناكquot; أي باريس،وذلك في إطار التنسيق المباشر الذي تقوم به الحكومة السعودية مع حكومة شيراك فيما يتعلق بالأزمة السورية،خصوصاً وأن الدور السعودي الذي كانت تلاحظه الأعين الدبلوماسية الفرنسية أسهم في تسهيل استجواب ضباط سوريين أمام لجنة التحقيق الدولية بشكل يحفظ ماء وجه النظام السوري.

وأضاف وزير الخارجية السعودي قائلا في كلمتهquot; انه من اجل التغلب على خطر الإرهاب علينا أن لا نكتفي بهزيمة الإرهابيين الآن وإنما ينبغي أيضا إن نزيل كل الظروف والعوامل التي تشجع على ظهور الإرهاب كما ينبغي علينا أن نسكت جميع الأصوات التي تدعو للكراهية وعدم التسامحquot;. وأوضح أنه في الوقت الذي يشهد فيه العقد الأول من الألفية الجديدة عملية العولمة وتسارع نقل المعلومات ومرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي المتبادل بل وتنامي التعاون الثقافي يقوم طيف الإرهاب القبيح بتهديد التوقعات المتفائلة للعهد الجديد من التعاون الدولي مشيرا إلى أن العنف المتطرف كاد أن يقضي على أواصر التناغم والتسامح التي دعت إليها العولمة .

وقال quot;إن من لا يلمون بالمعلومات الصحيحة عن منطقة الشرق الأوسط ويعتمدون فقط على ما تنشره وسائل الإعلام عن المنطقة قد يعتقدون إننا وحدنا الذين نعاني من الإرهاب وهذا ليس بصحيحquot;. وأردف قائلا quot; إن إحصاءات معهد راند عن أحداث عام 2004 قد ذكرت أن نحو 47 في المئة من حوادث الإرهاب قد وقعت في الشرق الأوسط ونحو 53 في المئة من الحوادث الإرهابية وقعت في أجزاء أخرى من مناطق العالم..إلا أن الأرقام الخاصة بحوادث الشرق الأوسط تشمل العنف الراهن في العراق الأمر الذي يشير إلى آن هذه الإحصائية يمكن وضعها في إطار قيد النظرquot;

وأكد الأمير سعود الفيصل في كلمته أن الإرهاب لا يعترف بحدود ولا يفرق بين الشعوب مهما اختلفت معتقداتها وألوانها وقال quot; لا تختلف الجرائم الفظيعة التي ارتكبت في أوروبا بل ولا تقل بشاعة عن تلك التي ارتكبها الإرهابيون في آسيا أو أفريقيا أو الشرق الأوسط .. فالتطرف لا يعترف بحدود بين الدول كما لا يفرق بين الشعوب على اختلاف دياناتها أو معتقداتها أو ألوانهاquot; . ودعا إلى التعاون الدولي البناء لمكافحة الإرهاب وقال quot; نحن في المملكة العربية السعودية نؤمن بالدور الحيوي الذي يلعبه التعاون الدولي في محاربة الإرهاب كما لا نرى حاجة للتنويه بان العزيمة والإصرار والعمل على مكافحته يجب أن تبدأ من الداخل قبل تشابك الأيدي مع الإرادة الدولية الشاملة للقضاء على هذا الخطر علما انه لايمكن لآي بلد أن يتخلف عن هذه المسؤوليةquot; . كما أكد ضرورة أن يلعب التعاون الثنائي بين الدول دورا بناء لدفع تعاون أجهزة الأمن والاستخبارات المختلفة لتكثيف الجهود نحو مواجهة الإرهاب مشددا على ضرورة تبادل المعلومات والتنسيق بين الأجهزة والدوائر المذكورة لاعتراض التدابير الإرهابية ومنع وقوعها في كل الأحيان.

ودعا وزير الخارجية إلى معالجة أسباب ودوافع الإرهاب وقال quot; انه من اجل القضاء على جذور ومنطلقات ومظاهر الإرهاب الشريرة ينبغي علينا أن نعمل معا لمعالجة أسبابه ودوافعه بكل فاعلية سواء كان ذلك على المدى القصير أو البعيدquot; . وأشار الأمير سعود الفيصل إلى الحوادث الإرهابية التي تعرضت لها المملكة العربية السعودية في السنوات القليلة الماضية وقال انه خلال الأعوام الثلاثة الماضية تعرضت المملكة لأكثر من 25 عملية إرهابية من تفجيرات وقتل وخطف راح ضحية ذلك نحو 144 شخصا من المواطنين ورجال الأمن والوافدين كما جرح في هذه العمليات الإرهابية المذكورة أكثر من 500 شخص.
وأكد أن سلطات الأمن في المملكة العربية السعودية قتلت خلال الفترة المذكورة نحو 120 شخصا إرهابيا وجرحت نحو 17 إرهابيا وأحبطت نحو 52 عملية إرهابية مؤكدا أن الحملة ضد الإرهاب تجري في المملكة على قدم وساق .

وشدد على أن حكومة المملكة العربية السعودية وشعبها يقفون صفا واحدا في الحرب على الإرهاب والإرهابيين وضد من يساندوهم ومن يشجعهم أو من يتغاضى عنهم مشيرا إلى انه منذ 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001 م ألقت السلطات الأمنية السعودية القبض على أكثر من 800 شخص من المتهمين بالإرهاب من جنسيات مختلفة كما ألقت القبض على عدد كبير من عناصر خلايا تنظيم القاعدة واستولت على مستودعاتهم من السلاح . ولفت إلى الإجراءات التي اتخذتها حكومة المملكة العربية السعودية لتجفيف مصادر الإرهاب وقال إن الحكومة السعودية اتخذت إجراءات مشددة لسد الثغرات أمام استغلال الإرهابيين للنظام المالي وللجمعيات الخيرية في المملكة وفي هذا المنحى قامت الحكومة السعودية بتجميد الأرصدة المالية الخاصة بالممولين المشتبه بهم في دعم الإرهاب كما تشكلت لهذه الغاية وحدات سعوديةquot; أميركية مشتركة لمتابعة وتقصي الحقائق عن الناشطين وممولي الإرهاب . وأكد وزير الخارجية أن القوانين التي جرى سنها في هذا الصدد تعد من أكثر اللوائح فاعلية في العالم وقد أكدت مصداقية ذلك بعض الجهات الدولية المستقلة من بينها الوحدة الخاصة بالحماية المالية في مجموعة الدول الثماني المعروفة باسم quot; فاتف جى 8 quot; . وأوضح انه إلى جانب الخطوات المذكورة اهتمت الحكومة السعودية بالتصدي المباشر لكل مظاهر التعصب ومنطلقاته وللعناصر التي تغرس بذور الكراهية والعنف سواء كان ذلك في المساجد أو المدارس وغيرها ونتيجة لذلك تقوم الجهات المعنية في المملكة بمراجعة لرفع كفاءة المناهج التربوية والمقررات الدراسية كما تتولى عملية تأهيل الأئمة وكذلك تحسين نظم الإشراف والمراقبة على ذلك .