الخرطوم : اصبحت منطقة وسط الخرطوم الخاملة عادة تعج بالنشاط مع اسراع السودان الفقير في تجميل عاصمته المهملة من اجل قمة الاتحاد الافريقي التي تنعقد في الاسبوع القادم بوصفها اول تجمع رئيسي يحدث فيها على مدى ثلاثة عقود تقريبا.قامت الحكومة ببناء فيلات فاخرة مطلة على النيل للرؤساء الزائرين واستولت مؤقتا على الفنادق ورصفت الطرق ووجهت خراطيم الري الى ضفاف النهر الطينية في محاولة لخلق مروج خضراء يانعة في المدينة.

وتحتج جماعات لحقوق الانسان على قرار عقد القمة يومي 23 و24 يناير كانون الثاني في الخرطوم قائلة ان الحكومة لا ينبغي منحها هذا الشرف في الوقت الذي يستمر فيه النزاع والفظائع في اقليم دارفور الغربي النائي.

وقال الطالب خالد عثمان quot;هذه الحكومة ظلت عدة سنوات لا تفعل شيئا لتحسين مظهر هذه المدينة والان تغيرت فجأة...هذا انما يظهر انهم قادرون على العمل اذا قرروا.quot;

وامتنعت الحكومة التي تعتمد بشدة على المعونة الاجنبية لتغذية وايواء مليوني نازح في دارفور عن الكشف عن تكلفة الاستعدادات لعقد المؤتمر. لكن يتكهن الكثيرون بانها ستنفق عشرات الملايين من الدولارات.

وقال مدير فندق رفض نشر اسمه quot;انه امر سخيف ان تتكلف القمة هذا القدر من المال..ملايين الدولارات.quot;

وقال عمر بريدو رئيس اللجنة المنظمة للقمة انه يتوقع حضور ما يصل الى ثلاثة الاف من اعضاء الوفود لكن هناك نقصا في عدد الغرف لان بعض الفنادق التي يجري بناؤها خصيصا للمؤتمر لم تنته في الوقت المحدد.

وحجز مرسوم رئاسي كل الغرف في فنادق الخرطوم ابتداء من 15 يناير كانون الثاني فصاعدا.

وقال بريدو انهم اعادوا تأهيل بعض السفن النهرية للاقامة وانهم واثقون من انهم جاهزون.

وتعد قمة الاتحاد الافريقي اول قمة كبرى من نوعها يستضيفها السودان منذ عام 1978.

واختير مكان عقد القمة لمكافأة السودان على توقيعه اتفاق سلام في العام الماضي انهى الحرب في الجنوب وهي اطول حرب اهلية في افريقيا. لكن النزاعات لا تزال متأججة في الشرق وفي دارفور حيث تتهم ميليشيات موالية للحكومة بشن حملة واسعة من الاغتصاب والنهب والقتل.

ودفع العنف اكثر من مليوني شخص الى الاقامة في مخيمات رثة كما دفع الى تنظيم اكبر عمليات اغاثة انسانية في العالم تكلفت اكثر من مليار دولار من اموال المعونات الدولية.

ويحصل السودان على مليارات الدولارات سنويا من انتاج نحو 330 الف برميل من النفط يوميا ووفقا لهيئة الشفافية الدولية لمكافحة الفساد فانه من بين العشرين دولة الاكثر فسادا على الارض.

ومع اقتراب موعد انعقاد القمة يتضح اين يتم انفاق البعض على الاقل من اموال الحكومة.. على 40 فيلا رئاسية في مجمع مؤمن مجهز بمسبح ونادي صحي وموظفين مقيمين للخدمة.

وقال ارمان فارجاس من شركة اكور الفرنسية التي استؤجرت لادارة المجمع quot;استوردنا الكثير من المعدات من اوروبا. انها من ارقى الانواع وجميع تجهيزات المطابخ من احدث طرازquot; وتم احضار موظفين من الخارج جوا لخدمة الرؤساء.

ويربط طريق جديد المجمع بمركز المؤتمرات المطل على النيل. وعقب ازالة الاسوار الحديدية الصدئة التي كانت تحيط بالمركز ظهر ملحق ابيض انيق بقاعة المؤتمرات الرئيسية يتألق تحت شمس الصحراء.

وتقف المباني الجديدة المبهرة في تباين صارخ مع الاميال الطويلة من العشوائيات التي تحيط بالعاصمة وتؤوي الكثير من سكانها بلا مياه جارية او كهرباء او رعاية صحية.

وقال الطالب عثمان quot;الرؤساء الافارقة سيأتون الى هنا.. لكنهم سيرحلون دون ان تكون لديهم فكرة عن كيف يعيش السودانيون الحقيقيون.quot;