كشف خروقات مالية جديدة بمفوضية الانتخابات العراقية
واشنطن : لن نتدخل بإختيار وزيري الدفاع والداخلية

أسامة مهدي من لندن : اكد السفير الاميركي في بغداد زلماي خليلزاد ان بلاده لن تتدخل في اختيار وزيرين لوزارتي الداخلية والدفاع اللتين تتنازع عليهما القوى السياسية في التشكيلة الحكومية الجديدة التي دعا لان تكون حكومة وحدة وطنية فيما كشف النقاب في بغداد اليوم عن عقود بملايين الدولارات ابرمتها مفوضية الانتخابات العراقية من دون مراعاة الضوابط المالية والادارية المطلوبة .
فقد ايد سفير الولايات المتحدة في العراق زلماي خليلزاد مطالب القوى السياسية بتشكيل حكومة وحدة وطنية مشددا على ضرورة ان تبنى هذه الحكومة على اساس الحوار والمناقشة بين الفرقاء السياسيين وتصبّ في مصلحة العراق. واضاف ان حكومته لن تتدخل بالمناصب الوزارية للحكومة مشيراً إلى منصبي وزارتي الداخلية والدفاع مؤكداً ان من يشغل هذين المنصبين لابد ان يحظى بثقة العراقيين جميعا وهكذا الحال بالنسبة لمنصب رئاسة الجمهورية الذي تقترب اغلب القوى السياسية في تولي الزعيم الكردي جلال طالباني له والذي وصفه السفير بالصديق العزيز لكنه استدرك قائلا quot; غير ان من يصوت اليه هم العراقيون وحدهمquot; .
ووصف خليلزاد المرحلة الانتقالية التي يمر بها العراق بالصعبة وقال ان العراق بحاجة إلى نظام سياسي واقتصادي وامني يسمح له بالنهوض من جديد مشيراً إلى ان الولايات المتحدة ستدعم الحكومة المقبلة مثلما قدمت الدعم للحكومات السابقة فضلاً عن انها ستواصل دعم القوات العراقية من حيث التدريب والمعدات مؤكداً بان الولايات المتحدة تشترك مع الحكومة العراقية بهدف بناء عراق ديمقراطي وقال ان نجاح العراق يعني نجاح الولايات المتحدة وان مستقبل العراق له الاثر البالغ على المنطقة والعالم كما ابلغ صحيفة المدى البغدادية .
ويأتي تصريح السفير في وقت ينتظر فيه العراقيون اعلان النتائج النهائية للانتخابات النيابية التي جرت منتصف الشهر الحالي والتي ستتشكل الحكومة الجديدة وفق استحقاقاتها التمثيلية وسط جدل واسع بين الفرقاء السياسيين حول خروقات وعمليات تزوير تقول قوى سياسية انها قد شهدتها .
ومعروف ان القوى السياسية الشيعية والسنية الفائزة في الانتخابات تتنازع من اجل الحصول على منصبي وزارتي الداخلية والدفاع نظرا لاهميتهما في الاوضاع الامنية التي تشهدها البلاد وتوازن القوى فيها .
وفي هذا الاطار قال القيادي في المجلس الأعلى للثورة الإسلامية ضياء الدين الفياض quot;إن الائتلاف العراقي الشيعي الموحد لن يضحي بوزارة الداخلية مهما كانت الأسبابquot;. وأضاف لا يمكن للائتلاف أن يتخلى عن هذه الوزارة وأنه من المستبعد إعطاؤها لأي طرف كانquot;. وقال quot;أن اتهام وزارة الداخلية بالطائفية غير صحيح إذ كان بعضهم يتهم الدفاع بالطائفية في الحكومة السابقة .. حكومة أياد علاوي عندما كان الشعلان يديرها واليوم يتهمون الداخلية بالطائفيةquot;. واعتبر مسألة إعطاء وزارة الدفاع للائتلاف quot;من المسائل المطروحة في أجندة الائتلاف بسبب الضغوطات التي مورست ضد وزارة الداخليةquot;. وأشار الفياض إلى quot;أن رئيس الوزراء المقبل الذي سيكون من الائتلاف لا يمكن أن يعمل من دون وزارتي الداخلية والماليةquot;. واوضح quot;إن ثلاث وزارات سيادية هي النفط والداخلية والمالية ستكون من حصة الائتلافquot;.
ومن جهته قال نصير العاني القيادي في الحزب الاسلامي السني ان الأمين العام للحزب طارق الهاشمي لم يطالب بمنصب رئاسة الجمهورية واضاف انه طالب بأن يكون المنصب للعرب.
وقال quot;ان الحديث عن التوافقات السياسية بعيد عن نتائج الانتخابات امر غير واقعي ويجب ان يبنى تشكيل الحكومة المقبلة على الجمع بين الاستحقاق والوحدة الوطنيةquot; وان حزبه لا يريد القفز على الانتخابات نافياً وجود أي تصور مسبق لوضع الحكومة الجديدة الا انه اشترط ان تعمل الوزارات وفق برنامج سياسي واضح خصوصاً لجهة الموقف من الاحتلال والقضية الوطنية ووحدة الشعب واعادة بناء الجيشquot;.
وقد طالبت جبهة التوافق التي تضم اكبر ثلاثة احزاب سنية في العراق والتي يتزعمها عدنان الدليمي بحقيبة الداخلية او الدفاع اضافة إلى الخارجية التي تعاقب عليها الاكراد في الحكومتين السابقتين .

الكشف عن خروقات بملايين الدولارات في مفوضية الانتخابات
كشف النقاب في بغداد عن توقيع المفوضية العليا للانتخابات العراقية في التاسع عشر من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عقدا مع شركة (رامن) بقيمة اربعة ملايين وست مئة وستة وستين الف دولار للدعاية للانتخابات برغم ان المدة المحصورة بين تاريخ توقيع العقد وبين يوم الانتخابات لا تتجاوز الستة وعشرين يوما وهي مدة غير كافية للاعداد لحملة دعائية وبثها.
وبالاضافة الى ذلك فان (رامن) هي شركة تجارية لا صلة لها بالعمل الاعلامي او الاعلاني ويعرف العاملون في المفوضية ان هذه الشركة قامت بتقديم عدد من الكتب التي تؤيد ان عددا من المحطات الفضائية بثت فقرات اعلانية بموجب العقد المذكور وقد تبين ان قسما من كتب التأييد تلك غيرصحيحة زيادة على ان العقد لم يوضح المقصود بالحملة الاعلانية وساعات ووقت واماكن بثها وهو ما يشكل خللا مفضوحا في التعاقد ويوفر فرصة اكيدة لان يتسلل الفساد من خلالها كما اكدت صحيفة quot;الشاهد المستقلquot; الاسبوعية البغدادية اليوم .
واشارت الى ان هذا العقد يقدم نموذجا قابلا لتعميمه على مجمل العقود التي ابرمتها المفوضية في مختلف مجالات عملها (وليس العمل الاعلاني حصرا) وهو نموذج يعبر عن هزال الاجراءات الادارية والحالية وضعفها اذا افترضنا حسن النية ولكنه يعبر في الجانب الاساس عن فساد واضح خصوصا اذا انتبهنا الى حجم المبالغ المالية الهائلة التي هي تحت تصرف المفوضية والمحسوبة على العراقيين من خلال صندوق تنمية العراق وعن طريق وزارة المالية وهي مبالغ خصصت على اساس 250 مليون دولار لمصروفات الانتخابات داخل إلعراق و92 مليون دولار للانتخابات في خارج العراق كما اشارت الصحيفة .

واضافت quot;ان العقد يفضح نوايا الفساد حين نعرف انه وكما هو حال معظم العقود الاخرى قد جرى باسلوب التعاقد المباشر من دون أي اعلان او عرض مناقصة تخضع العقد لاسعار تنافسية. كما تفتقر المفوضية لما يدعم انها قد تفاوضت او تناقشت في الاسعار التي جرى الاتفاق عليهاquot; ولاحظت ان العقد يفتقر الى اية ضمانات تترتب على المتعاقدين لصالح المفوضية من اجل ضمان جودة التنفيذ او ضمان حق المفوضية في المبالغ التي قدمت كدفعات اولى. واكدت انه مع غياب هذه الضمانات فأن المفوضية تفتقر الى تشكيل لجان فنية متخصصة تتولى فحص الاعمال المنجزة لصالح المفوضية وتتسلمها بموجب محاضر تسلم اصولية.

وتحدثت الصحيفة عن عقود اربعة وقعتها المفوضية مع مطبعة (لمسة الابداع) وجميعها بتاريخ الثلاثين من تشرين الاول (اكتوبر) عام 2004 كان هدفها طباعة بوسترات مختلفة وبلغت كلفة العقود اربعمائة وستين مليون ونصف المليون دينار عراقي quot;وحين نعود الى العقود سنجد انها خالية من البوسترات المطلوبة كما انها خالية من الحديث عن النوعية والمواصفات المطلوبة لها وايضا تفتقد لعقود الى اية ضمانات لصالح المفوضية في حالة اخلال او عدم تنفيذ الجهة المتعاقدة ما مطلوب منها علما انها تسلمات مبلغا قدره 10% من قيمة العقد كدفعة اولى من دون اي ضماناتquot;. وقالت quot; ان الغريب في هذه العقود ان المفوضية لم تكتف بعدم وجود لجنة فنية لتسلم البوسترات والملصقات وانما صرفت مبلغ العقود باسم مدير دائرة اعلام في المفوضية وليس الى المطبعة كما يفترضquot;.
وتساءلت الصحيفة عما اذا عجزت المطابع العراقية لتلجأ المفوضية الى شركة الفحيص الاردنية من اجل طباعة فولدرات؟ حدث هذا بموجب العقد المؤرخ 2004/10/14 مع الشركة الاردنية والذي بلغت قيمته خمسة عشر الف دولار وقد جرى صرفه مباشرة (نقدا) قبل التنفيذ بتاريخ 2004/10/19 .. واوضحت ان كشوفات المفوضية توضح ان المستفيد هو (مقر هيئة الامم المتحدة في عمان) والى الان لم يتضح من هو المتسلم الفعلي للمبلغ الذي سجل بوصفه (مصرفا نهائيا). واضافت ان هذا العقد يفتقر هو الاخر الى أي تحديد للكيفيات المطلوبة وللنوعية المطلوبة وللضمانات المطلوبة.. ويبدو ان المفوضية كانت حينها تائهة حيث يشير العقد الى (ان المبلغ الذي تدفعه المفوضية لا يتجاوز (15000 دولار).. هكذا وردت كلمة (لا يتجاوز) في العقد .
وشددت الصحيفة على ان هذا هو غيض من فيض الفساد المالي والاداري الذي شاءت اطراف في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ان تستغل بموجبه الهدف الانساني النبيل الذي كان يفترض ان تضطلع به المفوضية quot; فانحرفت تلك الاطراف باتجاه الفساد الذي استشرى في هذا الظرف الانتقالي الصعب في حياة العراق والعراقيينquot; . وقالت quot;ان المتورط في ممارسات كهذه لا يستطيع الا ان يتخلى عن الصفة الديمقراطية لعمله الوظيفي ليستعيد وضعه الطبيعي كفرد ملوث بكل امراض الدكتاتورية وفسادها وبما خلفته من ارث ثقيل بات واحدا من اشكال تعويق التحول الديمقراطي في البلادquot;.
لقد تبرمت المفوضية من النقد الذي مارسته (المدى) ضد اخطائها. وكان هذا التبرم هو الشكل الاكيد لانتفاء قيم الديمقراطية عن عمل المفوضية، خصوصا انه تبرم موجه ضد الصحافة التي هي ركن اساس في استقرار العملية الديمقراطية في اي مجتمع.
وفي الختام قالت الصحيفة quot;ان الكثير من السادة اعضاء المفوضية لا يمكن الطعن بنزاهتهم وشرفهم ودوافعهم الوطنية والديمقراطية فانهم مطالبون احقاقا للحق واحتراما لانفسهم وتاريخهم وتعبيرا عن حرصهم على قضية شعبهم بوضع النقاط على الحروف واعلان مواقفهم صريحة خصوصا ان الانتخابات انتهت واتخذت العملية الديمقراطية مسارها الدستوري والاجتماعي الواثق .. كما نهيب بمفوضية النزاهة وهيئة الرقابة الحالية ان يضطلعا بدورهما المطلوب للتحقيق في الاوجه غير الصحيحة وغير القانونية للانفاق والتصرف بالاموال المحسوبة على شعبناquot;.