أحمد عبدالعزيز من موسكو: صرح قائد القوات الفضائية الروسية الجنرال فلاديمير بوبوفكين بأن وزارة الدفاع ستقوم خلال العامين أو الثلاثة القادمة بسحب قواتها ومعداتها من مطار بايكونور الفضائي في كازاخستان. وأرجع السبب إلى ترشيد عدد المطارات الروسية الفضائية، مشيرا إلى أن هذه المهمة كانت تحتل جدول أعمال قيادة القوات الفضائية طوال عام 2005. وأضاف أنه من الترف أن يجري الإنفاق في أطر القوات المسلحة على 3 مطارات فضائية، وبالتالي قررت موسكو الانسحاب من بايكونور خلال الفترة من عام 2007 إلى 2008.

وأثارت تصريحات الجنرال الروسي تساؤلات كثيرة في الأوساط البرلمانية، خاصة وأن الكرملين بذل جهودا غير عادية في مطلع عام 2004 لتوقيع اتفاقية مع كازاخستان بشأن تمديد إيجار مطار بايكونور الفضائي الكوني. وظهرت خلافات حادة بين روسيا وكازاخستان بهذا الصدد كادت تعكر صفو العلاقات. غير أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمكن من إقناع نظيره الكازاخي نور سلطان نزاربايف في كانون الثاني (يناير) 2004 بتمديد الاتفاقية. إلا أن أيا من الطرفين لم يدل بمعلومات حول حول مدة الإيجار أو ثمنه. وكانت الخلافات تدور أساسا حول المدة والسعر ونظام الإدارة القانونية. فبينما كانت أستانا ترى أن مدة الإيجار يجب أن تكون 20 عاما بداية من عام 2014 وهو موعد انتهاء فترة الإيجار الحالية، صممت موسكو على أن تكون فترة الإيجار 50 عاما. وفسر المراقبون وقتها إصرار كازاخستان على تأجير مطار باكونور لفترات قصيرة بأنها ترغب في زيادة الأسعار مع بداية كل فترة تأجير. وتوقع العديد من الدوائر الاقتصادية الروسية بأن الرئيس بوتين سوف يوافق على الأسعار التي ستتطلبها أستانا نظرا لعدم وجود أي مخرج آخر. أما الشق الثاني من الخلاف، فكان يدور حول عدم رضاء كازاخستان عن النظام القانوني الروسي المطبق في إدارة المطار، إذ أبدت رغبتها في تطبيق قوانينها الخاصة باعتبارها صاحبة quot;الأرضquot;.

وعلى الرغم من توقيع العديد من الاتفاقيات في لقاء القمة الكازاخي-الروسي بين الرئيسين نور سلطان نازاربايف وفلاديمير بوتين عام 2004، وإصدار إعلان مشترك تناولا فيه نقاط الاتفاق في عمومية شديدة، إلا إن مجمل الاتفاقيات التي أبرمت لم تشف غليل المحللين السياسيين والمراقبين. فقد توصلت الدولتان إلى حل وسط بشأن تمديد فترة إيجار روسيا لمطار بايكونور الفضائي الكوني لمدة 36 عاما (حتى عام 2050)، وليس 50 عاما كما أرادت روسيا، أو 20 عاما كما كانت ترغب أستانا، إلا إن الحديث لم يتطرق إطلاقا إلى أمرين: الأول، متى يبدأ مفعول عقد التمديد الجديد، إذ أن مفعول العقد الساري والذي وقع عام 1994 سوف ينتهي عام 2014. والثاني، هل جرى الحديث عن زيادة قيمة الإيجار، حيث أن روسيا تدفع سنويا 115 مليون دولار فقط؟
أما مصير مطار سفوبودني الفضائي الكوني الموجود في مقاطعة أمورسكايا، مازال مجهولا. ورأى الجنرال فلاديمير بوبوفكين أن كل شيء قي هذا المطار سيجمد، مشيرا بعيارة ذات مغزى إلى الأوضاع الراهنة بقوله quot;سنعود إلى هناك في عهود أفضلquot;. وأضاف إضافة أخرى قد تحمل انتقادا لاذعا للقيادة العسكرية الروسية، إذ شدد على أن البرامج الفيدرالية لتنمية المطارات الفضائية هي في الواقع برامج لتطوير مطار بليسيتك خلال السنوات العشر القادمة.
وفي ما يتعلق بالترتيبات الجديدة المتعلقة بمطار بايكونور، فسوف يتعين على القيادة العسكرية الروسية سحب ما يقرب من 3 آلاف عسكري ومدني من العاملين في المطار وأفراد أسرهم. وقد تم بالفعل نقل 200 ضابط خلال الأشهر الأخيرة إلى الخدمة في أماكن أخرى. وتركت قيادة القوات الفضائية الباب مفتوحا للعسكريين والمدنيين الآخرين للخروج من بايكونور. وهناك مشكلة أخرى تواجه حوالي 300 امرأة من الأمهات الوحيدات العاملات في المطار، إذ يجب على القيادة الفضائية توفير أعمال ومساكن لهن. ولم تتمكن إلى الآن إلا من توفير 100 فرصة عمل فقط لهذا العدد من الأمهات الوحيدات.