أحمد عبدالعزيز من موسكو: رجحت مصادر قريبة من الملف النووي الإيراني بأن تصبح زيارة سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني الثلاثاء إلى موسكو إشارة البدء في الحديث حول قبول طهران المبادرة الروسية المتعلقة بتخصيب يورانيوم محطة بوشهر الكهروذرية في روسيا. ولا تستبعد هذه المصادر ظهور خلاف جديد بين روسيا وإيران بشأن حديث طهران حول إشراك بكين في عملية تخصيب اليورانيوم. وهو ما فسره الخبراء بانعدام الثقة المتبادَل بين روسيا وإيران والذي تحدثت عنه وسائل على استحياء وحاولت كل من القيادتين تجاوزه، أو في أحسن الأحوال غض الطرف عنه. إلا إن الطلب الإيراني بشأن الصين يوضح لروسيا مستوى انعدام ثقة الإيرانيين بإمكانية موسكو على إيقاف أية إجراءات محتملة يمكن أن يتخذها الغرب ضد إيران في حال عدم انصياعها للأسرة الدولية، أو حتى إمكانيتها على تقديم ضمانات ملموسة لطهران.

وتأتي زيارة لاريجاني إلى روسيا ردا على زيارة سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي إيجور إيفانوف لإيران. كما تأتي أيضا قبل أيام من انعقاد جلسة مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2-3 شباط (فبراير) المقبل، وفي ظل التصميم الأوروبي على نقل الملف الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي.

واعتبر قطاع كبير من المراقبين أن إيران تدرك مدى الخطر المحيط بها من جهة، وإمكانية استنفاد رصيدها لدى المدافعين عنها، وعلى رأسهم روسيا والصين. إذ ظهر رأى عام قوي في روسيا مؤخرا يطالب الكرملين بالتخلي عن طهران، أو على الأقل إبداء ضغوط قوية عليها، لأن روسيا تبدو في الأشهر الأخيرة وكأنها أسيرة مصالح استراتيجية لا يمكن التنازل عنها. ووجهوا الانتباه إلى أن البرامج النووية الإيرانية ستوجه إن عاجلا أو آجلا لإنتاج أسلحة دمار شامل. بل وذهبوا إلى أن هذا الأمر يشكل خطرا على روسيا نفسها على المدى البعيد نظرا لطبيعة الحكم وتركيبة السلطة في إيران. ولعل ذلك تحديدا هو أحد أسباب تناقض تصريحات المسؤولين في موسكو حول الملف النووي الإيراني، وتضارب تحليلات المراقبين أيضا.

ورأت بعض وسائل الإعلام الروسية أن إيران تضع روسيا والصين في مواجهة غير معلنة، لأن موسكو وبكين على الرغم من تحسن العلاقات الرائع في السنوات الأخيرة تحاولان عدم الالتفات إلى العديد من الملفات quot;المجمدةquot;، إضافة إلى أن كلا منهما يحتفظ لنفسه بملفات مستقلة في العديد من القضايا الدولية والإقليمية. فطهران بعد رفضها الكامل أو قبولها التام للمقترح الروسي تسعى لكسب أكبر قدر من الوقت، ومساومة الجميع، بمن فيهم حلفاؤها. ومن الواضح أن زيارة لاريجاني إلى موسكو ستكون فاشلة تماما إذا لم يحمل المسؤول الإيراني بنودا محددة من طهران، على الأقل لتحسين صورة روسيا التي بدأت تهتز كثيرا بسبب هذا الملف، وإعطاء موسكو ورقة جديدة لمساومة الغرب. ولكن إذا كانت هذه الورقة هي إشراك الصين، فمن الصعب إلى الآن تصور رد الفعل الروسي، والمدى الزمني لبحث هذا المقترح، هذا إذا وافقت عليه روسيا أصلا.