عادل درويش من لندن :
خسرت الخزانة البريطانية في عام واحد من الدخل مايكفي لبناء 80 مستشفىً او 400 مدرسة، بسبب عملية نصب كبرى يدبرها المتهربون من الضرائب عبرتكرار تصدير واستيراد السلعة نفسها الى ومن اوروبا ودبي، حسب موضوع تحقيقي اجرته البي بي سي مع الدوائر المالية في الاتحاد الأوروبي. وحسب مصادر مكافحة النصب والتهرب من ضريبة القيمة المضافة المعروفة بVAT في بروكسيل، فإن خسائر الخزانة البريطانية، تزيد خمسة اضعاف على خسائر اي دولة اخرى في الاتحاد الأوروبي وتصل ثمانية مليارات ومائتي مليون جنيه استرليي، او 15 مليار وستمائة الف دور في 12 شهرا الماضية.

ولأن الشركات التجارية تقدم كشف موازنة اما سنويا او مرة كل ثلاثة اشهر، تشمل جميع المشتريات والمبيعات، فإنها تدفع فارق ضريبة القيمة المضافة بين ماجمعته من بيع السلع، وبين ما أنفقته على شراء السلع. اما اذا كان الفارق سلبي، اي انفقت من الضرائب، أكثر مما جمعته، فإنها تحصل من مصلحة الجمارك والدمغة والرسومCustoms and Excisesعلى هذا الفارق. وحسب اتفاقيات التجارة بين بلدان الاتحاد الأوروبي، فإن استمارة اقرار ضريبية القيمة المضافة المعروفة باستمارة رقم 100، تشتمل منذ خمس سنوات على خانة جديدة للسلع المشتراة من او المصدرة الى اوروبا.

لكن تتعرض الخزانة لعملية نصب كبيرة، اذ تشتري بعض الشركات السلع بملايين الجنيهات من اوروبا الشرقية، او لاتدفع عليها ضريبة قيمة مضافة، وتصدرها الى بريطانيا وتملأ في خانة الاستمارة، حسب النسبةالدولية التي تم الاستيراد منها، وهي تتراوح مابين 8% الى 15% ، ثم تسترد هذه القيمة من مصلحة الجمارك البريطانية ، اي تحصل في المتوسط على حوالي 120 الف دولار من الخزانة البريطانية على كل شحنة سلع قيمتها مليون جنيه. وهي اما تحصل 17.5% اضافية من المستهلك في حالة بيعها في بريطانيا، او، كما يحصل في أغلب احوال النصب ، تعيد تصديرها مرة اخرى الي شركائهم فيالعملية في بلدان اوروبا مضاف اليها 17.5%من القيمة. ويقوم الشركاء بممارسة عملية النصب نفسها على خزانة الدولة المعنية، ثم يعيدون تصدير السلعة نفسها الى بريطانيا وهكذا في دائرة مستمرة.

وكانت مصادر الخزانة قدرت الخسائر في العام الماضي بمليار وتسعمائة مليون جنيه استرليني ( ثلاثة مليارات و 600 مليون دولار) ، لكنها فوجئت بتحقيق quot;ال بي بي سي، فاتهمت الاذاعة بالمبالغة. وقال محررو البي بي سي ان مصادر المعلومات هي الادارة المالية في الإتحاد الأوروبي التي افادت بدورها بن المعلومات مصدرها الخزانية البريطانية.

ويقدر الاخصائيون في التهرب من الضرائب ان الخزانة عاجزة قانونيا عن ايقاف عملية النصب، لأن الذين يدبرون تلك العمليات، دائما يسبقون الخزانة، ويبحثون عن ثغرات اخرى. وآخر هذه الثغرات هي التصدير الى دبي، والحصول على ال 17.5% كاملة من الخزانة البريطانية، ثم اعادة استيرادها مرة اخرى من دبي دون دفع أية ضرائب لأن دبي معفاةمن الرسوم الجمركية والضرائب. وخصصت بلدان الاتحاد الأوروبي أكثر من 1400 مفتش جمارك للتعامل مع المشكلة، والاتفاق مع دبي ، لكن ليس هناك مسودة قوانين ولوائح معينة للاغلاق كل الثغرات.