المعارضة متشائمة بشأن جدية النظام في الإصلاح
البرلمان المصري يعد تقريره عن تعديلات الدستور

نبيل شرف الدين من القاهرة: انتهت اليوم اللجنة العامة لمجلس الشعب (البرلمان) المصري، من إعداد تقريرها، بشأن اقتراحات الرئيس حسني مبارك بتعديل rlm;34rlm; مادة في الدستور، وقال مصدر برلماني إن التقرير اشتمل على دراسة متعمقة لمواد الدستور المطلوب تعديلها، بالمقارنة مع مثيلاتها في بعض دساتير دول العالم التي تنتهج الديمقراطية نظاماً لحكمها.

وبإعداد اللجنة العامة في البرلمان هذا التقرير حول التعديلات الدستورية ومبرراتها وأسبابها، يصبح جاهزاً للعرض على البرلمان في جلساته العامة، التي قد تصل إلى نحو عشر جلسات تبدأ يوم الخامس عشر من كانون الثاني (يناير) الجاري، لإجراء مناقشات موسعة حولها قبل أن تعد اللجنة التشريعية في البرلمان، وبعد شهرين من تاريخ انتهاء مناقشات البرلمان حول مبادئ التعديل صياغة مواد الدستور المعدلة ثم ترفع إلى مبارك، قبل إجراء استفتاء شعبي على مواده ثم تصدر التعديلات الجديدة عقب ذلك.

وجاء حكم قضائي صدر قبل يومين في مصر برفض الطعون التي قدمها مؤسسو اثني عشر حزباً سياسياً، ليزيد المشهد السياسي احتقاناً، كما يلقي بظلاله على مدى جدية نظام الحكم في إجراء إصلاحات سياسية حقيقية، من دون الالتفاف على استحقاقاته، كما تتهمها بذلك قوى المعارضة على تنوع مشاربها واتجاهاتها.

طبيعة التعديلات

ووفقاً لمصادر الحزب الوطني الحاكم فإن التعديلات الدستورية المرتقبة، ستتضمن تعزيز دور البرلمان في الرقابة على أعمال الحكومة، وإتاحة وقت أوسع لمناقشة الموازنة العامة للدولة ومناقشة الحساب الختامي لها، وتخفيف إجراءات سحب الثقة من الحكومة، وكذلك عدم حل مجلس الشعب أو التقدم بطلب تعديل الدستور أو إقالة الحكومة في حالة تولي رئيس مجلس الوزراء المسؤولية بديلاً عن رئيس الجمهورية حال وجود مانع، وتتضمن تلك التعديلات أيضاً التيسير على الأحزاب للترشيح لمنصب رئيس الدولة.

كما تتضمن تعديل المادة 74 من الدستور لوضع المزيد من الضمانات عند مواجهة أخطار ''تهدد سلامة الوطن أو تعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري في حالة الخطر الجسيم'' وألا يحل مجلس الشعب (البرلمان) أثناء ممارسة رئيس الجمهورية للسلطات التي تخولها هذه المادة، علاوة على حظر مباشرة أي نشاط سياسي أو حزبي أو قيام أحزاب على أساس الدين أو الجنس أو الأصل.

ومضت مصادر الحزب الحاكم موضحة أن التعديلات ستتضمن أيضاً منح مجلس الشورى اختصاصات تشريعية جديدة، وتضع سياسات لتطوير المحليات وتعميق اللامركزية، وتشكيل مجلس يضم رؤساء الهيئات القضائية برئاسة رئيس الجمهورية بديلاً عن المجلس الأعلى للهيئات القضائية مع إلغاء جهاز المدعى العام الاشتراكي ومحكمة القيم، وأخيراً إعداد قانون جديد لمكافحة الإرهاب بديلاً عن قانون الطوارئ.

لكن نوابا مستقلين ومعارضين أعربوا عن مخاوفهم بشأن إمكانية وجود سيناريو سابق التجهيز للتعديلات الدستورية المقترحة، وقد أكد معارضون من شتى التوجهات quot;أن إقدام الحزب الحاكم على اتخاذ أي خطوة أحادية الجانب وفرض نصوص سابقة التجهيز يمثل ما اعتبروه بأنه خطأ وتهميش لدور قوى المعارضةquot;، كما رأى هؤلاء النواب أيضاً quot;أن هناك العديد من النصوص المقترح تعديلها سوف تكون محمل نقاش ساخن خاصة ما يتعلق بملف الإشراف القضائي على الانتخابات النيابية، أو إجبار المستقلين على اعتزال العمل السياسيquot;، على حد تعبيرهم.

نقلة نوعية

وفي ما أكد قادة الحزب الحاكم أن هذه التعديلات ستمثل quot;نقلة نوعيةquot; في الحياة السياسية بمصر، فقد أعرب معارضون من مشارب شتى عن مخاوفهم، من أن تكون تلك التعديلات مجرد quot;محاولة للالتفاف على استحقاقات الإصلاح السياسيquot;، كما وجهوا عدة انتقادات للتعديلات المرتقبة ـ في ضوء المعلومات الأولية ـ أبرزها عدم اشتمال هذه التعديلات على المادة 77 والمتعلقة بتحديد مدة الرئاسة وضرورة التمسك بنص المادة 88 الخاص بالإشراف القضائي بعد أن طرحت للتعديل.

كما تروج في أوساط المعارضة تكهنات أخرى بأن قانون مكافحة الارهاب سيصدر مشتملا على بنود قانون الطوارئ ذاتها، وأن الحزب الوطني (الحاكم) سوف يلجأ كالعادة إلى مراوغة تظهر أنه يرغب بإنهاء حال الطوارئ ـ المعمول به منذ ربع قرن ـ بقانون جديد لمكافحة الارهاب غير أن الاسم فقط هو الذي سيتغيرquot;، كما ترى المعارضة.

هذا ومن المقرر أن تستمر مناقشات تعديل المواد الدستورية في البرلمان حتى آذار (مارس) القادم وأن يتم إقرار المواد الجديدة للدستور في نيسان (أبريل) المقبل، عقب إجراء الاستفتاء الشعبي على التعديلات، على أن تجري المناقشات حول مبادئ تلك التعديلات وإبداء الآراء بشأنها، على مستويي المعنى والصياغة.

وكان الرئيس المصري حسني مبارك ـ الذي يرأس الحزب الوطني الحاكم أيضاً ـ قد أعلن عن تعديل 34 مادة من مواد الدستور، وأرسل طلباً كتابياً بهذا الصدد إلى البرلمان، داعياً إياه إلى مناقشة تفاصيله على نحو معمق.