إختتام المؤتمر الدولي للتنمية الإعلامية في العراق
دعوة الإعلام العربي لعدم التحريض الطائفي

أسامة مهدي من باريس: دعا المؤتمر الدولي حول حرية التعبير والتنمية الاعلامية في العراق الاعلام العربي والدولي الى احترام خيارات الشعب العراقي وعدم ممارسة التحريض الطائفي والعرقي والتشجيع على العنف في العراق .. فيما حصلت مشادات كلامية واعتراضات على تبرير نائب عراقي لقتل الصحافيين في العراق بذريعة ان بعضهم يعمل لحساب مخابرات اجنبية .

واوصى المؤتمر الليلة في ختام اجتماعات استمرت ثلاثة ايام بمدينة باريس شارك فيها حوالي 300 خبيرا واعلاميا عراقيا وعربيا ودوليا بينهم 80 اعلاميا ونائبا قدموا من بغداد بتشجيع التنظيم المستقل لقطاع الاتصالات في العراق وابقاء وسائل الاعلام التابعة للدولة مؤسسات بث عامة والغاء أي قوانين عراقية تنتهك حرية التعبير عن الراي او تتعدى على حق وسائل الاعلام بممارسة عملها بحرية تامة .

البيان الختامي للمؤتمر
واكد البيان الختامي على ضرورة تشجيع وجود قطاع بث تجاري قوي وان تكون وسائل الاعلام والجمعيات المهنية والمنظمات الاعلامية واعية وراسخة لضمان شفافية السلطات العامة ومساءلتها بهدف محاربة الفساد . كما اوصى بتشجيع الانتاج الاعلامي للمحتوى الاعلامي وايلاء عناية خاصة للصحافة المستقلة طوال العمليات الانتخابية .

ونظمت المؤتمر الدولي حول حرية التعبير والتمية الاعلامية في العراق هذا هيئة الاعلام والاتصالات العراقية بالتعاون مع منظمة اليونسكو وبرنامج الامم المتحدة للتنمية تحت شعار quot;نحو اعلام عراقي حيوي حر وتعدديquot; . وشدد المؤتمرعلى ضرورة قيام الحكومة العراقية والمجتمع الدولي بتنمية وسائط الاعلام ضمن ستراتيجيتها الرامية لاعادة الاعمار والتنمية في العراق والاهتمام بجهود التدريب . واكد على دور اليونسكو كمنظمة رئيسية مهنية في ضمان حرية التعبير عن الراي ضمن نظام الامم المتحدة . ودعا الى انشاء صندوق وطني لتقديم الدعم لاسر الضحايا من الصحفيين على ان يدار من هيئة مستقلة .

وشدد المؤتمر على ضرورة احترام وسائل الاعلام العربية والدولية لخيارات الشعب العراقي وعدم ممارسة التحريض الطائفي والعرقي والتشجيع على العنف في العراق . واوصى بان يتمتع الصحفيون ووسائل الاعلام المطبوعة بجق تشكيل مؤسسات ومنظمات ووضع قواعد مستقلة ذاتية التنظيم على اساس الدستور والغاء أي قانون يوجب حصول الصحفيين على اجازة ممارسة المهنة والغاء أي قانون يوجب حصول وسائل الاعلام المطبوعة على اجازة صدورها .

واشار المؤتمر الى ان الصحفيين وغيرهم من الفنيين الاعلاميين في العراق يتعرضون للترهيب واعمال العنف حتى اصبح العراق من بين اخطر دول العالم بالنسبة لممارسة العمل الصحفي . واوضح ان حرية التعبير عن الراي تتطلب وجود اعلام مستقل وتعددي قادر على ايصال المعلومات بعيدا عن التحكم الحكومي او السياسي او الاقتصادي . واضاف انه من الضروري تشجيع وجود صحافة تعددية . واكد اهمية تامين سلامة جميع الصحفيين العاملين في العراق .

ودعا الحكومة وقواتها المسلحة والقوات الدولية في العراق الى تعزيز الوعي بشان حرية وسائل الاعلام واحترامها . وطالب السلطات باحترام حقوق الصحفيين والفنيين الاعلاميين واستقلالهم المهني مع الاقرار بضرورة ردع التحريض المباشر والضمني على العنف . وقال انه من الضروري تعزيز دور وسائل الاعلام كمنبر للحوار ضمن اطار النظام الديمقراطي ونبذ ثقافة الارهاب والعنف الطائفي .

نائب عراقي يبرر قتل الصحفيين
وفي جلسة النقاشات الاخيرة للمؤتمر التي بحثت موضوع المعايير المهنية للعمل الاعلامي وقبل اعلان اختتام اعماله اثار النائب علي الاديب عن الائتلاف العراقي الموحد عاصفة من الاحتجاج والاعتراضات على مداخلته التي اشار فيها الى ان الكثير من الصحفيين الذين يقتلون في العراق مرتبطون باجهزة مخابرات اجنبية وعربية اتخذت من العراق مسرحا لنشاطاتها .

وقد رد عليه عدد من الصحفيين مؤكدين رفضهم لاتهام الضحايا من الصحفيين بانهم عملاء للمخابرات . كما تلي بيان باسم مجموعة من المشاركين في المؤتمر يرفض الاتهام ويتحدث عن الدور الريادي الذي يقوم به الاعلاميون في توعية المواطنين . وقال ابراهيم نوار رئيس منظمة مراقبة الحريات الصحفية العربية ان اتهامات الاديب تبرر للقتلة تصفية الصحفيين . وطالب بمنح الصحافة سلطة الرقابة على السلطات وحماية منتسبيها .
وقال عبد الحليم محمد مدير عام تلفزيون المشرق العراقي ان الصحفيين يرفضون اتهامات الاديب موضحا ان الصاق تهمة العمالة لمخابرات اجنبية بالصحفي العراقي هو تشجيع على تصفيتهم جسديا .

اموال عراقية وبريطانية للاعلام العراقي
وكشف النقاب في جلسة المؤتمر امس ان الولايات المتحدة وبريطانيا قدمتا 221 مليون دولار الى اجهزة ومؤسسات الاعلام العراقي منذ عام 2003 حصلت شبكة الاعلام العراقية على نسبة 80% منها بينما طالب صحافيون عراقيون الى تحقيق لكشف اهداف هذا الدعم والجهات التي استلمته في حين دعا خبراء ومسؤولون اعلاميون عراقيون وعرب واجانب الى اتخاذ الاجراءات الكفيلة بحماية ارواح الصحافيين وتأمين سلامتهم .

وقال انتوني بوردن المدير التنفيذي لمعهد صحافة الحرب والسلام في تقرير عن الدعم الدولي الذي قدم الى الاعلام العراقي منذ سقوط النظام السابق عام 2003 ان الولايات المتحدة دفعت الى الاعلام العراقي 207 ملايين دولار وبريطانيا 14 مليونا واليونسكو 4 ملايين ومنظمات اخرى لم يذكرها 3 ملايين دولار . واشار الى ان هذا يشكل الدعم الرسمي لكن هناك دعم قدمته وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) اوضح انه لايعرف مقداره ولا الجهات الاعلامية التي استلمته .
واضاف بوردن خلال كلمتة في اليوم الثاني من اجتماعات المؤتمر الدولي المنعقد في باريس عن الاعلام العراقي تحت شعار quot;نحو اعلام حيوي وحر في العراق quot; والذي تنظمه بالتعاون مع منظمة اليونسكو هيئة الاعلام والاتصالات العراقية ان شبكة الاعلام العراقية استلمت 118 مليون دولار من هذه الاموال التي حصلت 230 مؤسسة اعلامية عراقية اخرى على بقية المبالغ منها. واشار الى ان هناك مجموعات سياسية ودينية وحكومات اقليمية تقدم ايضا دعما للاعلام المحلي . ومعروف ان شبكة الاعلام العراقية تمتلك فضائية quot;العراقيةquot; وتصدر مجلة اسبوعة منوعة .
واوضح خلال مناقشة المؤتمر لواقع الاعلام العراقي الراهن ان في العراق حاليا اكثر من 400 وسيلة اعلامية عراقية تابعة لمجموعات دينية وسياسية ورجال اعمال . واقر بوجود فوضى تسود اجهزة الاعلام العراقية نتيجة تسييسها من قبل هذه المجموعات .

وقد طالب زهير الجزائري المدير العام لوكالة اصوات العراق بالزام المؤسسات الصحافية بالكشف عن مصادر تمويلها حتى يطلع الراي العام الذي يقراها ويستمع اليها ويشاهدها على جهات هذا التمويل .

سلامة الصحافيين وحمايتهم
وفي محور سلامة الصحافيين وحمايتهم تم عرض فيلم عن عمليات القتل والاختطاف التي يتعرض لها الصحافيون في العراق تحت عنوان quot;مهنة المخاطر في بلد المخاطرquot; . ثم تحدث جويل كامبانا منسق برنامج الشرق الاوسط في هيئة حماية الصحافيين عن مخاطر يومية تهدد الصحافيين . واكد انه منذ عام 2003 قتل في العراق 120 صحافيا ومساعدين لهم اضافة الى اختطاف 36 اخرين وتم قتل 16 من الصرعى من قبل القوات الاميركية . واوضح ان 80% من الصحافيين القتلى هم من العراقيين و60 منهم اغتيلوا بسبب انتماءاتهم وارائهم وتعليقاتهم في اجهزة الاعلام التي يعملون فيها .

واشار الى ان المؤسف في هذا الامر ان 85% من القتلة مازالوا طلقاء وفارين من وجه العدالة . واضاف ان هذه الجرائم خلقت واقعا يتصف بتاكل منتظم لوجود صحافيين محايدين . ودعا الحكومة العراقية والمنظمات الدولية المختصة الى المساهمة في ملاحقة المجرمين وتوفير الحماية للصحافيين وعائلاتهم .

وقال النائب العراقي مصطفى جمال الدين ان التحدي الاكبر الذي يواجه العراق حاليا هو خلق مجتمع مدني واعلام حر . واكد عدم وجود اعلام حر في العراق نتيجة ارتباطه بالسياسي بسبب الحاجة المادية . وقال ان على عاتق الامم المتحدة يقع واجب دعم استقلالية الاعلام العراقي بجميع الاشكال التي يحتاجها . ودعا مجلس النواب الى تقديم الدعم المالي الى الاعلام العراقي بعيدا عن مساهمة الحكومة في ذلك حتى لايشكل هذا ضغطا عليه.
وقد طالب الخبير الاعلامي ابراهيم نوار رئيس مؤسسة رقابة حرية الصحافة المؤتمر باصدار توصية لتفعيل قرار الامم المتحدة المرقم 1738 الصادر عن مجلس الامن الدولي في 23 من الشهر الماضي والقاضي بالعمل على اتخاذ الاجراءات الضرورة لحماية ارواح الصحافيين .

وكان المدير العام لمنظمة اليونسكو كاشيرو ماتيسيورا قد دعا خلال افتتاح المؤتمر الاثنين الى العمل على تأسيس اعلام عراقي مهني واخلاقي يبعد العراقيين عن العنف الطائفي ويساهم في ايصال المعلومات الحقيقية اليهم من اجل تحقيق الامن والاستقرار والاعمار مشددا على ضرورة اتخاذ الاجراءات الضرورية لحماية ارواح الصحافيين الذين يتساقط العديد منهم ضحايا الارهاب وقمع الكلمة الحرة .

واضاف ماتيسيورا في كلمته ان هناك صعوبات وتحديات تواجه حرية الاعلام في العراق . واشار الى ان الهدف من المؤتمر هو التاكيد على التزام الحكومة العراقية بالمصالحة وتحقيق الوئام بين العراقيين ومساهمة الاعلام في هذه الجهود . واكد على ضرورة التوصل الى ستراتيجية لحماية وسائل الاعلام ومواجهة العنف الذي يعصف بحياة الصحافيين . واشار الى ان العام الماضي 2006 شهد مقتل 68 صحافيا عراقيا ذهبوا ضحية اصرارهم على حرية التعبير وتشجيع النقاش الحر المثمر .