أسامة مهدي من لندن : اجلت المحكمة الجنائية العراقية العليا المختصة بقضية الانفال جلساتها الى الاحد المقبل بعد ان استمعت في جلستها السابعة والثلاثين اليوم الى وثائق عن عمليات اعدام اكراد رميا بالرصاص وترحيل الاف العوائل الى تركيا وايران وحرق عشرات القرى وهي صادرة من المتهمين علي حسن المجيد مسؤول المنطقة الشمالية سابقا وطاهر العاني السكرتير العام للجنة الشمال وذلك خلال مواصلتها النظر في قضية ابادة الاكراد المتهم فيها الرئيس السابق صدام حسين الذي نفذ بحقه الاعدام وستة من كبار مساعديه السابقين .

وخلال جلسة اليوم عرض رئيس هيئة الادعاء العام منقذ ال فرعون وثائق صادرة عن عدد من المتهمين حول عمليات عسكرية ضد الاكراد تتضمن قصفا بالطائرات وتهجيرا وتحضيرات لشن هجومات واسعة بالاسلحة الكيمياوية . وانعقدت الجلسة بحضور المتهمين الستة وفريق الدفاع .

وعرض المدعي العام حوالي 30 وثيقة وصفها بأنها سرية وشخصية للغاية صادرة من مديرية امن بغداد إلى مديرية أمن مدينة شقلاوة الشمالية . وقال الفرعون إن هذه الوثائق تدين المتهمين طاهر توفيق وعلي حسن المجيد وانها مؤرخة في عام 1987 اي قبل سنة من شن حملة الانفال ضد الاكراد التي راح ضحيتها 182 الف حسب الاحصائيات الكردية .

واكدت الوثائق ترحيل مئات العوائل وحرق قرى وتنفيذ عمليات اعدام بمواطنين اكراد تصفهم الوثائق بالمخربين أي المتعاونين مع ايران . واشارت الى تهجير 50 الف كردي الى تركيا والفي عائلة الى ايران . واوضح ان نقاشا دار بين ضابط سابق وجنوده عن طفل تقرر اعدام افراد عائلته فيما اذا كان سيعدم معهم ام يخلى سبيله فقرر الضابط اطلاقه .

وقد اعترض محامو الدفاع على هذه الوثائق موضحين انها تسبق عمليات الانفال لكن رئيس المحكمة القاضي محمد الخليفة العريبي الذي تراس جلسة اليوم رد بان قرار الاحالة الخاص بالمتهمين قد نص على جرائم الانفال وما قبلها اي الفترة التمهيدية لشن حملة الانفال.

وقد حاول المتهم علي حسن المجيد الدفاع عن نفسه زاعما انه لم يلحق ضررا باي عراقي وانه على استعداد للاعتذار لاي مواطن اذا كان قد اضر به . واشار الى ان عمليات التهجير تمت لحماية المواطنين من العمليات العسكرية التي كانت جارية مع ايران .وفي نهاية الجلسة التي تاجلت الى الاحد المقبل اكد القاضي انه سيوفر لقاءات للمتهمين مع محاميهم لاعداد دفوعهم امام المحكمة .

وتعقد محكمة الانفال جلساتها للاستماع الى اقوال خبراء والاطلاع على وثائق تتعلق بقضية عمليات الانفال الناتجة من استخدام النظام السابق للاسلحة الكيميائية ضد الاكراد عامي 1987 و1988 ما اسفر عن مصرع حوالى 180 الف كردي وتشريد الاف اخرين وتدمير 3 الاف قرية . وستخصص جلسات الاسبوع الحالي لعرض مزيد من الوثائق والافلام المرئية والمسموعة قبل أن تنتقل الى الاستماع الى إفادات المتهمين. وتعمل المحكمة حاليا على التعاقد مع خبراء في الأدلة الجنائية تابعين الى وزارة الداخلية بهدف دراسة الأدلة الخاصة بالقضية والضربة العسكرية الكيميائية التي تعرض لها الاكراد عام 1988.

ومن المنتظر ان يدلي البروفيسور النمساوي جيرهارد فرالينجر الذي وصل الى مدينة اربيل عاصمة اقليم كردستان العراق مؤخرا باقواله امام المحكمة حول قصف مدينة حلبجة الكردية بالأسلحة الكيمياوية حيث كان قد عالج عددا من ضحايا هذا القصف في مدينة أورمية الأيرانية عام1988 .

وكان صدام حسين المتهم الرئيس في القضية قد تم اسقاط التهم عنه بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعددا من مساعديه بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لاغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية .
وقد استمعت المحكمة الى حوالى 100 مشتكٍ وشاهد وخبير اجنبي كما عرض عليها حوالى 60 وثيقة رسمية منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم .

المتهمون في قضية الانفال

والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين الذي اسقطت عنه التهم اثر تنفيذ حكم الاعدام بحقه في الثلاثين من الشهر الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه المجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988 .

ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيميائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.

وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.