رافضاً الاتهامات لنظامه بتعمد إعاقة الإصلاحات السياسية
مبارك يتطلع إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين نهاية العام
نبيل شرف الدين من القاهرة:
في مقابلة أجرتها صحيفة quot;تاجز انتسايغرquot; السويسرية، أعرب الرئيس المصري حسني مبارك عن تطلعه إلى التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين بنهاية العام الحالي، قائلا إن مصر تواصل اتصالاتها من أجل إقامة الدولة الفلسطينية، وفتح الطريق أمام التسوية السلمية على المسارين السوري واللبناني .
وفي هذا السياق أشار الرئيس المصري إلى المبادرة العربية حول النزاع العربي ـ الإسرائيلي، وإلى الاتصالات العربية المستمرة بغية التوصل إلى حل عاجل للأزمة السياسية اللبنانية .
كما تطرق مبارك أيضاً إلى المسألة العراقية، وتحديداً تطور العلاقات بين بغداد وواشنطن، قائلاً إن ما يهمنا حاليا هو وقف نزيف الدم وإستعادة الاستقرار ونجاح العملية السياسية على نحو يحفظ للعراق هويته واستقلاله وسيادته ووحدة أراضيه .
وبشأن الأزمة النووية الإيرانية أعرب مبارك عن أمله في أن تجري معالجتها سلمياً، محذرا من أن اللجوء إلى استخدام القوة قد يؤدي بمنطقة الخليج والشرق الأوسط وربما العالم بأسره إلى منزلقات خطرة .
وفي الشأن الداخلي المصري رفض مبارك اتهامات توجهها أحزاب وجماعات المعارضة لنظامه بأنه بات يعيق الإصلاحات السياسية في البلاد، قائلاً إن مصر قطعت شوطاً كبيراً على هذا المسار، ومشيراً إلى التعديلات الدستورية التي جرى إقرارها العام الماضي، والتي لم تزل حتى الآن موضع جدل وخلافات عميقة بين المؤيدين للنظام ومعارضيه من شتى المشارب والاتجاهات السياسية والفكرية .
سورية وإيران والعراق
وفي معرض رده على سؤال حول الصراع السياسي المحتدم بين الولايات المتحدة وإيران وسورية، وما إذا كان له تأثير على المنطقة، خاصة على لبنان قال مبارك : quot;إن التطورات في لبنان شأن لبناني محض لاينبغي أن تتدخل فيه أي أطراف من داخل المنطقة أو خارجها، أما سورية فلها أرض محتلة في الجولان، ولن يكتمل السلام الشامل دون استعادتها للسيادة السوريةquot;، على حد قوله .
وفي ما يتعلق بقضية النووي الإيراني فقد أوضح مبارك أن إيران دولة مهمة في المنطقة ويمكنها ان تسهم في تحقيق سلامها واستقرارها، داعيا إلى مواصلة الحوار بمزيد من الشفافية والمكاشفة من جانب ايران، والمزيد من المرونة والتفهم من قبل المجتمع الدولي ومنظماته سواء الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو مجلس الامن .

وسئل مبارك عن عشرات الآلاف من العراقيين المقيمين كلاجئين في مصر، وهل هم بها للبقاء أم ينتظرون تغيير الأوضاع للأفضل في العراق، فأجاب قائلاً quot;إن أحدا لا يريد البقاء بعيدا عن وطنه، وأعرب عن اعتقاده بأنهم ينتظرون تحسن الأوضاع للعودة إلى العراقquot;، وأضاف: quot;هناك نحو ثلاثة ملايين من اللاجئين الذين نزحوا من العراق منذ عام 2003 وتوجهوا لمصر وسورية والأردن ودول الخليج وحتى خارج المنطقة العربية، وأن مصر تستضيف حاليا نحو 70 ألف عراقي، وأتطلع إلى تجاوز العراق هذه الفترة الصعبة ولأن يعود أبناؤه لأرضهم ووطنهمquot; .
الإصلاح السياسي
أما في الشأن الداخلي المصري، ورداً على سؤال للصحيفة على الفجوة بين الاصلاحات الاقتصادية في مصر التي حازت تقديرات جيدة من عدة مؤسسات دولية، بينما تؤكد المعارضة أن الإصلاحات السياسية مازالت متواضعة قياساً بما تشهده الساحة الاقتصادية، وهو الأمر الذي رفضه مبارك، قائلاً : quot;إن خطوات الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي تمت على مسارات متلازمة منذ الثمانينات.. وتسارعت خلال السنوات الثلاث الماضية، كان الهدف ـ ولايزال ـ هو تحرير حياتنا السياسية وتحرير اقتصادنا ومراعاة الانعكاسات الاجتماعية للاصلاح الاقتصادي على غير القادرينquot;، على حد قوله .

وتابع مبارك قائلاً quot;إن التدرج هو طريقنا لتحقيق هذا الهدف تفاديا لتداعيات الانتقال المفاجئ من مجتمع يأخذ بنظام الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية والسياسية، ومن مجتمع يأخذ بالنظام الاشتراكي لمنظومة مغايرة تأخذ بنظام السوق وتنفتح باقتصادها على العالم.. ولدينا في منطقتنا وخارجها أمثلة عديدة لمجتمعات تعرضت للاضطراب وزعزعة الاستقرار بها، نتيجة لتعرضها لصدمات الانتقال المفاجئ غير المحسوبquot;، حسب قوله .

ومضى مبارك قائلاً إن هذه الفجوة بين الإصلاح الاقتصادي والسياسي لا وجود لها فقد نجحنا على طريق تحرير حياتنا السياسية كما نجحنا في تحير اقتصادنا.. ولدينا مساحات غير مسبوقة لحرية الرأي والتعبير والصحافة، لدينا أكثر من عشرين حزبا أدعوها لتفعيل أنشطتها ومشاركتها في الحياة السياسية، كما اعتمدنا تعديلات دستورية وقوانين مكملة للدستور ترسخ نظامنا الجمهوري، وتعزز التعددية والحياة الحزبية ودور البرلمان في مراقبة ومساءلة الحكومة، وتدعم دور المرأة والمحلياتquot;، على حد تعبير الرئيس المصري للصحيفة السويسرية .
النووي المصري
وتطرقت الصحيفة السويسرية في حوارها مع مبارك إلى سؤال عما أعلنته القاهرة مؤخراً عن خطط نووية ، وتساءلت الصحيفة عما إذا كان من الأفضل التركيز على أنماط جديدة من التكنولوجيا مثل الطاقة الشمسية وخاصة في مصر التي تتمتع بشمس مشرقة طوال العام، رد مبارك قائلاً : quot;إن قضية الطاقة وتنويع مصادرها وتأمين امداداتها باتت تشغل العالم بدوله النامية والمتقدمة، ومصر ليست استثناء من ذلك، لانمتلك موارد ضخمة من البترول سواء من حيث حجم الانتاج أو الاحتياطي كما أن احتياجاتنا من الطاقة تتزايد نتيجة تسارع معدلات النمو الاقتصادي والزيادة السكانية، وبالتالي أصبح توسيع الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة ضرورة حتمية، ولدينا خطط لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة - وأقصد بذلك مصادر الطاقة غير النابضة كالرياح والطاقة الشمسية - بنحو 20% من اجمالي احتياجات مصر من الطاقة بحلول العام 2020 وهي النسبة ذاتها المستهدفة لدول الاتحاد الأوروبي خلال الفترة نفسها، لكن ذلك لن يكون كافيا للوفاء باحتياجاتنا من الطاقة، فتكنولوجيا الطاقة الشمسية مكلفة للغاية على مستوى العالم، وتكنولوجيا طاقة الرياح قد تجدي في مناطق كمنطقة quot;الزعفرانةquot; ولاتصلح في مناطق أخرى في مصرquot; .

واختتم مبارك قائلاً إن المحطات النووية لتوليد الكهرباء باتت خيارا ضرورياً فالاستخدامات السلمية للطاقة النووية حق مكفول لأطراف معاهدة منع الانتشار، ونحن نمضي في الدراسات التنفيذية لبرنامجنا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي نرتبط معها باتفاق ضمانات شامل وتعاون شفافquot;، على حد تعبيره .