غي تروبي: نعتت كارلا بروني مؤخراً بأسماء كثيرة، على غرار أنها صائدة رجال ومحطّمة قلوب بالجملة، وأنها مجرد وجه جميل ووريثة وقحة وأداة يستخدمها الرئيس الفرنسي لكسب استطلاعات الرأي، علماً أنّها المرأة التي يرجّح أن تصبح (أو تكون قد أصبحت) السيدة الأولى في فرنسا. لكن آخر ما كان يمكن التفكير به هو أنها قد تكون زوجة ممتازة.

بعد ما لا يزيد على ثلاثة أشهر منذ طلاق نيكولا ساركوزي من زوجته سيسيليا، أصبح الرئيس الفرنسي، الذي عرف كيف يستقطب اهتمام الوسائل الإعلامية لتسويق صورته، البطل الرئيسي في علاقة غرامية حظيت بتغطية إعلامية قل مثيلها، حتى وأن الصحف الفرنسية المرموقة تناولت تفاصيل هذه العلاقة مستخدمةً تعابير تليق بصحف الإثارة، مثلاً: هل رأيتم المغرمين تحت الأهرام وفي يورو ديزني؟؟ هل يمكن للمسؤولين الهنديين استحداث بروتوكول جديد لاستضافة quot;الصديقة الأولىquot; في فرنسا؟ هل سيتقبل الفرنسيون مرأةً تزوجت أكثر من رجل في آن، وأنجبت من فيلسوف سبق لها وأقامت علاقة مع والده، وقيل إنها ارتبطت مع إيريك كلابتون وميك جاغر؟ وهل سيتمكن ساركوزي بفضل علاقته مع صديقته والزواج منها، من استعادة شعبيته المتدهورة ؟ (وهل من الممكن أن يكونا قد تزوجا سراً؟)

ولأنّ مصطلح عارضة أزياء غالباً ما يستخدم كمرادف لكلمة حمق، أقلع الكثيرون عن التفكير بأن كارلا بروني هي، بمختصر مفيد، مؤهلة أكثر من غيرها للعيش في قصر الإيليزيه. علما أن بروني ترعرعت في عائلة من الموسيقيين فهي ابنة زوجة مؤلف الأوبرا والصناعي الكبير ألبيرتو بروني تيديتشي الذي تزوج من والدة كارلا، عازفة البيانو ماريزا بوريني. وهي ثرية ومثقفة (درست في فرنسا حيث هاجر والداها في السبعينات خوفاً من موجة الاختطافات التي اجتاحت إيطاليا حينه) وتجيد ثلاث لغات. وخلال التسعينات، مارست بروني مهنة عرض الأزياء وكانت من العارضات الأكثر دخلاً كونها شاركت في حملات تسويقية لديور وشانيل وتصدرت أكثر من 250 غلافاً لأبرز المجلات.

وبعد اعتزالها عرض الأزياء نظراً لتقدمها في السن، أصبحت مغنية وهو انتقال مهني غير مفاجئ إن أخذنا في الاعتبار الموهبة التي ورثتها من والديها، والرجال الذين ارتبطت بهم سابقاً. أصدرت بروني ألبومها الأول سنة 2003، وتميزت أغانيه بألحان مرهفة بالأحاسيس عزفت معظمها على آلة الغيتار. وسرعان ما حقق هذا الألبوم نجاحاً كبيراً، لاسيما أغنية quot;كيلكان ما ديquot; (أحد قال لي) التي صدرت في ألبوم منفرد بيعت منه أكثر من مليون نسخة في فرنسا و300 ألف نسخة في الخارج، وحصد لبروني جائزة أفضل مغنية فرنسية سنة 2004.

وقال جو ليفي، المحرر الجديد في مجلة quot;بليندر ماغازينquot; إنّ بروني خطت خطوة نوعية مع ألبومها الأول quot;نو بروميسيزquot; (من دون وعود). والسبب وراء ذلك، بحسب ليفي، هو أن الألبوم رنان وجذاب في الوقت عينه. ويتساءل قائلاً: quot;إلى أي مدى يناسب أن تكون المرأة التي تجسد هذه الصفات كلّها مثالية لرئيس فرنسي؟quot;

لا شك طبعاًَ أن كثيرين لا يشاطرونه الرأي، مع الإشارة إلى أن زوجة ساركوزي السابقة تكتمت تماماً على هذا الموضوع. وفي عدد كبير من الكتب التي صدرت مؤخراً عن حياة سيسيليا، وصفت هذه الأخيرة زوجها السابق بالبخيل وغير المتزن، إلا أنها لم تعلق على خليفتها.

لكن في الواقع، قد تكون بروني مؤهلة جيداً للاضطلاع بدور سيسيليا السابق. فالمرأة تعرف ما تريد وتتصرف بسرعة للحصول عليه. فبعد ما لا يزيد على ثلاثة أشهر على مقابلتها الرئيس الفرنسي خلال مأدبة عشاء، لوحظ على يد بروني التي قالت للصحف إنها تشبّه نفسها quot;بالهرةquot; وتعرف كيف quot;تضبط الرجالquot;، لوحظ خاتم خطبة يحمل حجراً ماسيّاً زهري اللون من تصميم فيكتوار دو كاستيلان، مصمم المجوهرات في quot;ديورquot;. كما أنها نجحت في تحويل صالون قصر الإيليزيه إلى ما وصفته الصحف الفرنسية quot;بصالة لموسيقى البوبquot;.

وفي تعليق على أداء بروني في مجال عرض الأزياء، قال محرر إحدى مجلات الأزياء الفرنسية فضّل عدم الإفصاح عن هويته احتراماً لصداقته مع بروني: quot;كارلا تتصرف بسرعةquot;، وهو رأي توافق عليه لا شك الأديبة جوستين ليفي، ابنة الفيلسوف برنار هنري ليفين التي كانت متزوجة من الفيلسوف رفاييل إنثوفين عندما وقعت بروني بغرامه، علماً أن هذه الأخيرة كانت لها علاقة سابقة مع أبيه جان بول.وتمحورت إحدى الحكايات القصيرة التي كتبها ليفي عن هذا quot;السيناريو المعقّدquot; حول شخصية استوحتها من بروني وصفتها فيها بالمرأة الآلية، التي تميزت بمظهر جميل وشديد القسوة في آن، وعرفت في الرواية بـquot;الترمينيتورquot; (المرأة الفتاكة).

قد لا تعطي حياة بروني الشخصية انطباعاً جيداً في المحيط السياسي. لكن مع ذلك، يتساءل بعض الناس عمّا إذا باتت بروني أقل شأناً من سليفتها لمجرد أنها ظهرت في صور مرتديةً ملابس داخلية؟

وسأل بول كافاكو، المدير المبدع لمجلة quot;ألور ماغازينquot; التي تحصل بين الحين الآخر على معلومات سرية في مجال الأزياء: quot;من الرابح في هذه الصفقة؟ تسألوني عمّا إذا كانت بروني مؤهلة لحضور مآدب عشاء يشارك فيها أعلى المسؤولين في البلاد؟ وأجيبكم: لمَ لا؟ فهي، في نهاية المطاف، ذكية ومطلعة على الكثير من الأمور وثرية وملمة بالأدب والفن والأحداث الجارية وودودة، فلمَ يجب أن يؤثر جمالها سلباً فيها؟

وبالفعل، إن عنصر الجمال لم ينعكس سلباً على سيسيليا ساركوزي التي طلقها الرئيس الفرنسي في شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بعد أن أنجبت منه ولداً يدعى لويس ويبلغ اليوم عشرة أعوام من العمر. ومن الممكن أن تكون قد بدت متعجرفة وبعيدة عن الناس، وكما تبين لاحقاً، غير آبهة إطلاقاً بالبقاء إلى جانب زوجها. لكن في الفترة الوجيزة التي سبقت رحيلها إلى نيويورك وطلاقها من ساركوزي، سحرت سيسيليا صحافيي القارتين الأوروبية والأميركية بسلوكها ومظهرها، حتى وأن الكثيرون قارنوها بجاكلين كندي.

وفي الحقيقة، باستثناء الفرق في العمر بين سيسيليا وبروني (حيث أنّ سيسيليا أكبر بعشرة أعوام)، هناك عدد كبير من النقاط المشتركة بين هاتين المرأتين، فكلاهما ترعرعتا في عائلتين اشتهرتا في المجال الموسيقي (أحد أجداد سيسيليا من ناحية أمها كان مؤلفاً موسيقياً إسبانياً)، ولكلاهما صلة بعرض الأزياء (عملت سيسيليا كعارضة لسكياباريللي، وكان برنار أرنو، رئيس مجلس إدارة شركة لويس فويتون أحد الشهود في حفل زواجها من ساركوزي)، أضف إلى ذلك تفسيرهما المتحرر للحياة الزوجية. لكن على الأقل، الرئيس الفرنسي ساركوزي المنتمي إلى طائفة الروم الكاثوليك هو من المؤمنين بمؤسسة الزواج، على الرغم من طلاقه المتكرر الذي حظي بتغطية إعلامية واسعة. إلا أن النساء اللواتي يجذبنه بعيدات كل البعد عن الالتزام بالعقد الزوجي.
وبالفعل، صدرت شائعات تفيد أن سيسيليا التي كانت على وشك الإنجاب عندما تزوجت من جاك مرتان سنة 1984 (وكان ذلك زواجها الأول)، أقامت علاقة من ساركوزي وكان هذا الأخير متزوجاً.

أما بروني، فقد قالت يوماً إن quot;الحب يدوم طويلاً، إلا أن شعلة الشغف تنطفئ بعد أسبوعين أو ثلاثةquot;. ومع أن بروني تلتزم بما يعرف بالزواج الأحادي من فترة إلى أخرى، إلا أنها تفضل تعدد الأزواج بحسب ما قالته للمجلة الفرنسية quot;لو فيغارو مادامquot;.

لكن يبدو أن العلاقات المتعددة والمتكررة (والفرص الرخيصة التي انتهزتها للظهور في صور في المجلات) ليست هي ما يزعج هؤلاء الذين استقطبتهم علاقة ساركوزي ببروني، التي تشبه فكاهات فايدو الشهيرة أكثر منها العلاقات التي نراها في المسلسلات العاطفية، بل الشعور المكتوم بأن النساء الثريات والجميلات يجب أن تكتفي بما لديها وألا تطمح إلى أكثر مما هي عليه.

ومن يدري، فقد تكون بروني غير محبوبة بسبب عظمتي خديها البارزتين... ويقول لونغ نغوين، محرر مجلة quot;فلونت ماغلزينquot; الذي عرض صوراً لبروني في عدد شهر آب (أغسطس) الماضي من مجلته ، إن الناس يكرهون دوماً كل من هو ثري وجميلquot;.

وأضاف: quot;لكان من السهل على الناس تقبل امرأة مدمنة أو غير مشهورةquot;. والمسألة لا تمكن في معرفة ما إذا كانت مهنة عرض الأزياء تصلح للسيدة الأولى. بل المسألة هي أن أحداً لا يمكنه تقبّل شخص شبه كاملquot;.

خدمة النيويورك تايمز