باريس: تتطلع فرنسا الى أن تكون صناعتها النووية الثمينة هي النموذج خلال فورة عالمية للنشاط النووي لكن اعتمادها على مصدر وحيد للطاقة قد يجعلها معرضة لمخاطر في الداخل.
ويضع الرئيس نيكولا ساركوزي الصناعة النووية الفرنسية في قلب سياسته الخارجية.
وقال ساركوزي quot;انني مقتنع بأنه يتعين علينا مساعدة تلك الدول التي تسير على درب التنمية... واذا كانت لديها الحكمة لاختيار النموذج الفرنسي فان ذلك أفضل.quot;
ورافق ساركوزي في كل زياراته الرسمية للخارج تقريبا الرؤساء التنفيذيين لشركة كهرباء فرنسا وهي المرفق المملوك للدولة أو شركة أريفا المصنعة للمفاعلات النووية أو شركة توتال النفطية الكبرى أو مجموعة سويز الكهربائية.
ووقعت فرنسا اتفاقيات للتعاون النووي مع كل من الامارات العربية المتحدة والجزائر وليبيا.
وتمكنت أريفا في نهاية العام الماضي من توقيع أكبر عقد تجاري للطاقة النووية الى الان بلغت قيمته ثمانية مليارات يورو (11.73 مليار دولار) لتزويد الصين بمفاعلين وتزويدها بالوقود النووي لقرابة 20 عاما.
ومن المتوقع أيضا أن تحصل شركة كهرباء فرنسا على حصة في المحطة النووية الصينية.
كذلك فان أريفا وكهرباء فرنسا في موقع جيد لقطف ثمار بعث جديد للطاقة النووية في بريطانيا والولايات المتحدة.
واستثمرت فرنسا بكثافة في الطاقة الذرية بعد الازمة النفطية في السبعينات. ومضت قدما في برنامجها حتى بعد كارثة مفاعل تشرنوبيل في عام 1986.
وأظهرت دراسة أجريت في عام 2007 أن 51 في المئة من الجمهور الفرنسي مؤيد للطاقة النووية بزيادة قدرها ستة في المئة عن عام 2006.
وقالت الدراسة ان الفرنسيين يرون أن الطاقة النووية هي أفضل أداة لديهم لمحاربة ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الكوكب وللحفاظ على استقلالهم في مجال الطاقة.
لكن بعض الاكاديميين والمحللين المتخصصين في الطاقة يقولون انه قد يثبت أن اعتماد فرنسا الشديد على الطاقة النووية هو نقطة ضعفها.
قال جان ماري شوفالييه رئيس مركز الجغرافيا السياسية للطاقة في جامعة دوفين بباريس quot;المزيج الفرنسي للطاقة ليس نموذجا لان هناك اعتماد كبير جدا على الطاقة النووية وهذا من ثم مصدر ضعف.quot;
واستطرد قائلا quot;وعلى سبيل المثال فان محطات الطاقة النووية القريبة من الانهار لا يمكن أن تعمل بطاقتها القصوى أثناء موجات الحر لانها تكافح للحفاظ على نظم تبريد المفاعل لديها.quot;
ويقول محللون انه مع الارتفاع في الطلب على مكيفات الهواء فان الامر قد يزداد سوءا لانه من المرجح أن يزداد حدوث موجات الحر نتيجة لارتفاع درجة حرارة الكوكب.
ويرى اخرون أن مزيج الطاقة الفرنسي غير متوازن وأن هناك حاجة ملحة لبناء مزيد من المحطات التي تدار بالوقود الحفري للاستجابة لطلب على الطاقة في الذروة.
وقال أورليك ستريدبايك وهو خبير سياسات كبير في الوكالة الدولية للطاقة ان من المهم أن نراقب أي quot;مشكلات عامةquot; في المفاعلات كالاخطاء الهندسية المحتملة التي قد تتكرر في عدد من المفاعلات.
وفي العام الماضي اكتشفت هيئة الامان النووي الفرنسية أن مولدات البخار في بعض مفاعلات شركة كهرباء فرنسا التي تبلغ سعتها 900 و1300 ميجاوات تعاني من مشكلات انسداد قد تمثل تهديدا للسلامة.
وبدأت شركة كهرباء فرنسا منذئذ في تنظيف تلك المولدات بوسائل كيميائية لكن هذه الصيانة الاضافية قيدت طاقة الانتاج.
وقال محلل quot;انظروا الى المشكلات الفنية الذي تواجهها شركة كهرباء فرنسا الان والتي تتسبب في قدر من النقص في السوق كما رأينا في نوفمبر الماضي عندما كان الطقس أكثر برودة من المعتاد.quot;
كما يشكو القطاع كذلك من نقص متزايد في العمال المهرة.
وقالت كوليت لوفينيه رئيسة قسم الطاقة في شركة كابجميني للاستشارات quot;هذه أزمة.quot; وأضافت quot;من المهم أن تدرب فرنسا المزيد من الفنيين والمهندسين النووين لسد احتياجاتها وللدول التي تبيع لها طاقة نووية أيضا.quot;
وتدير شركة كهرباء فرنسا 58 مفاعلا نوويا لسد 77 في المئة من احتياجات فرنسا من الكهرباء وهي أعلى نسبة في العالم ولكنها تصدر أيضا الكهرباء لجيرانها.
وتسد محطات الطاقة الكهرومائية 12 في المئة احتياجات فرنسا من الكهرباء بينما يسد الوقود الحفري 10 في المئة فيما تسد الطاقة التي تولد بالرياح الباقي.