بغداد وواشنطن تصفان توقيعها مبدئيًا باليوم التاريخي
البرلمان العراقي بدأ بمناقشة الإتفاقية والصدر يصفها بالذل والعار

أسامة مهدي من لندن: بدأ مجلس النواب العراقي اليوم الإثنين قراءة الإتفاقية الأمنية مع واشنطن التي اطلق عليها quot; اتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق quot; تمهيدًا لمناقشتها وإبداء الرأي فيها قبل التصويت عليها الاثنين المقبل وذلك بعد أن وافقت عليها الحكومة العراقية في وقت وصف رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر الاتفاقية بأنها ذلّ وعار ودعا مجلس النواب العراقي إلى رفضها.

وقد استنفر مجلس النواب العراقي وألغى جميع اجازات وايفادات اعضائه لضمان اكتمال النصاب لعقد جلسات مناقشة الاتفاقية التي ستنتهي في الرابع والعشرين من الشهر الحالي الى التصويت عليها قبل يوم واحد من عطلة المجلس الفصلية. وعن الاليات القانونية لتمرير الإتفاقية في المجلس فإن هيأته الرئاسية قررت نظرًا لحساسية الموضوعأن تكون المصادقة على الاتفاقية الامنية بأغلبية واضحة وبموافقة مريحة من قبل المكونات العراقية فيما كان تمرير الاتفاقيات في السابق بموافقة الاغلبية البسيطة. يذكر انه لا يحق للبرلمان تعديل اي فقرة من فقرات الاتفاقية التي ستعرض عليه. ويفترض ان تحل هذه الاتفاقية محل التفويض الذي منحته الامم المتحدة للقوات الاميركية وينتهي في 31 كانون الاول (ديسمبر) المقبل ليشكل الاساس القانوني لوجود هذه القوات في العراق.

وتوقع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن ينهي مجلس النواب نقاش الاتفاقية والمصادقة عليها نهائيًا قبل نهاية الشهر الحالي حيث أن مصادقة المجلس تبقى الخطوة الأساسية لإقرارها تتلوها خطوة إجرائية تتمثل في توقيع رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي والرئيس الأميركي جورج بوش.

ورحبت واشنطن امس بموافقة الحكومة العراقية على الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة التي تسمح ببقاء القوات الأميركية في العراق حتى 2011 واعتبر البيت الأبيض أن هذه الموافقة هي خطوة مهمة وإيجابية.

وقد صادقت الحكومة العراقية بالاغلبية الساحقة في جلسة استثنائية عقدتها امس واستمرت حوالي ثلاث ساعات على الاتفاقية الامنية طويلة الامد مع الولايات المتحدة بضمان سحب القوات الاميركية من المدن والبلدات العراقية منتصف العام المقبل ومن البلاد بنهاية عام 2011 وموافقة الجانب الاميركي على سيطرة العراقيين على الاجواء العراقية وعدم قيام الاميركان بعمليات دهم وتفتيش من دون التنسيق مع العراقيين اضافة الى نص يؤكد على عدم انستخدام القوات الاميركية في العدوان على دول الجوار العراقي .

ومن المنتظر ان توفر الاتفاقية اطارًا قانونيًا لوجود القوات الاميركية في العراق والذي ينتهي مع انتهاء تفويض الامم المتحدة في 31 من الشهر المقبل حيث انها تنص على ان يغادر العراق152 الف جندي اميركي موزعين على اكثر من 400 قاعدة بنهاية عام 2011 بعد ثمانية اعوام من الحرب التي اسقطت النظام السابق فيما سينسحبون من مدن وقصبات البلاد منتصف العام المقبل.

وومن جهته، قال عبد الستار الكربولي النائب في جبهة التوافق والقيادي في الحزب الإسلامي إن نوال السامرائي وزيرة الدولة لشؤون المرأة رفضت الاتفاقية في التصويت الذي جرى في مجلس الوزراء لسببين الأول لعدم الأخذ بتعديلات جبهة التوافق والثاني لكون هذه الاتفاقية لم تعرض للاستفتاء الشعبي. واكد أن موقف الحزب الإسلامي من هذا القرار ستعلنه كتلة الحزب الإسلامي في البرلمان وعلى لسان رئيسها إياد السامرائي مشيرًا إلى أن موقف الحزب الإسلامي كان واضحا منذ البداية بان هذه الاتفاقية هي حق وطني وشعبي ويجب أن يستفتى الشعب فيها.

وأضاف أن كل الأدلة تشير إلى أن الاتفاقية لم يحصل عليها إجماع وطني quot;بالإضافة إلى أن الوقت لا يسع لإقرارها إذا ما علمنا أن هذا الأمر يحتاج إلى تشريع قانون خاص به ومن ثم يمكن أن تطرح للقراءة والمناقشة والتصويت تحت قبة البرلمان مؤكدا أن موقف جبهة التوافق سيكون ضد هذه الاتفاقية إذا لم يتم عرضها للاستفتاء الشعبيquot;.

وفي وقت سابق اليوم وقع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والسفير الاميركي في بغداد رايان كروكر quot;مبدئياquot; اليوم على اتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق .

وقال زيباري في كلمة له اثر التوقيع بانه يمثل يوما تاريخيا في مسيرة العلاقات العربية الاميركية . واشار الى ان الحكومة العراقية اقرت الاتفاقية امس بعد اشهر من المفاوضات الشاقة والمضنية حيث ارسلت الى مجلس النواب الذي ستكون له الكلمة الفصل في تقرير مصيرها . واضاف ان الاتفاقية تضع اطارالعلاقات البلدين السياسية والعلمية والثقافية والصحية بما يشكل فرصة لبناء علاقات متميزة بين العراق والولايات المتحدة اضافة الى وضع اطر حول وضع القوات الاميركية في العراق . واشاد زيباري بالمفاوض العراقي الذي قال انه استطاع التوصل الى افضل الصيغ للاتفاقية وبما سيمكن الحكومة من الدفاع عنها امام المواطنين العراقيين والعالم كله .

ومن جهته قال كروكر ان هذا التوقيع يشكل مناسبة تاريخية للعراق والولايات المتحدة في الاتفاق على الاتفاقية التي تحدد علاقات البلدين خلال الاعوام المقبلة والتعامل مع الامن والمجالات الاخرى المختلفة . واوضح ان الاتفاقية وضعت اطارا لتعهدات اميركية بمساعدة العراق في مجالات الاقتصاد والتجارة والعلوم والتكنولوجيا والصحة والثقافة . واشار الى انه في الوقت الذي ستبدأ القوات الاميركية عمليات الانسحاب من العراق فان ذلك سيمثل نجاحات امنية حقيقية تحققت على الارض . وهنأ المفاوض العراقي على نجاحه في قيادة مفاوضات معقدة وصعبة وقال ان العراقيين سفخرون بما انجزه هذا المفاوض .

واذا ما صادق مجلس النواب العراقي على الاتفاقية فان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والرئيس الاميركي جورج بوش سيوقعان عليها في النهاية حيث ستكون سارية المفعول بدءا من اول العام المقبل .

الصدر يصف الاتفاقية بالعار ويدعو البرلمان إلى رفضها

وصف رجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر الاتفاقية بأنها ذل وعار ودعا مجلس النواب العراقي الى رفضها . وقال الصدر في بيان اليوم quot;هاهي بصمات الذل والعار تطبعها الحكومة الحالية بمساعدة الائتلاف وبعض الاحزاب العراقيةquot; . واضاف ان الحكومة وقعت الاتفاقية مع المحتل بمساعدة الائتلاف (الشيعي الحاكم) وبعض الاحزاب الكردية محتجة باخراجه مع ان اخراجه واضح عقلا ونقلا وواجب وطني بعد كونه شرعيا لا يحتاج الى اية اتفاقية مع من لا عهد له ولا دين .

وشدد الصدر على انه يعتبر الاتفاقية لاغية وان تم توقيعها مؤكدا ان المؤمنين لن يلتزموا بها . ودعا مجلس النواب العراقي الى رفض الاتفاقية بلا ادنى تردد حتى لايباع العراق وشعبه كما بيعت ودول مسلمة من قبل على حد قوله . وكان الصدر اعلن الجمعة الماضي تشكيل quot;لواء اليوم الموعدquot; من عناصر التيار الصدري الذي يقوده وجماعات مسلحة متعاطفة معه وذلك لمقاومة القوات الاميركية داعيًا الى صلاة شيعية سنية موحدة بوسط بغداد الجمعة المقبل .

وفي بيان تلاه الشيخ صلاح العبيدي الناطق باسم التيار الصدري في خطبة صلاة الجمعة في مسجد الكوفة (170 كم جنوب غرب بغداد) فقد اعلن مقتدى الصدرعن تشكيل لواء باسم quot;لواء اليوم الموعودquot;. من ابناء التيار الصدري وقال quot;في حال بقاء القوات الاميركية المحتلة فإني أشد على أيدي المقاومين وبالخصوص المقاومين التي تحت مركزيتنquot; . وطالب فصائل الكتائب والعصائب وهي تنظيمات مسلحة قريبة من التيار الى الانضمام الى quot;لواء اليوم الموعودquot; . كما دعا لإقامة صلاة جمعة موحدة شيعية سنية لكل الصلوات في ساحة الفردوس وسط العاصمة بغداد الجمعة امقبل quot; لتتضافر جهود جميع المسلمين سنة وشيعة من أجل إفشال توقيع الاتفاقية التي تريد بيع العراقquot; . وطالب الصدر بخروج الجميع بعد الصلاة بتظاهرة سلمية ضد الاتفاقية آملين من جميع الدول الإسلامية دعم هذه الصلاة والتظاهرة بإقامة مثيلاتها في بلدانهم .

وجدد الصدر رفضه للاحتلال قائلا quot;أكرر ما طالبت به المحتل بالخروج من عراقنا الحبيب دون إبقاء قواعد ولا توقيع اتفاقياتquot; . وقال ldquo;ليخرج جميع المصلين بعد الانتهاء من الشعيرة في الاسبوع القادم بتظاهرة سلمية معبرة عن رفض الاتفاقيةrdquo;.

واضاف quot;نحن على ابواب شهر ذي الحجة الحرام شهر الرفض للباطل واهل الباطل فلذا ادعو حجاج بيت الله الحرام الى رفع ايديهم بالدعاء لتخليص الشعوب المحتلة في القدس الشريف والعراق المقدس من الظلام والاحتلال عسى ان ترفع هذه الغمة عن هذه الامةrdquo;. وناشد quot;ldquo;الحكومات العربية الى ان تختم مسيرتها بشي من النور والاصلاح وليستعملوا سلطتهم لاخراج الاحتلال من اراضي الوطن العربي فسوف لن نكون امة واحدة اذا كنا محتلينquot; .

وشدد على ضرورة خروج المختل quot;من عراقنا الحبيب من دون ابقاء قواعد ولاتوقيع اتفاقيات وفي حال بقائهم فإني اشد ازر المقاومين لتوجيه اسلحتهم الا على المحتل حصراrdquo;. قائلا ldquo;سنبقى محافظين على سمعة المقاومة بيضاء ناصعة مشرقة املين من القوى الامنية ان لاتضر بالمقاومة الشريفة التي لم ولن تستهدف اي عراقي واني امد يدي للاشخاص المجاهدين فيما يسمى بالعصائب دون قيادتهم التي اهلتها السياسة والدنيا عن الصدريين وحبهما وعن مصلحة العراق والعراقيينquot; . وطالب الصدر الحكومة العراقية إلى حماية الشعب العراقي أكثر من حمايتها لأسوارها .

وناشد الصدر حجاج بيت الله الحرام رفع أيديهم بالدعاء لتخليص quot;الشعوب الإسلامية المحتلة في القدس الشريف وفي العراق المقدس وغيرها من الأراضي الإسلامية المحتلة من الظلم والاحتلال عسى ان ترفع هذه الغمة عن هذه الأمة من جهةquot; . ودعا الحكومات العربية الى quot;ان تختم سيرتها بشيء من النور والصلاح وليستعملوا سلطتهم لإخراج الاحتلال من أراضي الوطن العربي .. فسوف لن نكون امة واحدة إذا كنا محتلين ولن نكون امة وسطا وبؤرة الفساد بيننا.. عسى ان نسمع أصواتهم وأصوات الإخوة في المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية فيما يصب بمصلحة الشعوب الإسلامية والعربية لا المصلحة الشخصيةquot; .