أشرف أبوجلالة من القاهرة: فور وقوع سلسلة التفجيرات الإرهابية التي استهدفت مدينة مومباي - عاصمة المال الهندية - التي راح ضحيتها أكثر من مئة قتيل وعشرات المصابين والجرحي مساء أمس الأربعاء، تباينت اهتمامات صحف العالم ووكالات الأنباء بالجهة التي نفذت هذه العملية الإجرامية وحصر أعداد الضحايا، غير أن مجلة دير شبيغيل الألمانية حرصت علي تحليل الواقعة وفقا لمنظور السياسة الأميركية، وقالت أن تلك التفجيرات تأتي في وقت حساس بالنسبة للرئيس الأميركي المنتهي ولايته جورج بوش الذي لم يعد في وضعية القيادة، وكذلك للرئيس المنتخب باراك أوباما الذي لم يتولي بعد مقاليد الأمور. ومع هذا ، فإن تلك التهديدات تمثل اختبار السياسة الخارجية الأول لأوباما.

وقالت المجلة أنه في نفس التوقيت التي وقعت فيه التفجيرات بمومباي، كانت الأجواء احتفالية في واشنطن مثلما يحدث كل عام قبيل صلوات الشكر ، حيث أصدر الرئيس جورج بوش العفو عن ديك رومي أطلق عليه هذا العام اسم quot;نبات القرعquot;. في الوقت الذي كان يجري فيه الرئيس المنتخب باراك أوباما وزوجته ميتشيل مقابلة تلفزيونية مع الأسطورة quot;باربارا والترزquot;. وكانت الأجواء هادئة ومسترخية ndash; حيث تحدثوا علي سبيل المثال عن أن ابنتيهم سيتكفلا بترتيب غرف النوم الخاصة بهم عندما ينتقلون إلي البيت الأبيض في يناير المقبل. لكن سرعان ما بدأت صور التفجيرات التي ضربت مومباي تبث عبر شاشات التلفزة الأميركية. وبصورة مفاجئة، انقطعت حالة الهدوء التي كانت تسيطر علي واشنطن وشيكاغو ، التي يتخذها فريق أوباما الانتقالي مقرا لهم. وبسرعة شديدة أصدر كلا من بوش وأوباما بيانات خاصة بهم تعليقا علي التفجيرات.

وجاء في بيان للبيت الأبيض :quot; يقدم الرئيس جورج بوش بتقديم تعازيه للشعب الهندي وأسر الضحايا المدنيين الذين قتلوا وجرحوا في التفجيرات التي ضربت مومباي. هذا وتواصل الحكومة الأميركية متابعتها لمراقبة الموقف .. وتتأهب لتقديم يد العون ودعم الحكومة الهندية quot;. كما بدأ خبراء متخصصون في الشؤون الإرهابية من وزارتي الخارجية والدفاع علي وجه السرعة في تحليل الوضع. كما جاء بيان أوباما علي نفس الدرب، وقال فيه :quot; تظهر تلك الهجمات المنظمة علي الضحايا المدنيين التهديد الخطير والعاجل للإرهاب quot;. وقال بروك أندرسون، المتحدث باسم أوباما :quot; علي الولايات المتحدة الاستمرار في تعزيز شراكتنا مع الهند ومختلف دول العالم لاستئصال وتدمير الشبكات الإرهابية quot;.
جماعة إرهابية لم تكن معروفة من قبل
كما سارع أوباما بالاتصال بوزيرة الخارجية كونداليزا رايس للوقوف علي آخر تطورات الموقف. لكن الملابسات الحقيقية للأزمة لم تكن واضحة المعالم حتي مساء أمس في واشنطن. وقد قامت مجموعة إسلامية لم يسمع عنها من قبل وتطلق على نفسها اسم quot;مجاهدي ديكانquot; بإرسال رسائل الكترونية لمؤسسات ومنظمات إعلامية ، تعلن فيها مسؤولياته عن التفجيرات التي وقعت مساء أمس ، لكن هناك عدد من التنظيمات في الهند ربما هي التي تقف وراء quot;مجاهدي ديكانquot; من بينها جماعات من الجارة، باكستان.
وأشارت المجلة إلي انه في حالة ثبوت تورط تنظيم القاعدة في تنفيذ تلك التفجيرات فإن المرحلة الانتقالية العسيرة في واشنطن قد تصبح أكثر تعقيدا ً. وهي الأزمة التي تضحي الاختبار الأكبر علي صعيد السياسة الخارجية للرئيس المنتخب باراك أوباما. كما سيقوم العالم بأسره بمراقبة وتشريح رده فعله تجاه هذا الموقف، خاصة ً وأنه تحت مجهر الضوء خلال هذه الأثناء بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية الراهنة. ويري كثيرون أن موعد العشرين من يناير المقبل، تاريخ مستقبلي بعيد إلي حد كبير فيما يخص بدء التعامل بشكل رسمي مع تداعيات الموقف الاقتصادي الكارثي الذي تمر به البلاد. وبات أوباما مضطرا الآن لتولي مسؤولية السياسة الخارجية بشكل مبكر عما هو متوقع. ويمكن اعتبار هذه الهجمات بالفعل كتحذير شخصي موجه ضده.
هل يجبر أوباما علي الدخول في مواجهات مع القاعدة ؟
كما أكدت الصحيفة علي أن القاعدة ربما يراودها رغبة خاصة في وضعه في هذا الاختبار. فاسم أوباما الأوسط هو quot;حسينquot; والشعبية التي يحظى بها في الدول العربية قد تمثل تهديدا علي التنظيم. وعلي عكس بوش، من الصعب اعتبار أوباما أمريكياً كافراً . وفي تعليق له علي الانتخابات الأميركية، اضطر الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لتوجيه انتقادات أكثر إبداعا واصفا أوباما بـ quot; عبد البيت quot;. وقد يحاول الإرهابيون في واقع الأمر لإجبار أوباما علي التصرف بشكل حاد، كي يبدو أمام العالم أنه يمتلك عقلية مولعة بالحرب والاقتتال شانه شان سابقه، بوش.