لندن: بينما راحت قافلة الشاحنات التابعة للأمم المتحدة، ذات اللونين الأزرق والأبيض والمحملة بالمواد الغذائية، تنتظر تصريحا إسرائيليا بالدخول إلى غزة، مضت جندية أبو عمرة وابنتها البالغة من العمر 12 عاما تبحثان عن الحشائش والأعشاب البرية التي غدت العائلة تقتات عليها هذه الأيام. هكذا بدأت ماري كولفين، مراسلة الصنداي تايمز البريطانية، تقريرها المنشور في عددها الصادر اليوم والذي يرسم لنا صورة مقربة لما آلت إليه الأوضاع بالنسبة لحوالي مليون ونصف المليون نسمة من سكان القطاع الرازح تحت الحصار الذي تفرضه عليه إسرائيل منذ أكثر من عام.

تنقل المراسلة عن جندية، البالغة من العمر 43 عاما، قولها: quot;لقد حصلنا على وجبة طعام واحدة اليوم، إنها الخبًّيزة (نوع من الحشائش البرية).quot; وتردف جندية، التي أخذت تعرض ما جمعته من أوراق نبات الخبًّيزة التي تنمو بكثرة على جوانب طرقات وشوارع غزة، قائلة: quot;أستيقظ كل يوم وأبدأ رحلة البحث عن الحطب والبلاستيك الذي أشعله للحصول على الوقود. وعندما لا أجد شيئا، فإننا نأكل هذه الأعشاب.quot;

تقول جندية إنها وزوجها العاطل عن العمل يعيلون سبع بنات وصبيا واحدا وإن بيت العائلة الصغير المتواضع لم يعد يحتوي على أي فرش منذ أن حرقت الأسرة آخر خزانة خشبية كانت تملكها، وذلك من أجل التدفئة. تقول رباب، ابنة جندية التي ترافق أمها معظم الأوقات في رحلات حوش (قطاف) الحشيش في البراري، تلك الرحلة التي تبدأ عادة منذ الصباح الباكر: quot;لا أستطيع أن أتذكر آخر مرة رأيت فيها ثمرة فاكهةquot;.

أما جون جينغ، مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في غزة، فيقول للصحيفة: quot;لقد نفد لدينا الغذاء منذ أسبوعين، وذلك لأول مرة منذ 60 عاما. لقد اعتدنا أن نحصل على 70 إلى 80 شاحنة في اليوم. أما الآن، فتصلنا فقط 15 شاحنة يوميا، هذا إن فُتحت الحدود.quot;

ويبرز التقرير قول المسؤولين الإسرائيليين إنهم على استعداد لفتح الحدود مع القطاع مرة ثانية عندما تتوقف حماس عن إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل. كما ينقل عن مسؤولي حماس قولهم إن الحركة ستقمع مطلقي الصواريخ وتزيل منصات الإطلاق عندما تفتح إسرائيل حدود القطاع.

انقضاض نتانياهو

ونبقى في الوضع في فلسطين وإسرائيل، ولكن مع صحيفة الأوبزيرفر هذه المرة، والتي تطالعنا بتقرير لمراسلها في القدس، روري مكارثي، بعنوان quot;نتانياهو المفضل لدى استطلاعات الرأي الإسرائيلية يلجم اليمين.quot;

يقول التقرير إن بنيامين نتانياهو، زعيم حزب الليكود المعارض، والذي ترجح استطلاعات الرأي فوزه في الانتخابات العامة المقبلة، قد تحرك مؤخرا بشكل سريع في مسعى لمنع الصعود المفاجئ لبعض رموز اليمين المتطرف في حزبه. ومع ذلك، يرصد التحقيق المصاعب التي يواجهها نتانياهو رغم نجاحاته الأخيرة في صد اليمين، إذ أن هنالك احتمالا كبيرا لحصول انشقاق في صفوف حزبه.

وتنقل الصحيفة عن جدعون دورون، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تل أبيب، قوله: quot;ما هو هام في الموضوع هو السؤال ما إذا كان نتانياهو يستطيع الحكم فعلا أم لا؟ وذلك إذا ما أخذنا بالحسبان أنه سوف يشكل حكومة. إن الأمر يبدو أكثر صعوبة الآن.quot;

quot;انتقامquot; المالكي

ومن فلسطين إلى العراق، ولكن مع الإندبندنت هذه المرة، لنطالع تقريرا لمراسلي الصحيفة، جين ميريك وريموند ويتيكر، يعرضان فيه لقضية quot;انتقامquot; رئيس الورزاء العراقي نوري المالكي من القوات البريطانية العاملة في البلاد بسبب quot;استسلامهاquot; للميليشيا الشيعية جنوبي البلاد. يقول التقرير إن المالكي quot;الغاضبquot; قرر تجميد التوقيع على صفقة تمنح البريطانيين وجودا دائما أو مؤقتا في البلاد، على غرار الاتفاقية التي وقعتها حكومته مؤخرا مع الأميركيين.

ويتابع التقرير بالقول: quot;إن القوات البريطانية في العراق تواجه نهاية مذلة لمهمتها التي استمرت ست سنوات في تلك البلاد، وذلك ببساطة لأن المالكي قرر الانتقام لما يعتبره استسلاما بريطانيا في وجه الميليشيا الشيعية المتطرفة في البصرة،quot; وذلك في إشارة إلى جيش المهدي التابع لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر.

وتنقل الصحيفة عن دبلوماسيين بريطانيين قولهم إنهم يبذلون جهدا خارقا لتأمين نوع من الإطار القانوني الذي يمكن أن تواصل وفقه القوات البريطانية وجودها في العراق عندما ينتهي تفويض الأمم المتحدة الممنوح لها بالبقاء في تلك البلاد في الحادي والثلاثين من الشهر الجاري.

مشكلة الزواج في مصر

ومع الأوبزيرفر لنا وقفة أيضا، ولكن من مصر هذه المرة، حيث نقرأ تحليلا نقديا للكاتب خالد دياب يتحدث فيه عن المصاعب الجمة التي يواجهها الشباب المصري الراغب بالزواج، لاسيما في مجتمع يجد فيه هؤلاء أنفسهم محاصرين ما بين تحريم العلاقات الجنسية قبل الزواج والتكاليف الباهظة التي تجعل من بناء الأسرة أمرا يكاد يكون حلما quot;محرَّماquot; بحد ذاته، لا لشيء إلا لصعوبة تحقيقه.

يقول الكاتب: quot;ليس المهم كم تكون حفلة العرس فخمة وكبيرة أو كم هي متواضعة، فغالبية الأعراس المصرية تشترك بعدد من الأمور فيما بينها، وأهمها أن العروس والعريس هما دوما مركز الاهتمام، بالإضافة إلى وجود موسيقا العرس الصاخبة التي يمكن أن تصم الآذان.quot;

ويلفت دياب إلى حقيقة أن متطلبات الزواج في مصر، وعلى رأسها تأمين التكاليف التي أمست باهظة جدا، تدفع بالكثير من الشبان والشابات إلى حافة خطر عدم إتمام ما أسماه quot;نصف الدين وجواز المرور إلى العالم الأوسعquot;، وهو تعبير للإشارة إلى الزواج. ولا ينسى الكاتب في مقاله أن يعرج على العديد من آراء المصريين والمصريات، وخصوصا كتاب وكاتبات المدونات منهم، وهم يعبرون عن القلق الكبير الذي بات يعتريهم حيال مستقبلهم الأسري.

وينقل الكاتب عن إحدى تلك المدونات (البلوجرز) قولها إنها لا تنظر إلى المشكلة على أنها مجرد قضية شخصية قد تنتهي بها إلى عالم العنوسة المظلم، ولكنها تتعامل معها كشأن وطني يطال الملايين من الشبان والشابات الذين لا يجدون كبير فسحة من الأمل أمامهم عندما يتعلق الأمر بالبحث عن شريك الحياة أو نصفهم الآخر.

هبوط الجنيه

ومن ألم المصريين والمصريات، إلى ألم البريطانيين والبريطانيات، وإن اختلف ميدان المعاناة ومجال التحدي، فبالطبع ليس الزواج بحد ذاته هو مشكلة أهل بريطانيا، بل حال جنيهها الإسترليني الذي هبط يوم أمس السبت في التعاملات اليومية في محلات الصرافة والمطارات والأسواق إلى مادون سعر اليورو، وذلك لأول مرة منذ بدء التعامل بالعملة الأوروبية قبل نحو عقد من الزمن.

يقول التقرير، الذي أعده توبي هيلم وبول جالاجير، إن 20 جنيها إسترلينا لم تعد تشتري في سوق العملات في بريطانيا سوى 18 يورو، وهذا ما يعتبره الخبراء والمحللون quot;لحظة حاسمة بالنسبة للاقتصاد البريطاني.quot;

ويركز التحقيق على الهجوم الذي يشنه حزب quot;المحافظونquot; المعارض على حزب quot;العمالquot; الحاكم وزعيمه جوردن براون، إذ يحملون الحكومة المسؤولية في انهيار سعر صرف الجنيه الإسترليني، وذلك بسبب قرار الحكومة الأخير زيادة نسبة الديون واتخاذ حزمة من الإجراءات التي أضرت، برأيهم، باقتصاد البلاد أكثر مما ساهمت بإنقاذه.

قرارات بوش

وفي الأويزيرفر أيضا نقرأ تحقيقا يرصد المصاعب الجمة التي بدأت بالظهور مبكرا أمام الإدارة الأميركية الجديدة والرئيس المنتخب باراك أوباما. يرصد التحقيق، الذي أعده مراسل الصحيفة بول هاريس، الإجراءات الراديكالية المتطرفة والقرارات التي بدأت إدارة الرئيس المنصرف جورج دبليو بوش تضعها على سكة قطار الرئيس المقبل، ومنها قوانين وإجراءات تتعلق بالطاقة والخدمات ونفايات الفحم وغيرها من القضايا التي قد يحتاج أوباما لأشهر عدة لكي يلغيها ويتخلص منها.

فضيحة ألينوي

أما التحدي الآخر الذي يواجه الرئيس المنتخب، فهو تبعات الفضيحة التي قيل إن رام إيمانويل، الذي عينه أوباما لشغل منصب كبير موظفي البيت الأبيض، قد يكون متورطا بالفضيحة المزعومة التي تتحدث عن سعي حاكم ولاية ألينوي رود بلاجوفيتش لـ quot;بيعquot; مقعد مجلس الشيوخ، الذي شغر بفوز المرشح الرئاسي الديمقراطي.

صحيفة الصنداي تلجراف هي الأخرى تتصدى لقضية المصاعب التي تعتري طريق فريق أوباما الانتقالي فتعنون أحد تحقيقاتها: quot;باراك أوباما حذر موظفيه من فضيحة فساد قبل أسابيع.quot; يقول التحقيق، المرفق بصورة كبيرة لأوباما الذي تختلط تعابير الخيبة والحزن والتصميم على وجهه بآن واحد، إن الرئيس المنتخب وعد باتخاذ موقف حازم وحاسم ضد من تلوح حوله أي إشارة بالتورط بالفساد.