نبيل شرف الدين من القاهرة: تواصلت في مصر تداعيات قرار الحكومة برفع أسعار الوقود والمواد البترولية وعدة سلع وخدمات أخرى وطالب نشطاء ومنظمات أهلية بتراجع الرئيس المصري عن وعده بإقرار علاوة الـ 30 بالمئة في رواتب الموظفين والعمال، مقابل إلغاء قرارات رفع أسعار المحروقات، التي ترتب عليها ارتفاع أسعار عشرات الخدمات والسلع بشكل كبير، بالنظر إلى ارتفاع كلفة نقل البضائع نتيجة زيادة أسعار الوقود.

وفي هذا السياق طالبت حركة quot;مواطنون ضد الغلاءquot; الرئيس المصري بإلغاء العلاوة مؤكدةً أن الحكومة فرَّغتها من مضمونها، بل إنها حرصت على جمع وتدبير المبالغ اللازمة لها من جيوب الفقراء، بدلاً من أن يتحمل هذا العبء كبار رجال الأعمال المتنفذين في الحكم .
ومضت الحركة قائلة في بيان لها تلقت إيلاف نسخة منه quot;إن الحكومة اعتبرت أن منح العلاوة مشروع استثماري رابح يعوض الخسائر التي مُنِيَت بها نتيجة الإدارة الفاشلة لموارد الدولة وثرواتها الطبيعيةquot;، وأضافت الحركة في بيانها quot;أن الحكومة رفعت أسعار كافة السلع الإستراتيجية والضرورية لعامة الشعب، في حين تغافلت عن الزيادة الفعلية للغاز الطبيعي؛ الذي يستخدمه رجال الأعمال في مصانعهمquot; .

وخلافاً لما يسوقه المسؤولون المصريون من تبريرات مفادها أن قرارات رفع الأسعار الأخيرة تصب لصالح الفقراء، وتسعى إلى تفعيل البعد الاجتماعي، فإن خبراء اقتصاديين يؤكدون أن حجم الاقتراض الداخلي والخارجي في الموازنة العامة الجديدة وصل إلى 88 مليارا و139 مليونا و627 ألف جنيه مصري، مقارنةً بالموازنة الماضية التي بلغت 69 مليارا و934 مليونا و85 ألف جنيه مصري، مؤكدين أن هذا يعد مؤشرا بالغ الخطورة على صعيد الاستقرار الاجتماعي، لأنه ستترتب عليه نتائج سلبية حيث يصب في مصلحة الأغنياء، بينما يتحمل آثاره الطبقات الفقيرة التي باتت تئن تحت ضغوط الارتفاع المتصاعد في أسعار كافة السلع، لدرجة يخشى معها الخروج على السيطرة .

إلحاح إعلامي

يأتي هذا في الوقت الذي ظهر فيه عدد كبير من الوزراء وقادة الحزب الوطني (الحاكم) عبر شاشات التلفزيون الحكومي، والفضائيات المصرية الخاصة، ليؤكدوا أن قرار زيادة أسعار الوقود لتمويل الزيادة بالرواتب، ويبرروا زيادة أسعار البنزين بقولهم إن دعم الطاقة يفيد أساساً الأغنياء الذين يملكون سيارات فارهة، مشيرين إلى أن هذا القرار من شأنه أن يوفر 12 مليار جنيه مصري تخصص لدعم الفقراء.

وخلال اليومين الماضيين تواتر ظهور شخصيات متنفذة في الحزب الوطني الحاكم خاصة من قادة أمانة السياسات عبر شاشات التلفزيون الحكومي، في إلحاح إعلامي يستهدف شرح القرارات وأبعادها، والتأكيد على أنها تصب في صالح الطبقات الفقيرة، وكان لافتاً أن هذه البرامج التي استضافت قيادات الحزب ولجنة السياسات، لم تستضف من يمثلون الرأي الآخر، فبدت كأنها بيانات ورسائل ترغب السلطات في إيصالها للمواطنين دون أي مناقشة لمدى صحة هذه التبريرات أو القراءات الحكومية لقرار رفع أسعار السلع والخدمات .

واعتبر محللون سياسيون في مصر أن إقرار مجلس الشعب (البرلمان) زيادة اقترحتها الحكومة، ووصِلت إلى 35% على أسعار الوقود والسجائر ورسوم تراخيص السيارات، بعد أيام من قرار مبارك برفع الرواتب بنسبة 30%، لا يعني إلا أن (ما أعطته الحكومة باليد اليُمنى أخذته باليد اليُسرى) .

وميدانياً فقد شهدت مواقف سيارات نقل الركاب في شتى المدن المصرية مشاجرات بين الركاب والسائقين الذين رفعوا أجور النقل لأكثر من 50% ما أدى إلى نشوب مشادات مع الركاب الذين اضطروا في نهاية المطاف إلى الامتثال لطلبات السائقين، ودفع الزيادة للوصول إلى أعمالهم أو العودة إلى منازلهم، كما سجلت أسعار الخضر والفاكهة واللحوم ارتفاعات جديدة إضافية، هذا فضلاً عن ارتباك كبير ساد أسواق السيارات بين ترقب انخفاضها وركود في حركة البيع والشراء .

وتوقع مراقبون في القاهرة أن تعاود الحركات الاحتجاجية نشاطها وتلقى قبولاً واسعاً لدى المواطنين، بعد أن وجدت مبررات جديدة لحشد التأييد، نتيجة قرارات رفع أسعار السلع بعد أيام من قرار الرئيس المصري برفع رواتب الموظفين والعمال، في الوقت الذي كان قد تراجع فيه الشارع المصري عن الاستجابة لإضراب الرابع من مايو، والذي تزامن مع الاحتفال بالعيد الثمانين لميلاد الرئيس حسني مبارك.