أحزاب تركمانية تحذر من فتنة في كركوك وأخرى تستنجد بالسيستاني
الإقتراب من حل أزمة قانون الإنتخابات وطالباني يبشر بإتفاق

أسامة مهدي من لندن: فيما تقترب القوى السياسية العراقية من التوصل إلى حل لأزمة قانون الإنتخابات الذي أفرز خلافات واسعة بينها، أكد الرئيس جلال طالباني التوصل الى اتفاق للمسائل العالقة بين هذه القوى الأمر الذي قد يمهد في حال الانتهاء من اشكالات قليلة عالقة لتصويت مجلس النواب اليوم على نسخة جديدة من القانون يتم فيها تعديل المادة الخاصة بإنتخابات محافظة كركوك المتنازع عليها... في حين اعتبرت احزاب تركمانية مطالبة أعضاء مجلس المحافظة بضمها الى اقليم كردستان بأنها غير قانونية ولا شرعية بينما تم توجيه نداء استغاثة الى المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد علي السيستاني بالتدخل لوأد الفتنة في المحافظة.

طالباني يعلن عن اتفاق ويغادر الى الولايات المتحدة

وقال الرئيس طالباني انه بعد اجتماعات مع مختلف القوى السياسية قد تم التوصل الى حلول مرضية تم اتخاذها بالاجماع لحل المسائل العالقة بين القوى السياسية. وأضاف في تصريح صحافي لدى مغادرته الى الولايات المتحدة الليلة الماضية لإجراء عملية جراحية في ركبته انه بعد انهاء اجتماعات تكللت بالنجاح جرت بين التحالف الكردستاني والائتلاف العراقي الموحد والحزب الإسلامي وحزب الفضيلة والتيار الصدري والحزب الشيوعي وكذلك حزب الدعوة quot;بحثنا فيها آخر التطورات على الساحة العراقية فقد توصلنا إلى حلول مرضية تم اتخاذها بالإجماع لحل المسائل العالقة بين الكتل السياسيةquot; كما نقل عنه بيان رئاسي ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot;. واشار الى انه بدأ بعد ذلك الاستعداد للسفر إلى الولايات المتحدة الأميركية لإتمام الفحوصات الطبية وإجراء عملية في الركبة. وقال إن رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني الموجود في بغداد منذ الاسبوع الماضي يستعد للعودة إلى إلاقليم منتظرًا وفود احزاب عراقية للتباحث معهم من أجل إيجاد السبل الكفيلة بحل المسائل العالقة بين الكتل السياسية.

وأكد طالباني انه الآن بصحة جيدة quot;على الرغم من الدعايات الكاذبة التي تتحدث عن حالة إغماء قد تعرضت لها أو خطورة تواجهها حالتي الصحيةquot; كما قال . واضاف quot;أود أن أقول للشعب العراقي بأن كل ما قيل ليس أكثر من شائعات كاذبة على الرغم من أن بعضهم قد يتمنى لي ذلك ولكن أملي بالله و بإرادته أكبر من تلك الشائعات المغرضة والتي بإذنه تعالى لن تتحققquot;. وهذه هي المرة الثالثة التي يجري فيها طالباني فحوصات طبية في الولايات المتحدة خلال عام واحد .

تقارب حول مواد وخلافات ازاء اخرى

ويأتي سفر الرئيس العراقي في وقت بدأت فيه الكتل السياسية بالتوصل الى اتفاقات حول بنود المشروع الذي قمدمه اليها ممثل الأمم المتحدة في العراق ستافان دي مستورا بشأن تنظيم الانتخابات في مدينة كركوك . ومن هذه الاتفاقات تقاسم المناصب الإدارية في المدينة بشكل متساوي بين مكونات المدينة الثلاثة الكردية والتركمانية والعربية ومن ضمنها مناصب المحافظ ونائب المحافظ ورئيس مجلس المحافظة . كما تم الاتفاق على تشكيل لجنة من مجلس النواب مهمتها إيجاد الحلول الكفيلة لأزمة مدينة كركوك لكن المداولات مازالت تدور حول المدة التي ستمنح لهذه اللجنة لانجاز عملها والتي يمكن ان تتراوح بين شهرين وستة اشهر وحول التجاوزات التي شهدتها مدينة كركوك قبل عام 2003 وبعده .

وتشمل مقترحات ممثل منظمة الأمم المتحدة في العراق لحل أزمة مدينة كركوك إجراء انتخابات في المدينة بعد التوصل إلى حل توافقي حولها من قبل اللجنة النيابية التي سيتم تشكيلها لإيجاد حل لأزمة المدينة والعمل على تقاسم السلطات بما فيها منصبي المحافظ ورئيس مجلس المحافظة بشكل توافقي على أن يعطى الحق للقائمة التي تفوز بالأغلبية في مجلس محافظة كركوك باختيار احد المنصبين. وتشير المقترحات الى ضرورة مراجعة اللجنة النيابية للتجاوزات الحاصلة على الأملاك العامة والخاصة في كركوك قبل وبعد التاسع من نيسان عام 2003، حيث سيتم السماح للحكومة العراقية بتصحيح تلك التجاوزات . وتعطي المقترحات الحق للجنة النيابية مراجعة جميع السجلات المتعلقة بالوضع السكاني بما فيها سجل الناخبين في كركوك اضافة الى استمرار مجلس محافظة كركوك الحالي في أعماله لحين التوصل إلى حل توافقي بشأن المدينة.

وأثار مشروع مستورا ردود أفعال مختلفة بين الكتل النيابية مما استدعى عقد اجتماعات بين ممثلين عن النواب العرب والأكراد والتركمان وهي القوميات الأساسية التي تعيش في كركوك ومعهم أقلية من الكلدوآشوريين مع مستورا لوضع التعديلات الأخيرة على مشروع لقانون جديد لإنتخابات مجالس المحافظات غير الذي أقره مجلس النواب في الثاني والعشرين من الشهر الماضي .

وكان مجلس محافظة كركوك طالب في جلسة استثنائية عقدها الخميس الماضي وحضرها الاعضاء الاكراد وقاطعها ممثلو التركمان والعرب بضم كركوك الى إقليم كردستان في حال فشل الكتل السياسية في بغداد من التوصل الى صيغة توافقية بخصوص قانون انتخاب مجالس المحافظات .وتحدث رئيس المجلس زركار علي وهو كردي عن السجالات والمناقشات الموجودة في بغداد بخصوص قانون الانتخابات وما شهدتها المحافظة قبل أيام من تظاهرة سلمية لرفض القانون الذي اقره مجلس النواب العراقي ورفض المادة 24 من القانون المتعلقة بكركوك باعتبارها مخالفة للدستور العراقي، مشيرًا الى مطالبة المجلس الرئاسة العراقية بالعمل على ضم كركوك الى كردستان . وعلى الفور اعلنت وزارة شؤون مناطق خارج اقليم كردستان في حكومة الاقليم دعمها لمطالب عدد من اعضاء مجلس محافظة كركوك بضم محافظتهم الى اقليم كردستان . وقالت في بيان انها تدعم هذا الطلب الذي سؤدي الى quot; احلال الامن والسلام في المنطقة وضمان للحفاظ على حقوق مكونات محافظة كركوكquot; .. داعية برلمان كردستان إلى العمل على تلبية الطلب بأسرع وقت.

معارضة عربية وتركمانية لالحاق كركوك بكردستان

لكن الاف العرب من مختلف العشائر تظاهروا في كركوك امس رفضًا لمطالب الكتل السياسية الكردية بالحاق المحافظة الغنية بالنفط باقليم كردستان. وسارت حشود المتظاهرين من العشائر وخصوصًا العبيد والجبور في قضاء الحويجة معلنة رفضها مطالب الاحزاب السياسية الكردية لالحاق المدينة بالاقليم. وقال حسين علي الجبوري رئيس الكتلة العربية الموحدة ان quot;اكثر من اربعة الاف من عرب كركوك تجمعوا اعلانًا لرفضهم القاطع مطالب ممثلي اكراد كركوك في مجلس المحافظة بضمها الى اقليم كردستانquot;.

واكد الجبوري quot;فوجئنا بموقف مجلس المحافظة وهذه التوجهات السيئة لبعض القادة الاكراد قد ادت الى خلق ازمة سيترتب عليها نتائج وخيمة تضر بالبلادquot;. من جانبه اكد برهان العاصي احد زعماء عشائر العبيد ان quot;كركوك ستبقى عراقية عربية ونرفض ضمها لاي اقليمquot;.
ويشغل الاكراد 26 مقعدًا من اصل 42 في مجلس المحافظة فيما يشغل العرب ستة والتركمان تسعة مقاعد والمسحيين مقعدا واحدا. ويطالب العرب والتركمان بتقسيم كركوك الى اربع مناطق انتخابية بواقع 32% لكل من العرب والتركمان والاكراد و4% للمسيحين الامر الذي يعارضه الاكراد. ويبلغ عدد سكان محافظة كركوك حوالى مليون نسمة هم خليط من التركمان والاكراد والعرب مع اقلية كلدواشورية.

لكن تسعة احزاب تركمانية اعتبرت الاعضاء الاكراد في مجلس محافظة كركوك بضم المدينة الى اقليم ركدستان منعطف خطير واعلان لاشرعي معتبرة ذلك quot;تحد سافر لرغبة الشعب العراقي التي عبر عنها نوابه عندما صادق على قانون انتخابات مجالس المحافظات الذي يعبر عن وجهة نظر اغلب ابناء الشعب العراقي تجاه قضية فلسطينquot; كما قالت . ودعت الى حوار وطني واسع من اجل التوصل الى ايجاد حل حازم لهذه الازمة وعدم التسرع في الحلول من جانب واحد كما حصل في مجلس محافظة كركوك باعلان المطالبة بالانضمام الى كردستان والادعاء بكردستانية كركوك وهو quot;اعلان غير شرعي وستكون له تداعيات ونتائج خطرة وسيفتح المجال امام التدخلات الاقليمية والدولية في قضية كركوك ونحن نريد لها ان تبقى عراقية وطنيةquot; . واشارت الى ان الحل السليم هو في حوار وطني عراقي يضع العراق قبل اي اعتبار .. ودعت الى التهدئة وعدم استخدام العنف ورفض المظاهر المسلحة غير القانونية ورفض كل الممارسات اللاقانونية التي من شانها تأزيم الوضع في كركوك وتعريض التعايش السلمي بين سكان هذه المدينة الى الخطر وعبث العابثين .

ووقع البيان حزب القرار التركماني والحركة الاسلامية التركمانية وحزب العدالة التركماني العراقي والاتحاد الاسلامي التركماني وحركة التغيير والديمقراطية التركمانية وحزب تركمن ايلي والحزب الوطني التركماني وحركة الوفاء التركمانية وحركة التركمان المستقلين .

نداء استغاثة للسيستاني

ومن جانبه، وجّه حزب تركمان ايلي نداء استغاثة الى المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني للعمل على صد الفتنة التي تشهدها كركوك . وقال الحزب في بيان ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; انه لطالما كان السيد السيستاني رمزًا للوحدة الوطنية وصمام الامان من الطائفية والعنصرية البغيضة ولطالما غمر الشعب العراقي بسنته وشيعته وكل قومياته بحنانه الابوي ولم يفرق بينهم. واضاف ان كركوك الان في هذه الظروف العصيبة التي تنبئ بفتنة تحرق الاخضر واليابس في امسّ الحاجة الى التدخل المباشر من لدن السيد السيستاني لوقف التشنج والتوتر الذي يكاد يصل مرحلة الانفجار بين مكونات كركوك العراقية والتي تمثل العراق المصغر بكل ما للكلمة من معنى. واشار الى ان مكونات كركوك عاشت منذ مئات السنين في تناغم ووئام ولم تشب علاقتهم اي شائبة طيلة تلك السنين لكن المصالح الحزبية الضيقة وحب السلطة والتسلط دون الالتفات الى مصالح الناس وهمومهم حدت ببعض الايادي المعروفة لدق اسفين الفرقة والفتنة بين تلك المكونات المتعايشة مما ادى الى التوتر الحالي في الوضع الذي ينبئ بكارثة عمياء لن تفرق بين صغير وكبير.

ودعا الحزب السيد السيستاني في quot;نداء اسغاثة عاجلة لا تتحمل التأجيلquot; لكي يصد هذه الفتنة قبل وقوعها فورًا quot;ويقف كما عهدناه عائقًا صلبًا امام اسباب الفتنة والفرقة ونحن كلنا ثقة بأن السيد دام ظله لن يدخر جهدًا لينقذ كركوك من الازمة الجارفة التي ستجرف كل العراق الى الهاوية التي لا رجعة منهاquot;.

معروف ان الاحزاب الكردية التي تحكم اقليم كردستان منذ عام 1991 تطالب بضم محافظة كركوك الغنية بالنط والتي يسكنها حوالى مليون نسمة الى الاقليم مؤكدين انها كردستانية تاريخيًا لكن هذا يصطدم بمعارضة التركمان والعرب في المحافظة الذين يدعون إلى جعلها اقليمًا مستقلاً بحد ذاته. كما تصطدم المطالب الكردية لرفض تركيا التي تتعاطف مع سكان المدينة التركمان الذين تربطهم بها علاقات ثقافية وتاريخية .

يذكر ان مدينة كركوك شهدت احداثًا دامية يوم الاثنين الماضي بعد وقوع انفجار في مظاهرة قام الاكراد بتنظيمها للتنديد بقرار مجلس النواب العراقي حول قانون الانتخابات المحلية وادى الانفجار الى مقتل 26 متظاهرًا وجرح 150 آخرين، وقام المتظاهرون إثر ذلك بمهاجمة المؤسسات ومقرات الاحزاب التركمانية في المدينة كرد فعل انتقامي.