لندن: على الصفحة الأولى من الطبعة الإلكترونية لصحيفة الإندبندنت الصادرة اليوم صورتان اثنتان تجمعان تناقضات عدة: الماضي في مواجهة الحاضر، والنور الساطع مقابل الظلام الدامس، وأصل الإنسان الأول وجها لوجه مع آخر ما تفتق عنه ذهن إنساننا المعاصر من تطور وعمران.
في الصورة الأولى في أعلى الصفحة يقف شرطي صيني وقد راح يرقب من بعيد الاستاد الوطني الجديد ذا التصميم المميز في العاصمة بكين، والمسمى بـ quot;عش الطيرquot;، وقد استحال كتلة هائلة من النور الساطع ظهرت على شكل نصف دائرة ملأت الجو ضياء وكأنها كرة الشمس الملتهبة ساعة الظهيرة.
والصورة حقيقية تماما، فتلك هي الألعاب النارية التي ملأت فناء وسماء الملعب الرئيسي حيث يجري الصينيون تدريباتهم ويضعون اللمسات الأخيرة على لوحة حفل افتتاح أولمبياد بكين الذي سيتابعه الكون بأسره بعد ساعات من على نفس الاستاد وبحضور العشرات من قادة وزعماء العالم ورياضييه وعشاق الأولمبياد.
أما الطبعة التي نزلت إلى الأسواق من الصحيفة، فتخصص جل صفحتها الأولى لصورة الاستعدادات (البروفا) لحفل افتتاح أولمبياد بكين 2008، وفي العنوان فوق الصورة نقرا كلاما بصيغة تساؤل يقول: quot;على مشارف التغير التاريخي، ولكن يا ترى هل ستبصر الصين النور؟quot;
وفي تفاصيل التحقيق المطول المرفق لجيمس لوتون تصوير متخيل لما يمكن أن تكون عليه وقائع ودلالات اليوم الجمعة الذي سيكون، لاريب، حافلا بالنسبة لبكين والصين والعالم أجمع.
يقول لوتون في تحقيقه: quot;ستسطر الصين، وهي الأمة التي اخترعت الألعاب النارية، اليوم في سماء هذه المدينة القديمة العابقة بالضبخن (مزيج من الضباب والدخان) بيانا استثنائيا فحواه هو الإيمان بمستقبلها وتحديها للتيار الجارف من الانتقادات الدولية الموجهة إليها.quot;
وعلى صفحات الإندبندنت وبقية الصحف البريطانية اليوم سيل جارف من التحقيقات والمقالات النقدية والتحليلية والصور وروابط الفيديو التي ترصد جميعها أجواء وتفاصيل الاستعدادات للحدث الكوني المرتقب: أولمبياد بكين 2008.
صحيفة التايمز أفردت مساحة كبيرة على صفحتها الأولى، لصورة ظهر فيها آلاف المتطوعين بلباسهم الأصفر والبرتقالي، وقد استووا جميعا في صفوف على امتداد مسافة طويلة فوق سور الصين العظيم. ولم يعكر جمال وصفو الصورة سوى الضباب الناجم عن التلوث الكثيف الذي ملأ سماء العاصمة بكين وضواحيها والمناطق المحيطة بالسور.
أما الصورة الثانية التي عنيت في طبعة الإندبندنت الإلكترونية، فهي رسم تخيلي لما يمكن أن تكون عليه هيئة quot;إنسان نياندرتالquot; الأول الذي يكاد الشعر يغطي كامل جسمه وهو يرتدي فقط ما يمكن أن يستر عورته، بينما وقف يتأمل في منطقة وعرة يظهر منها في الخلفية واد مظلم سحيق.
المشهد الظلامي في الصورة، بالطبع، لا يشبه أجواء ملعب quot;عش الطيرquot; المتلألئة في بكين، وإن كان أقرب في ضبابيته إلى وصف وسائل الإعلام لسماء العاصمة الصينية التي يُقال إن التلوث بلغ فيها حد الخطورة، رغم اعتبارها بالأمس quot;آمنةquot; بالنسبة للرياضيين.
وفي تحقيقها المطول المتصل بموضوع الصورة، لمراسلها ستيف كونور بعنوان quot;لغز إعدام إنسان نياندرتالquot;، نقرأ في الإندبندنت تفاصيل كثيرة تسلط الضوء على آخر ما توصلت إليه جهود علماء الآثار وعلم نشوء وتطور الإنسان (الأنتروبيولوجيا) الساعية للإجابة على أسئلة من قبيل: لماذا انقرض إنسان نياندرتال؟ وهل كان قد تزاوج مع بني البشر؟ أو هل أجدادنا هم من قاموا بمحو أثره من الوجود؟
صحيفة الجارديان هي الأخرى دخلت على خط محاولة فك لغز إنسان نياندرتال، وإن من زاوية أنثوية هذه المرة، فعنونت: quot;عظم ساق يثمر عن كشف الأسرار الجينية (DNA) لحواء إنسان نياندرتالquot;.

تشير الصحيفة في بداية تحقيقها، والذي أرفقته بصورة تخيلية لإنسان نياندرتال، إلى أن دراسة حديثة تظهر انقسام الكائنات قبل أكثر من 600 ألف سنة خلت، وذلك اعتمادا على مشروع متكامل سعى العلماء لسنوات لتقديم قراءة متطورة للشفرة الجينية لجد الإنسان الحالي.
يقول تحقيق الجارديان: quot;إن تحليل ودراسة العينات المأخوذة من مستحاثة لعظم ساق لإنسان نياندرتال قد ألقت الضوء على هشاشة وضعف حجم تجمعات تلك الكائنات التي جرى في السابق تضخيم أعدادها.quot;
كما تشير نتائج الدراسة أيضا إلى التاريخ المحتمل لانفصال تلك الكائنات والأنواع عما كان يمكن أن يكون أصلا للإنسان الحالي.
يقول التحقيق إن العظم، الذي عُثر عليه داخل كهف في منطقة فنديجا في كرواتيا، يعود تاريخه إلى 38 ألف عام، وقد تمحور حوله بُعيد اكتشافه مشروع فريد يرمي لقراءة السلسلة الجينية لجد الإنسان القديم، وهو الجهد الذي يعتقد العلماء بأنه سيساعد على كشف كيف ومتى تطور البشر إلى الكائنات التي تحكم وتسيطر على عالمنا المعاصر.
وينقل التحقيق عن باحثين من معهد ماكس بلانك لعلوم نشوء وتطور الإنسان (الأنثروبولوجيا) بجامعة ليبزيك في ألمانيا قولهم إنهم قاموا بإنجاز قراءة لسلسلة الجينيات الموجودة في وحدات توليد الطاقة الصغيرة (الميتوكوندريا) التي تزود خلايا الجسم بالطاقة، فوجدوا أن تلك الوحدات تنتقل فقط عبر السلالات الأنثوية دون غيرها.
يقول الباحثون إن مثل ذلك الاكتشاف المثير قادهم إلى إمكانية متابعة واقتفاء أثر وخط سير انتقال وحدات الطاقة تلك، ليصلوا إلى أصل quot;حواء الجدةquot;، أي أم إنسان نياندرتال.
فقد قام الباحثون بتحليل حمض ال (DNA) لـ 13 جينة مأخوذة من وحدات توليد الطاقة لدى إنسان نياندرتال، فوجدوا أنها كانت مختلفة إلى حد يسهل تمييزها عن تلك الموجودة في الإنسان المعاصر، الأمر الذي يشير إلى أن إنسان نياندرتال لم يتزاوج، أو لنقل قلما تزاوج، مع أجدادنا من البشر الأوئل.
ويضيف الباحثون قائلين: quot;تظهر المادة الجينية أن حواء نياندرتال عاشت منذ حوالي 660 ألف سنة خلت، أي عندما كان للكائنات أو الأنواع جد مشترك مع بني البشر.quot;
ولربما فسر العدد المحدود والمتواضع لأفراد إنسان نياندرتال سبب انقراضه لاحقا، إذ أن وجوده بتلك الإعداد يعني أنه كان دوما يحيا على حافة الخطر وتحت تهديد الانقراض.
وتقول الدراسة أيضا إن إنسان نياندرتال ظهر للمرة الأولى في أوروبا قبل حوالي 300 ألف سنة مضت، إلا انه اختفى في أعقاب وصول الإنسان الحديث، والمعروف بكونه على هيئة كائنات بشرية متعقلة ومتجانسة (هومو سابينز)، وقد وصلت إلى أوروبا قبل نحو 50 ألف سنة مضت.
وتمضي الدراسة إلى القول إن معرفة العلماء سابقا بوصول الإنسان الحديث إلى أوروبا في ذلك التاريخ غذى لديهم التوقعات بأنه تزاوج مع إنسان نياندرتال، لينجم عن تزاوجهما كائنات جديدة هجينة، ولربما انصهرت مورثاتها الجينية لاحقا مع الجينات البشرية، أو قد تكون قضت عليها مورثات البشر إما عن طريق المنافسة على المصادر أو عبر العنف.
لكن اللافت في الدراسة الجديدة هو تحليلات الـ (DNA) المأخوذة من المستحاثة المذكورة والتي تشير إلى أن إنسان نياندرتال لم يتزاوج مع الإنسان الحديث، لا بل أن الإنسان البشري الحديث هو من قضى عليه.
وفي جديد الانتخابات الرئاسية الأميركية، نقرأ في الجارديان تقريرا يتناول قضية لجوء حملة المرشح جون ماكين إلى العودة إلى الوراء لاستعارة بعض المساجلات الكلامية والهجمات الذي كانت هيلاري كلينتون قد شنتها خلال الانتخابات التمهيدية ضد خصمها حينذاك السناتور الديمقراطي الشاب باراك أوباما الذي ينافس سناتو أريزونا العجوز في السباق إلى البيت الأبيض.
يقول تقرير الجارديان إن حملة ماكين لجأت إلى إطلاق إعلان دعائي جديد تُستخدم فيه مقاطع من خطابات كلينتون السابقة والتي هاجمت فيها أوباما، وتم بث الإعلان قبل يوم واحد من انطلاق هيلاري إلى ولاية نيفادا في أول حملة لها للترويج والدعاية لصالح خصمها السابق أوباما.
يظهر في الشريط الإعلاني، الذي بُث على شبكة الإنترنت، عدد من قادة الحزب الديمقراطي، بمن فيهم أوباما نفسه، وهم يكيلون المديح لماكين. لكن هيلاري كلينتون وحدها هي التي تغرد خارج السرب حين تظهر في آخر الإعلان لتطلق تصريحات تهاجم فيها أوباما وتسخر منه وتشكك بكفاءته وقدراته كمرشح للرئاسة الأميركية.
وتنقل الصحيفة عن تاكر باوندز، المتحدث باسم حملة ماكين، قوله: quot;لقد قدمت هيلاري كلينتون حجة قوية ومنطقية وصائبة بشأن لماذا يجب أن يكون ماكين هو الرئيس المقبل للولايات المتحدة.quot;
تقول الصحيفة إن حملة ماكين اختارت أن تطلق شريطها الدعائي الجديد في الوقت الذي يمضي فيه أوباما عطلة في هاواي، ربما كي لا يتثنى له الرد بقوة على الهجوم الجمهوري.
وعن الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، تنشر صحيفة الديلي تلجرف تقريرا عن quot;لهاث الساسة الإسرائيليين وراء الأصوات العربيةquot;، فيتحدث عن حسابات وخطط الطامحين لخوض الانتخابات المقبلة في إسرائيل لكسب ود الناخبين العرب، وذلك في مؤشر على التغيرات الديمغرافية التي تشهدها البلاد.
يقول التقرير، الذي أعده مراسل الصحيفة في القدس بين لينفيلد، إن حوالي 13 ألف ناخب عربي هم من بين الناخبين الـ 70 ألف المسجلين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات التي ستشهدها إسرائيل الشهر المقبل لانتخاب خليفة لرئيس الوزراء الحالي أيهود أولمرت في زعامة حزب كاديما.
ويضيف التقرير قائلا إن عيني كل من المتنافسين الرئيسيين على خلافة أولمرت في زعامة كاديما، أي وزيرة الخارجية الحالية تسيبي ليفني ووزير النقل شاؤول موفاز، باتتا مسلطتين على الناخبين العرب.

تقول الصحيفة إن الحسابات الرياضية والاقتراع الجماعي يفسران لماذا يُتوقع أن يشغل العرب مكانة بارزة في الانتخابات المقبلة، وذلك على الرغم من أهمية الناخبين في أوساط المهاجرين الروس والذين يُعتبرون حتى الآن هم صناع الملوك في إسرائيل.
وتنقل الصحيفة عن سامي ساموحة، عميد كلية العلوم الاجتماعية في جامعة حيفا، قوله: quot;إن انقسام الناخبين العرب ما بين مؤيد لليفني وآخر لموفاز قد يكون أمرا حاسما. فالناخبون العرب يميلون عادة إلى التصويت بشكل جماعات وتكتلات بطريقة تعكس النمط المبدئي الذي يغذيه وجود العائلات الممتدة التي تدعم غالبا مرشحا بعينه من دون الآخر.quot;
صحيفة الديلي تلجرف تنشر أيضا تحقيقا بعنوان quot;عقد زواج شرعي جديد يعطي المسلمات حقوقهنquot;، ويتحدث عن عقد زواج جديد يمنح النساء المسلمات اللواتي يقدمن على الزواج في بريطانيا quot;حقوقا متساوية ومضمونةquot; أسوة بالرجال.
يقول تحقيق الديلي تلجراف إنه تم التوصل إلى عقد الزواج الجديد بعد مناقشات مطولة ومستفيضة جرت بين الهيئات والمنظمات والشخصيات الإسلامية في بريطانيا.
وقد وُصف العقد الجديد بأنه quot;خطوة ثورية وأكبر تحول في مجال تطبيق الشريعة الإسلامية في بريطانيا خلال المئة عام الماضيةquot;.
فوفقا للقانون الجديد، فإنه يتعين على الزوج التخلي عن حقه بتعدد الزوجات الذي تمنحه إياه الشريعة الإسلامية.
يُشار إلى أن الزيجات بين المسلمين في بريطانيا تتم حاليا وفقا لما يُسمى بعرف quot;النكاحquot; الذي يجري توثيقه في مكتب زواج غير مرخص ومسجل بشكل قانوني في البلاد، وهو لا يلزم الزوجين قانونا ولا يمنح الزوجة أي عقد زواج مكتوب ومصدق من الجهات الرسمية في الدولة، على الرغم من أن الشريعة الإسلامية تجيزه طالما أن شروطه وبنوده متفق عليها بالتراضي بين الزوجين.
وتنقل الصحيفة عن غياث الدين صديقي، مدير المعهد الإسلامي في لندن الذي أعد نص عقد الزواج الجديد، قوله: quot;إن العقد الجديد سيُعتبر بمثابة التحدي للمجالس الشرعية المختلفة التي لا تؤمن بمبدأ المساواة بين الجنسين، لكن العالم قد تغير ولا بد من إعادة الحديث والتفاوض بشأن القانون الإسلامي.quot;

أما التايمز، فتفرد مساحة واسعة لخبر يقول quot;إن أمراء الجريمة في بريطانيا يسيطرون على عالم من اقتصاد الرذيلة والإجرام تقدر قيمته بـ 40 مليار جنيه إسترليني (80 مليار دولار أميركي).quot;
تقول الصحيفة إن الـ quot;27 الكبارquot; من عتاة المجرمين البريطانيين يسيطرون على امبراطوريات quot;عالم من الاقتصاد السفليquot; يديرونه من داخل سجونهم.
وتشير الصحيفة إلى وجود أكثر من 100 شبكة نشيطة للجريمة المنظمة في بريطانيا، وهذه الشبكات ما زال يتسيدها أعضاء وأفراد من أسر بريطانية، وذلك على الرغم من الفيض الهائل من المجرمين الذين قدموا خلال العشر سنوات الماضية إلى بريطانيا من أوروبا الشرقية وبلدان جنوب شرق آسيا.
في الجارديان نقرأ أيضا تحقيقا يجمع بين الطرافة والدلالة الرمزية على شظف العيش والمعاناة التي يحياها شعب زيمبابوي بسبب مشكلة ارتفاع الأسعار من جهة والأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد من جهة أخرى.
يقول التحقيق، الذي جاء بعنوان quot;قسائم البترول تُستخدم بديلا للأوراق النقديةquot;، إن النقص الحاد في أوراق العملة في زيمبابوي حدا بأصحاب المحال التجارية والمؤسسات إلى استخدام كوبونات المحروقات كعملة بديلة.
ويضيف التحقيق أن مثل هذا الإجراء بدأ بالتطبيق بعد أسبوع واحد من طرح حكومة زيمبابوي عملة جديدة للتدوال بعد أن أزالت عشرة أصفار من على أوراق عملتها القديمة في مسعى لمحاربة زيادة معدلات التضخم في البلاد.
ويضيف التحقيق أن مزوري العملة قد تحولوا بدورهم من تزوير الأوراق النقدية، بسبب ارتفاع كلفة عملية تزويرها، إلى تزوير قسائم الوقود التي تساوي قيمة الواحدة منها 20 جنيها إسترلينيا ويمكن استبدالها بعشرين لترا من البترول.