دنفر : ظهر باراك اوباما على الساحة الوطنية قبل أربع سنوات بكلمة ألقاها وصف فيها نفسه بأن رجل نحيل له اسم غريب وقصة حياة بعيدة الاحتمال .

ويوم الخميس سيتبوأ سناتور ايلينوي ( 47 عاما ) مكانه في كتب التاريخ حين يلقي كلمة الليلة في المؤتمر القومي للحزب الديمقراطي لقبول اختياره كأول مرشح أسود للرئاسة من حزب سياسي كبير .

وبالنسبة لكثيرين يجسد اوباما الحلم الأميركي حيث يستطيع أي شخص أن يكبر ليصبح رئيسا بما في ذلك ابن لام من كانساس وأب كيني غائب له اسم غريب وقضى السنوات الاولى من عمره خارج البلاد .

وكان اوباما قال في كلمة امام المؤتمر السابق للحزب الديمقراطي عام 2004 quot;هل كانت قصتي ممكنة في أي دولة أخرى على وجه الارض...quot;

وظهرت مواهبه الخطابية كاملة في ذلك الخطاب وأصبحت علامة مميزة لاوباما ووضعته على الفور على طريق الشهرة ومهدت الطريق لترشحه لانتخابات الرئاسة الأميركية التي تجري في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني ضد مرشح الحزب الجمهوري جون مكين.

ويوم الخميس سيقبل سناتور ايلينوي الذي لم تتجاوز خدمته في الكونجرس ولاية واحدة ترشيح الحزب الديمقراطي له لانتخابات الرئاسة امام حشد من 75 الف شخص في استاد انفسكو لكرة القدم في دنفر.ويتزامن هذا الحدث مع الذكرى الخامسة والاربعين لخطاب زعيم حركة الحقوق المدنية مارتن لوثر كنج الذي قال فيه quot;أنا عندي حلم.quot;

وينظر إلى هذا الخطاب الذي ألقي عام 1963 على أنه تعبير عن أعلى طموحات البلاد في المساواة والعدالة.ويعتبر الكثير من الديمقراطيين حملة اوباما خطوة نحو تضييق الفجوة بين الاجناس في البلاد اذ يمثل الأميركيون من أصول افريقية نحو 12 في المئة من السكان لكنه أوضح أنه لا يخوض السباق الانتخابي بناء على الجنس الذي ينتمي اليه.

واوباما بالنسبة لجموع مؤيديه هو سياسي لا يتكرر الا كل جيل يعيد للاذهان الفصاحة الشابة والالهام التي كان يتسم بهما الرئيس جون كنيدي وشقيقه روبرت كنيدي وكلاهما اغتيل في الستينات.

لكن منتقدي اوباما وكثير منهم يسخرون من رسالته السياسية الوسطية الخاصة بالامل والتغيير بوصفها ساذجة يعتبرون أنه ليس سوى شخص مشهور لا يملك تاريخا يذكر.

وفي خطاب يوم الخميس الذي قال اوباما انه quot;سيكون عادياquot; واكثر تركيزا على تفاصيل السياسة من خطاب عام 2004 سيتحدث مرشح الحزب الديمقراطي مجددا عن سيرة حياته المتفردة.

ومن بين أهداف اوباما التقليل من أهمية سخصيته كنجم في عالم السياسة والسعي بدلا من هذا لاظهار جانب اكثر تواضعا.

وقال روبرت جيبز كبير مستشاري اوباما إن ما سيراه الناس quot;هو اب وزوج طبيعي وعادي في أسرة طبيعية وعادية متوسطة.لكن التأكيد على الجانب quot;العاديquot; وquot;المتوسطquot; لاوباما لن يكون بالامر اليسير.

وتفاصيل حياة اوباما مثل خلفيته متعددة الثقافات ونشأته في هاواي واندونيسيا التي تحظى باعجاب الشبان الذين يشكلون قاعدة دعم له تبدو غريبة على العمال والناخبين الاكبر سنا في الولايات الصناعية مثل اوهايو التي قد تحسم الانتخابات.

وكما قال اوباما نفسه هذا الاسبوع فإن الكثير من هؤلاء الناخبين ربما يميلون اكثر لسيرة حياة مكين كبطل لحرب فيتنام وأسير حرب نجا من التعذيب وتقدم حتى وصل إلى أن أصبح عضوا مخضرما بمجلس الشيوخ عن ولاية اريزونا يعرف بأسلوبه الاستقلالي.

وقال اوباما الذي يخوض الانتخابات ضد مكين (72 عاما) لخلافة الرئيس الجمهوري جورج بوش quot;سيرة حياة جون مكين عظيمة. لقد كان أسير حرب. اما انا فاسمي غريب.quot;

وفي قصة حياة اوباما جانب ينطوي على الصعود من الفقر إلى الثراء ويأمل أن يلقى هذا الجانب صدى لدى الناخبين من الطبقة المتوسطة.

وكانت والدته ان دانهام في الثامنة عشرة من عمرها فحسب حين تزوجت من باراك اوباما الاب وأصبحت اما عزباء حين لم يتجاوز عمر اوباما الابن عامين.

ويتذكر اوباما أن والدته كانت في بعض الاحيان تعتمد على قسائم الطعام لتستمر الحياة خلال نشأته وكانت توقظه في الرابعة صباحا خمسة ايام في الاسبوع لتعلمه في الوقت الذي كانت تعيش فيه الاسرة في اندونيسيا.

واستطاعت هي وجدا اوباما اللذان ساعداها في تربيته الحاقه بمدرسة بوناهو اكاديمي وهي مدرسة خاصة عريقة في هاواي. ثم التحق فيما بعد بجامعة كولومبيا وكلية الحقوق بجامعة هارفارد.

وتركز قصة حياة اوباما التي تصدرت قوائم مبيعات الكتب عام 1995 quot; أحلام من ابيquot; على بحثه عن هويته وجهوده للتواصل مع والده الغائب عبر رحلة إلى كينيا لاكتشاف أسلافه.

وفي كتابه الذي صدر عام 2006 quot;جرأة الاملquot; يروي اوباما كيف تشكلت هويته السياسية من خلال قيم الغرب الاوسط من أمانة واحترام للآخرين التي زرعتها والدته وجداه بداخله.

وقالت ميشيل زوجة اوباما في كلمتها امام مؤتمر دنفر ليل الاثنين حيث جسدته كأب شغوف لابنتيهما ساشا (سبعة أعوام) وماليا (عشرة اعوام) quot;انا وباراك انطلقنا لبناء حياتنا مسترشدين بهذه القيم وننقلها للجيل القادم.quot;

ويشير لاري ساباتو استاذ العلوم السياسية بجامعة فرجينيا إلى أن فرص اوباما في الفوز بانتخابات الرئاسة ربما تكون معلقة بما اذا كان يستطيع تصوير نفسه للأميركيين من الطبقة المتوسطة على أنه quot;أقل غرابة قليلا.quot;وأضاف quot;قصة حياته جذابة للشبان لكنها ايضا سبب تراجعه في نظر المسنين.quot;