وفد كردي في بغداد وبارزاني يدعو المالكي لإحتواء الأزمة
القوات العراقية تبدأ بإستلام معسكر مجاهدي خلق من الأميركية

أسامة مهدي من لندن: تبدأ اليوم عمليات تسليم القوات الأميركية مسؤولية معسكر أشرف التابع لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في محافظة ديالى شمال شرق بغداد إلى القوات العراقية بعد أشهر من مباحثات بين قوات البلدين والصليب الأحمر الدولي ودعوات قوى سياسية بطرد المنظمة من العراق بذريعة تدخلها في شؤونه الداخلية مقابل رفض قوى أخرى معتبرة ذلك تنفيذا لرغبات إيرانية رسمية .. في حين طلب رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني من رئيس الوزراء نوري المالكي العمل على quot;إحتواء الأزمةquot; بين قوات الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية في قضاء خانقين بالتزامن مع وصول وفد كردي إلى بغداد لبحث الأمر اليوم.

وقررت القوات العراقية والأميركية بدء عمليات نقل مسؤولية حماية معسكر أشرف (230 كم شمال شرق بغداد) الذي يوجد فيه حوالي 5 آلاف شخص وتولي مسؤوليته والإشراف عليه اليوم السبت إلى العراقيين في عملية ستستمر حتى الاربعاء المقبل حين ستكمل القوات الاميركية انسحابها من المنطقة ليتولى فوج عراقي من فرقة بغداد التي تتمركز حالياً في المنطقة الخضراء بوسط العاصمة مسؤولية حماية المعسكر .

ومنظمة مجاهدي خلق التي تأسست عام 1965 لاسقاط نظام شاه ايران السابق بدأت بعد سقوطه عام 1979 وقيام الجمهورية تظهر عداءا للحكام الجدد في ايران حيث رفضت قرارات اصدرها قائد الثورة الايرانية الراحل آية الله الخميني لجمع السلاح الي استخدمته بعد عامين ضد النظام الجديد في صراع مستمر بين الطرفين مازال قائما لحد الان نفذت خلاله العديد من عمليات التفجير والاغتيال .

واثر اندلاع الحرب بين العراق وايران عام 1980 بدأ رئيس النظام العراقي السابق صدام حسين العمل مع المعارضين الايرانيين للعمل سياسيا وعسكريا من اجل اسقاط النظام في ايران حيث وضع امكانات الجيش العراقي العالم تحت تصرف المنظمة واقام لها ثلاثة معسكرات في مناطق مختلفة من العراق بقي منها معسكر أشرف وتوجد فيه رئاسات القيادة العسكرية للمنظمة بمحافظة ديالى ويبعد حوالي 100 كيلومترا عن حدود إيران الغربية و100 كيلو متر شمال شرق بغداد.

وبعد سقوط النظام العراقي عام 2003 استمرت المنظمة في العمل داخل العراق حتى بعد دخول الجيش الأميركي إليه والذي صنفها منظمة إرهابية واستهدف بعض مخيماتها فاضطر من تبقى من عناصرها إلى التجمع في معسكر quot;أشرفquot; الذي يضم حاليا خمسة آلاف عنصر من مقاتلي المنظمة ثم قامت المنظمة بتسليم القوات الأميركية 300 دبابة و250 ناقلة جند و250 قطعة مدفعية و10 آلاف قطعة سلاح صغيرة.

وبالترافق مع دعوة نواب عراقيين مؤخرا وخاصة من الائتلاف الشيعي الموحد الذي يحتفظ بعلاقات وثيقة مع ايران لطرد المنظمة من العراق فقد بدأت في حزيران (يونيو) الماضي مباحثات بين السفارة الاميركية والحكومة العراقية والصليب الاحمر الدولي حول مصيرها . فقد طالب نواب عراقيون بطرد منظمة مجاهدي خلق من الاراضي العراقية معتبرين انها ارهابية وتساهم في الاخلال بالاوضاع الامنية والسياسية العراقية . كما اعلنت الحكومة العراقية مؤخرا انها درست تدخل المنظمة في شؤون العراق وقررت وضعها تحت السيطرة التامة لغاية إخراجها من العراق . كما منعت الحكومة اي تعامل مع المنظمة من قبل أية منظمة أو حزب أو مؤسسة أو أشخاص عراقيين أو أجانب داخل العراق وإعتبار من يتعامل معها مشمولاً بأحكام قانون مكافحة الإرهاب و إحالته الى القضاء وفق هذا القانون . ودعت الحكومة القوات المتعددة الجنسيات الى رفع اليد عن المنظمة وتسليم نقاط السيطرة وكل مايتعلق بشؤون أفرادها الى السلطات العراقية المختصة .

لكن المنظمة اعتبرت قرارات بغداد هذه خرقا صارخ للقوانين والاتفاقيات الدولية خاصة مبدأ عدم النقل القسري . وقالت في بيان لها أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر أوضحت أنه لا يجوز نقل سكان معسكر أشرف او ممارسة الابعاد القسري أو طردهم أو اعادتهم الى بلدهم الأم أو نقلهم داخل العراق لان ذلك بخرق أحكام القانون الانساني الدولي .

ومن جهتهم طالب شيوخ عشائر المنطقة الجنوبية في العراق بإنهاء ما أسموه الوجود الإيراني وإغلاق سفارة وقنصليات طهران في البلاد. وطالب مؤتمر تضامن الشعب العراقي في اجتماعه السنوي الرابع الذي عقد في معسكر أشرف منتصف حزيران (يونيو) الماضي بأخراج quot;النظام الإيراني وعملائه من العراق ورفع القيود عن منظمة مجاهدي خلقquot;.

كما سلم شيوخ العشائر لمنظمة مجاهدي خلق ما قالوا إنها تواقيع ثلاثة ملايين عراقي من أهل الجنوب تؤيد مطالبهم. وأكد الموقعون على البيان ضرورة إغلاق السفارة والقنصليات الإيرانية في أنحاء العراق لكونها quot;تستخدم لتمرير الفعاليات الإرهابية وفرض هيمنة النظام الإيرانيquot;. وشارك في المؤتمر ممثلون عن 135 حزبا وجمعية ومؤسسة ورابطة سياسية واجتماعية وثقافية ومهنية وبمشاركة أكثر من ألف من ممثلي تلك الفعاليات. ومن أبرز القوى المشاركة في المؤتمر الجبهة العراقية للحوار الوطني ومؤتمر أهل العراق والحزب الإسلامي ومجلس الحوار الوطني العراقي وحزب العدالة لتركمان العراق وحزب الوحدة الإسلامية.

بارزاني يدعو المالكي لاحتواء الازمة بين الجيش والبيشمركة

طلب رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي العمل على quot;احتواء الازمةquot; بين قوات الجيش العراقي وقوات quot;البيشمركةquot; الكردية في قضاء خانقين (230 كم شمال شرق بغداد) بمحافظة ديالى . واكد بارزاني quot;على أهمية محاصرة الأزمة الاخيرة في خانقين وان تتواصل الحوارات مع جميع الاطراف السياسية لعدم منح فرصة امام المتربصين بالعملية الديمقراطية في العراقquot; وذلك خلال اتصال هاتفي بينهما الليلة الماضية . وقال بيان صحافي لرئاسة اقليم كردستان الليلة الماضية ان الطرفين اكدا على ضرورة quot;استمرار العمل المشترك والتعاون التام بين الجيش العراقي وقوات حرس الاقليم (البيشمركة) لمحاربة الارهاب والتنسيق التام في هذا المجالquot;. كما شددا على الالتزام بالدستور العراقي باعتباره الاساس لبناء عراق ديمقراطي فيدرالي وعبرا quot;عن ايمانهما من أن الفشل سيكون مصير المؤامرات والخطط الشوفينية التي تستهدف مكاسب وانجازات العملية السياسية في العراقquot; وأكدا على استمرارية التواصل والحوار المشترك.

وكان المالكي قال امس الاول تعليقا على رفض الاكراد دخول القوات العراقية بعض المناطق المتنازع عليها quot;ان الجيش العراقي هو quot;جيش اتحادي له حق دخول اي منطقة في العراق سواء كانت في اقليم او محافظةquot;. وجاء الاتصال الهاتفي بين المالكي وبارزاني مترافقا مع وصول وفد كردي يمثل حكومة واحزاب إقليم كردستان إلى بغداد لإجراء محادثات اليوم حول مشكلة تواجد قوات البيشمركة في عدد من مناطق محافظة ديالى. وسينضم الى الوفد الكردي في بغداد نائب رئيس الوزراء نائب الامين العام للاتحاد الوطني الكردستاني (جلال طالباني) برهم صالح ورئيس كتلة التحالف الكردستاني بمجلس النواب فؤاد معصوم .

ومن جهته كشف رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي همام حمودي إن المالكي ابلغ الاكراد بان تواجد اي عنصر من قوات حماية اقليم كردستان quot;البيشمركةquot; خارج الخط الازرق سيعرضه للملاحقة القانونية واصفا نسبة الـ17% من الميزانية العامة التي اقرها البرلمان لاقليم كوردستان بانها quot;اكثر من الحجم الحقيقي لحصتهquot;. واوضح حمودي في حديث له خلال اعمال مؤتمر (الصادقون) في ايران أمس أن المالكي quot;ابلغ الاكراد أن أي مسلح من البيشمركة خارج الخط الازرق القديم هو ملاحق من قبل القانونquot; كما نقلت عنه وكالة quot;رويترزquot;. والخط الازرق هو خط عرض 36 الذي وضعت الولايات المتحدة المناطق التي تقع خلفه (اقليم كردستان) تحت حمايتها عام 1991 ومنعت طائرات النظام السابق من التحليق فوق هذه المناطق. واضاف حمودي أن quot;حصة الاكراد من الموازنة العامةللعام الحالي كانت 17 % والحجم الحقيقي لحصتهم هو 14% والحكومة العراقية حريصة على مساواة محافظات اقليم كردستان مع المحافظات العراقية الاخرى حسب نسبة السكانquot;.

لكن رئيس ديوان رئاسة اقليم كردستان فؤاد حسين نفى ان تكون القيادات الكردية قد تلقت أي تبليغ بهذ المعنى من المالكيلاواصفا العلاقات بين الحكومة العراقية وحكومة اقليم كردستان بانها quot;علاقات جيدة وتستند الى اسس عالية من الحوار البناءquot;. واضاف حسين ان نسبة اقليم كردستان من الميزانية الاتحادية قد quot;اقرت من قبل مجلس النواب ووفقا للصيغ الدستورية التي اتفق عليها ممثلو الشعب العراقيquot;. وتنفذ القوات العراقية بمساندة من القوات الأميركية منذ اواخر الشهر الماضي عملية أمنية واسعة في محافظة ديالى أطلق عليها quot;بشائر الخيرquot; بهدف القضاء على الجماعات المسلحة التي تنشط فيها وشملت العملية في الفترة الأخيرة مناطق تابعة لقضاء خانقين انسحبت على أثرها قوات البيشمركة من ناحيتي قرتبة وجلولاء التابعيتين للقضاء وذلك باتفاق بين السلطات الكردية والحكومة المركزية ببغداد.

وابدى بارزاني لدى اجتماعه في اربيل الخميس الماضي مع وفد رفيع للسفارة الأميركية استغرابه من دخول الجيش العراقي إلى قضاء خانقين الذي وصفه بالآمن مطالبا بالتنسيق مع حكومة الاقليم كما نقل عنه بيان لرئاسة كردستان. واضاف ان خانقين منطقة آمنة وأنه من العجب أن يدخلها الجيش العراقي بحجة القضاء على الارهاب . وتساءل عن سبب انعدام التنسيق بين الجيش وحكومة كردستان .

ويعد قضاء خانقين من المناطق المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان بأمل حل النزاع بشأنها من خلال تطبيق المادة 140من الدستور العراقي وشهد القضاء الثلاثاء الماضي تظاهرة طالبت بخروج القوات الامنية العراقية منه . ويقع قضاء خانقين على بعد 155 كم شمال شرق مدينة بعقوبة مركز محافظة ديالى التي تبعد 65 كم شمال شرق بغداد.