طلال سلامة من روما: تمكنت العدالة الإيطالية، في السنوات الأخيرة، من زج العشرات من زعماء المافيا في السجون، كما quot;توتو ريناquot; وغيرهم. ومن المدهش كيف أن أحوال هؤلاء الزعماء لم تتغير كثيراً عندما تركوا عالم الحرية خلفهم ليدخلوا الى زنزانات العقاب. برغم أنهم quot;نزلاءquot; إلا أن التوصيات على أعلى مستوياتها لا تتأخر في الوصول الى مديري السجون الإيطالية، لمعاملتهم بأفضل الطرق التي يحسدهم عليها النزلاء العاديين. فالزعيم المافيوي معروف أنه ليس بالشخص العادي.

بمعنى آخر، يواجه كل زعيم من هؤلاء الزعماء في السجون الإيطالية مصيرين. الأول يقتضي بتصفيته فوراً لسبب من الأسباب، كما الانتقام أو الفيتو المفروض لمنعه من البوح بأسرار حساسة مقابل تسهيلات قضائية. أما المصير الثاني فيقتضي أن يمارس الزعيم quot;النزيلquot; حياته بصورة شبه طبيعية عن طريق تلزيم مهمات إدارة أعماله الى زوجته أولاً وأولاده ثانياً. هكذا، تتألق السيرة المافيوية الأنثوية أكثر فأكثر كلما نجحت أيدي أجهزة القضاء في إبادة الخلايا المافيوية البارزة على السطح، وعددها ما زال متواضعاً.

لا بل نتجرأ بالقول ان النساء أضحين مفخرة لكل زعيم مافياوي. فانتقال السلطة إليهن، خصوصاً في عصر التكنولوجيا وطرائق التنصت المتطورة، بات ضرورياً لمواصلة إدارة الأعمال من داخل السجون، براحة تامة. يكفي النظر الى الرسائل المشفرة التي ينجح هؤلاء الزعماء في إيصالها الى الخارج، الى أي منطقة في العالم، في كل مرة تتوجه نسائهم الى زيارتهم في السجون. فالرسائل، التي لا تنجح(أم لا تريد) أجهزة الشرطة بالسجون في تفكيكها عبارة عن تعليمات لا يمكن لأحد البت بها. ويتمحور قسم من هذه التعليمات حول عمليات نقل أم تعيينات جديدة في التسلسل الهرمي المافيوي.

لذلك، فان عيون التحريات القضائية انتقلت مؤخراً من مراقبة تحركات زعماء المافيا الى رصد تحركات نسائهم، عن كثب. إذ أضحين المفتاح الرئيسي لحل مجموعة من الألغاز التي ترى هؤلاء النساء ضالعات في قضايا حساسة كما تهريب المخدرات وادارة آليات الابتزاز وإقراض رجال الأعمال الصغار بفوائد فلكية(تصل في بعض الأحيان الى أكثر من ألف في المئة) وتبييض الأموال.

وفق معطيات وزارة العدل، فان عدد زعيمات المافيا quot;بالتكليفquot; اللواتي تم القبض عليهن في العام الماضي، لغاية الصيف الماضي، بلغ 85 امرأة، 47 منهن ما زلن ينتظرن إصدار الحكم بحقهن، و11 صدر حكم عليهن من الدرجة الأولى(يستطعن الاستئناف) و25 منهن جرى زجهن بالسجن من دون حق الاستئناف.