تل أبيب، وكالات: النقاش القائم على المستوى السياسي في إسرائيل بشأن العملية البرية، يستند بقوة إلى رأي المؤسّستين العسكرية والأمنية، حيث تُدرس المعطيات الميدانية، التي على أساسها يتقرّر شكل المواجهة، وخصوصاً أن مصادر عسكرية إسرائيلية أعربت عن خشيتها من المخاطرة التي ستقدم عليها إسرائيل إذا قرّرت الدخول البري إلى قطاع غزة، مشيرةً إلى وجود عبوات وقنّاصة ومحميات طبيعية، ستجبي من إسرائيل ثمناً كبيراً.

وقالت المصادر العسكرية الإسرائيلية لصحيفة laquo;جيروزاليم بوستraquo; أمس، إن laquo;الجيش مستعد لمواجهة جيش حماس المؤلف من 15 ألف مقاتل، لكنه يتوقع أن يواجه عبوات ضخمة على جوانب الطرق وقناصةraquo; تؤثر في العملية البرية، وتوقع إصابات في صفوف جنوده.

وقال ضابط إسرائيلي رفيع المستوى إن laquo;من يعتقد أننا سننجح بسهولة في غزة، سيكون مخطئاً، ورغم أننا قد أنهينا استعدادنا للمواجهة، فإن حركة حماس أيضاً استعدّت لذلكraquo;. ورغم الخشية الإسرائيلية، أشارت مصادر عسكرية إسرائيلية إلى أن laquo;الجيش على معرفة بتعاظم قدرة حماس العسكرية، إلا أن الجنود الإسرائيليين استعدّوا جيداً للمهمة، بل إن الجيش، منذ حرب لبنان الثانية، شُغل بإنهاء تدريباته واستعداداته لاحتمال صدام مشابه في قطاع غزةraquo;، مضيفين إن laquo;العملية البرية في قطاع غزة ستكون تحدياً، لكننا جاهزونraquo;.

وتلفت المصادر العسكرية الإسرائيلية إلى أن laquo;إسرائيل على دراية بانشغال حركة حماس في الأعوام الماضية بتعزيز قدراتها العسكرية والإعداد لمواجهة توغّل محتمل يقوم به الجيش حيال قطاع غزةraquo;، مشيرةً إلى أن laquo;المنظمة الإسلامية تتألف من 15 ألف مقاتل، من ضمنهم قوات خاصة وعناصر استخباراتraquo;.

وتابعت المصادر تقول إن laquo;لدى جيش حماس هيكلية تنظيمية، ويضم فرقاً وكتائب وفصائل، وكل عناصره خضعوا لتدريبات منتظمة، وأُرسل عدد منهم إلى سوريا وإيران لخوض تدريباتهم في معسكرات البلدينraquo;، مضيفةً إن laquo;حماس استخدمت أنفاق قطاع غزة، التي دمّر سلاح الجو جزءاً منها، لتهريب الوسائل القتالية والمتفجرات، ومن بين الأسلحة التي تدفّقت إلى غزة، صواريخ مضادة للدباباتraquo;.

ويتوقع مسؤولون عسكريون إسرائيليون مفاجآت قد تواجههم في قطاع غزة، في حال الدخول الإسرائيلي البري، من بينها laquo;مشاهدة محميات طبيعية كتلك التي واجهها الجيش في لبنان عام 2006، إذ إن الاعتقاد السائد يفيد أن حماس قد هيّأت عدداً من المواقع تحت الأرض، تحتوي على أسلحة وعتاد كبيرraquo;.

وبخصوص التحديات التي يتوقّعها الجيش الإسرائيلي في غزة، أشارت مصادر عسكرية إسرائيلية إلى أن laquo;حماس قد تفاجئ الجيش على غرار حزب الله في حرب لبنان الثانية، وقد يكون لديها أسلحة لا نعرف عنها شيئاًraquo;. وأضاف ضابط إسرائيلي رفيع المستوى إن laquo;حماس ستحاول استخدام أنواع عديدة من الأسلحة والتكتيكات، رغم أننا أعددنا أنفسنا جيداً لمواجهة هذه التهديداتraquo;.

وبحسب الضابط الإسرائيلي laquo;سيكون التحدي الأول أمام الجيش العبوات الموضوعة على جوانب الطرق لضرب الدبّابات والآليات المدرّعة، ويسود اعتقاد بأن حماس قد حفرت الخنادق في العديد من طرقات غزة، ووضعت فيها عبوات كبيرة ثم أعادت تعبيدهاraquo;.

وفي السياق نفسه، لفتت صحيفة laquo;يديعوت أحرونوتraquo; أمس، إلى أن laquo;أحد التقديرات الموجودة في إسرائيل، يتحدث عن مئتي قتيل في حال إقدام الجيش على دخول غزة، الأمر الذي سيغيّر موقف الجمهور الإسرائيلي، الذي يريد عملية كبيرة، لكنه لا يريد أن يرى توابيتraquo;، مشيرةً إلى أن هذا الثمن هو الذي دفع إيهود باراك إلى الحديث عن laquo;الكلفة إزاء الفائدةraquo;، وقال laquo;هل تسوّغ القيمة المضافة لعملية احتلال في غزة، كلفة حياة الجنود، ومكانة إسرائيل في العالم، واستقرار نظم الحكم العربية المعتدلة، وتجديداً ممكناً للإرهاب في القدس والضفة الغربيةraquo;.

خطة الهجوم وضعت في 2006 ودُرّب عليها مرتين

كما كشفت laquo;يديعوت أحرونوتraquo; على لسان كبيري معلقيها ناحوم برنياع وشمعون شيفر أن العدوان العسكري المتواصل على القطاع يسير وفقاً لخطة عسكرية أقرها الجيش الإسرائيلي في العام 2006. وأضافا أن طائرات حربية وقوات مشاة ومدرعات تدربت على الخطة نفسها مرتين، في تموز 2007 وآذار 2008، إلا أن المستوى السياسي تردد في إطلاقها.

وكتبا أن قيادة ما يعرف بالمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي طالبت بأن تبدأ الحرب في الصيف الماضي لتفادي تنفيذها في الشتاء، بداعي أن أحوال الطقس الماطر والغيوم تعيق نشاط الطائرات الحربية والبرية. وأضافا أن laquo;الربط بين خروقات حركة حماس للتهدئة في الأسابيع الماضية وبين بدء الهجوم مبالغ فيهraquo;.

وكشف المعلقان أن قياديين في هيئة أركان الجيش ضغطوا على أولمرت وباراك الثلثاء الماضي لشن عملية برية، إلا أن الأخيرين طلبا التريث لخشيتهما من الثمن الذي قد يكلف إسرائيل. ويبرّر مؤيدو العمل العسكري موقفهم بأنه من دونه laquo;لن تنحني قيادة حماس ولن ننجح في حسم الحربraquo;. لكن المعلّقين أشارا إلى وجهة نظر أخرى تقول إنه إذا كانت laquo;حماسraquo; تتمنى العملية البرية الإسرائيلية إلى هذا الحد، وفقاً لمعلومات استخباراتية لدى إسرائيل، فربما يجدر أن تفكر إسرائيل مرتين قبل شنّها.

وأضاف المعلقان أن المعادلة التي يسير بموجبها الآن صنّاع القرار السياسي تقوم على فحص laquo;الفائدة مقابل الثمنraquo;. وزادا أن الثمن الأول الذي تأخذه إسرائيل في حساباتها هو احتمال مقتل أكثر من مئتي جندي، كما تأخذ في اعتباراتها مكانتها في العالم وإمكان اشتعال الأوضاع في الضفة الغربية والقدس المحتلّتين وتأثير العملية على laquo;دول الاعتدال العربيraquo;.